هل هاروت وماروت علَّما السحر فعلًا؟ ،وهل كانا ابتلاء وفتنة

هل هاروت وماروت علَّما السحر فعلًا؟ ،وهل كانا ابتلاء وفتنة

3 المراجعات

 

قصة هاروت وماروت من أعجب ما ورد في القرآن الكريم، وقد ذكرها الله تعالى في سورة البقرة عند الحديث عن السحر الذي انتشر بين اليهود في بابل. هذه القصة القصيرة في ظاهرها، الكبيرة في معانيها، أثارت تساؤلات عديدة: هل يُعقل أن يعلِّم الملائكة السحر؟ وكيف يكون ذلك وهم معصومون؟ وما الحكمة من إنزال الله لهما؟ في هذا المقال، سنكشف أبعاد القصة، ونوضح حقيقة دور هاروت وماروت، ونتعلم الدروس العظيمة التي تحملها هذه الآية الكريمة.

نعم، هاروت وماروت علَّما السحر لكن مع التحذير

الآية تقول بوضوح:"وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ". أي أن التعليم كان ابتلاءً من الله، ولم يكن دعوة إلى الكفر. بل كانا يحذّران كل من يقترب منهما قائلين: لا تكفر. فمن أصر وتعلّم للعمل به فقد اختار طريق الضلال.

 

القصة في القرآن الكريم

لم ترد تفاصيل كثيرة عن القصة، وإنما جاءت الآية لتفضح ما كان يفعله اليهود من اتباع السحر والشياطين، وتركهم لكتاب الله. فقد استبدلوا الهداية بالسحر، والحق بالباطل، فكان جزاؤهم الخسران.

مفهوم السحر في الإسلام

السحر في الإسلام ليس مجرد خيال أو خداع بصري، بل يشمل الاستعانة بالشياطين لإحداث الأذى بين الناس، كالتفريق بين المرء وزوجه. ولذلك عدَّه القرآن كفرًا لأنه يقوم على الاعتماد على الشياطين وترك التوكل على الله.

 

أقوال المفسرين

الطبري: يرى أن الله أنزل الملكين ليعلّما الناس حقيقة السحر ويحذّراهم منه، وليُميَّز المطيع من العاصي.

ابن كثير: يوضح أن التعليم لم يكن مطلقًا، بل مقرونًا بالتحذير الدائم، وأن من تعلمه ليعرف حقيقته دون عمله فلا حرج، أما من استعمله فقد كفر.

القرطبي: شدّد على أن الملائكة لا تعصي الله، وأن دورهما كان ابتلاءً بإذن الله، لا معصية ولا مخالفة.

الحكمة من القصة

التحذير من السحر: فهو من كبائر الذنوب وقد يجر إلى الكفر.

اختبار القلوب: من يتقي الله يبتعد، ومن يتبع هواه يقع في الفتنة.

بيان أن العلم سلاح ذو حدين: قد يكون نعمة إن استُخدم في الخير، أو نقمة إن وُجِّه للشر.

إظهار عجز الشياطين: فهم لا ينفعون ولا يضرون إلا بإذن الله.

لماذا نسب القرآن القصة إلى الملائكة؟

قد يظن البعض أن في القصة اتهامًا للملائكة، لكن الحقيقة أنها إظهار لعظمة الابتلاء. فالملائكة كانوا ينفذون أمر الله، يحذرون الناس ويقولون لهم: لا تكفروا. فمن أطاع سلم، ومن عصى هلك.

أسئلة شائعة حول هاروت وماروت

هل كانا ملكين أم بشرًا صالحين؟
الجمهور على أنهما ملكان أنزلهما الله، وقلة من المفسرين قالت إنهما كانا رجلين صالحين، لكن الصحيح أنهما ملائكة.

هل تعلم السحر دائمًا حرام؟
إذا كان للتجربة والعمل به فهو كفر وحرام. أما إذا كان للتمييز والرد على السحرة، فقد أجاز بعض العلماء ذلك بشروط صارمة.

هل يمكن أن تعصي الملائكة الله؟
لا، الملائكة معصومون من المعصية. وما فعله هاروت وماروت كان تنفيذًا لأمر الله لا مخالفة له.

خاتمة

قصة هاروت وماروت ليست مجرد حكاية تاريخية، بل هي عِبرة عظيمة للمؤمنين. إنها تدعونا إلى التمسك بكتاب الله وسنة نبيه، والاعتصام بالله من شرور النفس ومكائد الشيطان. فالسحر فتنة عظيمة، والنجاة منها في تجنب أسبابها والالتجاء إلى الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَعَلَّمَ شَيْئًا مِنَ السِّحْرِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، فَقَدْ كَفَرَ" (رواه أحمد). فاحذر أيها المسلم أن تقدم على هذه الهاوية، واعلم أن السلامة في الإيمان والتقوى.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

7

متابعهم

14

متابعهم

0

مقالات مشابة