
نبي الرحمة وسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
نبدأ بالصلاة على سيدي وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حينما يتحدث التاريخ عن العظماء، تبقى أسماء كثيرة في الذاكرة، لكن يظل اسم واحد يسطع بنور لا يزول، إنه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الرجل الذي غيّر مجرى الإنسانية من الظلام إلى النور.
ووُلد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل بمكة المكرمة، ونشأ يتيم الأب والأم. ورغم قسوة الظروف، اشتهر بين قومه بالصدق والأمانة حتى لقبوه بـ الصادق الأمين (ابن هشام، السيرة النبوية).
الرسالة والدعوة 📖
حين بلغ النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأربعين من عمره، نزل عليه الوحي لأول مرة في غار حراء، حيث جاءه جبريل عليه السلام بأمر الله تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق" [العلق:1]. وكانت هذه اللحظة بداية عهد جديد للبشرية، إذ اصطفاه الله ليكون خاتم الأنبياء، ويهدي الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد.
في السنوات الثلاث الأولى، كانت الدعوة سرية بين أقاربه وأصحابه المقرّبين. آمن به القليلون مثل خديجة رضي الله عنها، وأبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة. ثم جاء الأمر الإلهي: "وأنذر عشيرتك الأقربين" [الشعراء:214]، فبدأت الدعوة العلنية، وهنا اشتدت معارضة قريش التي رأت في رسالته تهديدًا لمكانتها التجارية والدينية.
تحمل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته صنوف الأذى والتعذيب. يقول ابن هشام في السيرة النبوية إن المشركين حاولوا بكل الطرق إيقاف دعوته، من السخرية إلى المقاطعة والحصار في شعب أبي طالب. ومع ذلك ظل ثابتًا، صابرًا محتسبًا، يردد قول الله تعالى: "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين" [الحجر:94].
لم يكن هدف الدعوة مجرد تغيير العقيدة، بل أيضًا إصلاح المجتمع. فقد دعا الإسلام إلى المساواة والعدل، وإلى رفع مكانة المرأة، وإلى نصرة الضعفاء. ويشير الباحث مونتغمري وات في كتابه محمد في مكة إلى أن رسالة النبي أحدثت تحولًا اجتماعيًا عميقًا في بنية المجتمع العربي.
بعد أكثر من عشر سنوات من الصبر في مكة، جاء الإذن بالهجرة إلى المدينة المنورة. هناك أسس صلى الله عليه وسلم أول مجتمع إسلامي منظم، وجعل وثيقة المدينة دستورًا ينظم العلاقة بين المسلمين واليهود وغيرهم. ويرى المؤرخ برنارد لويس أن هذه الوثيقة مثلت نقلة نوعية في مفهوم المواطنة والعيش المشترك في العالم القديم.
ومن المدينة، امتدت رسالة الإسلام إلى القبائل والممالك الأخرى عبر المراسلات والسفراء. لم تكن الغاية الغزو أو السيطرة، بل إيصال نور الهداية. ولذا وصفه الله تعالى بقوله: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" [الأنبياء:107].
إن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن مجرد دعوة دينية، بل مشروع حضاري شامل، جمع بين الإيمان العميق والأخلاق الرفيعة والتنظيم الاجتماعي والسياسي. ولهذا وصف المؤرخ مايكل هارت النبي بقوله: "محمد هو الشخصية الوحيدة في التاريخ التي نجحت نجاحًا مطلقًا على المستويين الديني والدنيوي" (الخالدون مئة).

اما عن أخلاقه العظيمة
كان النبي صلى الله عليه وسلم نموذجًا للرحمة اخلاق القراءن خلقه، فقد وصفه الله تعالى في القرآن الكريم: "وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين" [الأنبياء:107]. وكان رحيمًا حتى مع أعدائه، فعفا عنهم يوم فتح مكة قائلًا: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.
ولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم قائدًا روحيًا فقط، بل كان مُصلحًا اجتماعيًا وعدلاً سياسيًا، وضع دستورًا للمدينة جمع بين الأديان والأعراق. ويقول المؤرخ مايكل هارت في كتابه الخالدون مئة: "محمد هو أعظم شخصية أثرت في تاريخ البشرية".
إن الحديث عن سيد الخلق لا تفيه الكلمات حقه، فهو قدوة للبشرية في كل زمان ومكان، وسيبقى نوره يضيء دروب المؤمنين إلى يوم الدين.