توبة الصحابي الجليل مالك بن الحويرث

توبة الصحابي الجليل مالك بن الحويرث

0 المراجعات

توبة الصحابي الجليل مالك بن الحويرث

في زمن النبي محمد ﷺ، كانت المدينة المنورة مركز النور والإيمان، حيث تجتمع القلوب على طاعة الله، وتتعلم من خير البشر. ومن بين من أشرق في قلبه نور الهداية، كان شابًّا من قبيلة بني ليث يُدعى مالك بن الحويرث.

كان مالك شابًّا قويّ البنية، مفعمًا بالحيوية، لكنه عاش فترة من حياته بعيدًا عن دين الله، غارقًا في لهو الدنيا. لم يكن يعبد الأصنام، لكنه لم يكن ملتزمًا بعبادة الله كما ينبغي. وكان يسمع من قومه عن رجل بمكة يدعو إلى التوحيد، ويأمر بترك عبادة الأوثان، لكن قلبه لم يتحرك بعد.

وذات يوم، بينما كان في مجلس مع بعض أصدقائه، سمع أحدهم يقول: "يا مالك، أما علمت أن محمدًا ﷺ قد انتشر ذكره في مكة والمدينة؟ إنه يدعو إلى دين الحق، وقد دخل فيه رجال من أشراف العرب." حينها شعر مالك بشيء يطرق قلبه. قرر أن يذهب بنفسه ليرى هذا النبي ويسمع منه مباشرة.

شدّ مالك رحاله مع نفر من قومه متجهين إلى المدينة المنورة. وعندما وصل، كان أول ما رآه وجه النبي ﷺ المشرق، الذي وصفه الصحابة بقولهم: "ما رأيت أحدًا أجمل ولا أطيب منه." شعر مالك وكأن قلبه انجذب بلا مقاومة. جلس يستمع إلى كلمات الرسول ﷺ وهو يتحدث عن الجنة والنار، وعن رحمة الله التي وسعت كل شيء، وعن قيمة التوبة.

بعد أيام قليلة، جاء مالك إلى النبي ﷺ وقال: "يا رسول الله، جئنا نطلب العلم، ونريد أن نتفقه في الدين." فرحب به النبي ﷺ وبأصحابه، وأمرهم أن يمكثوا أيامًا ليتعلموا القرآن وأحكام الصلاة والعبادات. وكان النبي ﷺ يبتسم لهم دائمًا، ويشجعهم على نشر ما تعلموه إذا رجعوا إلى أهلهم.

أقام مالك عند النبي ﷺ عشرين ليلة، يتعلم فيها كيف يصلي، وكيف يقرأ القرآن، وكيف يعامل الناس بالخير. وفي إحدى الليالي، رآه النبي ﷺ يشتاق إلى أهله، فقال له: "ارجعوا إلى أهليكم، فَصَلّوا معهم، وعلّموهم." فكانت تلك الكلمات نقطة تحول في حياته.

عاد مالك إلى قبيلته، لكنه عاد هذه المرة قلبه مليء بالإيمان، ولسانه يلهج بالقرآن. صار يعلم الصغار والكبار كيف يصلون، ويروي لهم أحاديث النبي ﷺ. وكان دائمًا يذكر لهم أن الدين ليس فقط طقوسًا، بل هو أخلاق ورحمة وعدل.

مرت السنوات، وأصبح مالك بن الحويرث من الدعاة الذين اهتدى على أيديهم كثير من الناس. وكان كلما ذكر أيامه مع النبي ﷺ، اغرورقت عيناه بالدموع، ويقول: "والله ما رأيت معلمًا أرحم من رسول الله."

قصة مالك تعلمنا أن الهداية قد تأتي في لحظة، وأن لقاءً واحدًا مع أهل الحق قد يغير مجرى الحياة بأكملها. كما تذكرنا أن نشر العلم عبادة، وأن العودة إلى الأهل والأوطان لنشر الخير من أعظم القربات عند الله.

الدروس المستفادة من قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه:

الإخلاص في البحث عن الحق
سلمان ترك وطنه وراحته وماله، ولم يتوقف عن البحث حتى وجد الدين الحق، مما يعلمنا أن طلب الحقيقة يحتاج عزيمة وإصرار.

الصبر على الابتلاء
تعرض سلمان للأسر والعبودية والجوع والمشقة، لكنه لم يتراجع عن هدفه، فالصبر مفتاح للوصول إلى الغايات العظيمة.

التجرد من العصبية الدينية أو القبلية
لم يتعصب سلمان لدين آبائه أو لقومه، بل كان مستعدًا لترك كل شيء إذا تبيّن له أنه باطل.

أهمية طلب العلم من أهله
سلمان كان ينتقل من عالم إلى آخر يتعلم منه، حتى وصل إلى من يبشره بالنبي ﷺ، وهذا يعلّمنا أن نأخذ العلم من مصادره الموثوقة.

البشارة بقدوم النبي محمد ﷺ في الكتب السابقة
القصة تؤكد أن الإسلام كان مذكورًا في الرسالات السابقة، مما يزيد من قوة الإيمان بصدق الرسالة.

الرضا بقضاء الله وقدره
رغم ما مرّ به من محن، كان سلمان راضيًا بقضاء الله، لأنه كان واثقًا أن الله سيهديه في النهاية.

فضل الصحابة ومكانتهم
سلمان أصبح من كبار الصحابة بعد أن كان عبدًا، مما يبيّن أن الإسلام يرفع قدر الإنسان بالتقوى لا بالنسب أو المال.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

0

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة