قصه اسلاميه العودة إلى النور

قصه اسلاميه العودة إلى النور

0 المراجعات

عنوان القصة: العودة إلى النور

في أحد أحياء المدينة القديمة، كان يعيش شاب يُدعى ياسر، عُرف بين الناس بحدة طباعه وسوء خلقه. نشأ في بيئة قاسية، وافتقد التوجيه منذ صغره. كان يقضي أيامه في اللهو والعبث، لا يعرف للصلاة طريقًا، ولا لكتاب الله صوتًا، ولا يقيم وزناً للدين أو للآخرة.

كان يمرّ يوميًا بجانب المسجد الكبير، ولا يرفع بصره إليه، بل كان يسخر من مرتاديه، ويتهكم على المصلين، ويُطلق عليهم الألقاب. ابتعد عنه الناس، وتحاشاه الصالحون، حتى صار منبوذًا في الحي، لا يُحبه أحد ولا يثق به أحد.

وذات مساء، وبينما كان جالسًا على الرصيف يدخّن، سمع صوت إمام المسجد يتلو آية هزّت قلبه لأول مرة:

“قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ”

(الزمر: 53)

توقّف الزمن للحظات. شعر أن الآية كانت تخاطبه، هو بالذات. بقي مكانه ساكنًا، ثم قام وتوجّه إلى بيته متثاقل الخطى. لأول مرة منذ سنوات، يشعر بوخز الضمير، وحنين داخلي لم يعرف له تفسيرًا.

في تلك الليلة، لم يستطع النوم. جلس يفكر في حاله، وتذكّر والدته التي كانت تبكي من أجله، وتدعوه للصلاة، وتبتهل إلى الله أن يهديه. كانت رحمها الله، ترق قلبها كلما رأته غارقًا في الضياع، وتدعو: “اللهم رده إليك ردًا جميلًا”.

أخذ ياسر يتذكّر كلماتها، دموعها، وسجداتها الطويلة. وفجأة، انفجر بالبكاء، شعور غريب اجتاحه، خليط من الندم والخجل والخوف.

مع طلوع الفجر، قرر أن يذهب إلى المسجد. اغتسل، وارتدى ثوبًا نظيفًا، ومشى بخطوات خجولة. دخل المسجد للمرة الأولى منذ سنين، فشعر برهبة المكان، وحنين الروح. جلس في زاوية، وخرّ ساجدًا وهو يبكي.

اقترب منه أحد كبار السن، وجلس بجانبه بصمت. بعد لحظات، قال ياسر بصوت مكسور:

هل يقبلني الله بعد كل هذا؟”

أجابه الرجل بلطف:

من الذي يمنع رحمة الله عن عباده؟ لقد قال تعالى: إن الله يغفر الذنوب جميعًا.”

بدأت رحلة التغيير.

صار ياسر من أوائل من يدخل المسجد، يواظب على الصلوات، ويحضر دروس العلم، ويحفظ القرآن الكريم جزءًا بعد جزء. راح يعتذر لكل من أساء إليه، ويُصلح ما أفسده من علاقات، ويساعد المحتاجين في الحيّ، دون أن يطلب شيئًا في المقابل.

كان الناس في البداية متعجبين، غير مصدقين. هل يُعقل أن يتغير ياسر؟! لكنهم رأوا بعيونهم صدق التوبة، وأثر الإيمان على وجهه، وسمعوا لسانه لا ينطق إلا خيرًا.

مرت سنوات، وتحوّل ياسر إلى رمز للهداية في الحيّ. صار يُعلّم الصغار، يُنظم حلقات الذكر، ويشارك في إصلاح ذات البين. وكلما سُئل عن السبب، قال:

“دعوة من أم صادقة، وآية من كتاب الله، قلبت حياتي كلها.”

وذات ليلة، بعد صلاة العشاء، وقف ياسر أمام المصلين وقال:

“إخوتي، لا تيأسوا من أنفسكم، ولا من غيركم. أنا كنت في الظلام، والآن أعيش في النور. باب التوبة مفتوح، والله لا يرد من رجع إليه صادقًا.”

ثم رفع يده إلى السماء، وقال باكيًا:

اللهم اجعلني سببًا في هداية من ضلّ، كما هديتني بعد ضلال.”

وفي تلك اللحظة، بكى من في المسجد، فقد رأوا في قصته آية، وفي دموعه دعوة، وفي توبته أملًا لكل ضائع.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

2

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة