
"كيف تصنع مجتمعاً فاضلاً؟.. بر الوالدين والاخلاق و الاحسان في الميزان الإسلامي"

بر الوالدين والأخلاق والإحسان: أسس بناء المجتمعات في الإسلام
الإسلام يشمل جميع جوانب الحياة، ويضع ضوابطَ للعلاقات بين الأشخاص وبعضهم البعض، وبين العبد وربه. وأعظم ما اهتم به الإسلام بناء المجتمع المتكافل المتساند، الذي يقوم على أساس متين من القيم والأخلاق. في هذا المقال، سنتناول ثلاثة أركان أساسية في بناء الشخصية الإسلامية والمسلم: برّ الوالدين، والأخلاق، والإحسان.
---
بر الوالدين: الطريق إلى الجنة
بر الوالدين هو من أعظم الطاعات وأجل القربات عند الله. لقد قرن الله سبحانه وتعالى حقه في كثير من الآيات، فقال: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" (سورة الإسراء: 23). هذه الآية تضع الإحسان إلى والديها في منزلة تلي عبادة الله مباشرة.
والبر لا أساس له من الطاعة، بل يشمل حسن الصحابة، والقول اللين، والتخفيف عنهما، والدعاء لهما في الحياة وبعد الامهات. إنه استثمار عظيم لا ينقطع أجره حتى بعد وفاة الإنسان، كما في الحديث: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: ... وََلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». فبر الوالدين هو أساس صلاح الأبناء واستمرار الأجر في الحياة وبعد الامهات.
---
الأخلاق: جوهر الرسالة المحمدية
لم يبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلام مكارم الأخلاق، فقال: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ". فالأخلاق هي الإطار الذي يحكم تعامل المسلم مع الجميع من حوله. هي ليست مجرد كلام طيب، بل هي التحكم اليومي الذي يترجم الإيمان إلى واقع ملموس.
الأمانة، الصدق، التواضع، الصبر، الوفاء بالعهد، كلها قيمٌ يأتي بها المسلم الخير لنفسه ومجتمعه. والأخلاق الحسنة سببٌ في محبة الله ومحبة الناس، وسببٌ في رفع الدرجات في الآخرين. بل إنها من أثقل الأشياء في الميزان يوم القيامة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
---
الإحسان: أن تعبد الله مختلفك تراه
الإحسان هو أعلى مراتب الدين، وهو أن عبد الله يطرحك تراه، فإن لم تكن تراه يمكن أن يراك. هذا التصميم النموذجي لا يأخذ على عاتقه العبادات المحضة، بل يمتد ليشمل كل فعل يقوم به الإنسان في الحياة.
الإحسان في العمل: إتقانه وإكماله على أفضل وجه.
الإحسان إلى الجار: مساعدته وكف الأذى عنه.
الإحسان إلى الحيوان:بالرفق به وإطعامه.
بل والإحسان حتى من أساء إليك، بمقابل الإساءة بالإحسان، هذا من شيم النفوس الذهبية التي تسمو بأخلاقها. يقول: "وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (سورة البقرة: 195).
---
ثلاثية: من البيت إلى المجتمع
هذه القيم الثلاث – بر الديني، والأخلاق، والإحسان – ليست محتلة، بل هي مستقلة في سلسلة واحدة تتبني الإنسان الصالح.
فالبيت الذي يتربى فيه الأبناء على بر الوالدين هم بيئة خصبة لتنشئة بشرية سليمة.
والأخلاق الحسنة هي الوقود الذي يدفع الإنسان إلى الإحسان في كل شيء.
والإحسان هو الثمرة الطبيعية للإيمان القويم والأخلاق الراسخة.
هؤلاء الثلاثة الرائعون مجتمعًا متعاونون، قويون، يتعاطفون مع أعضاءه ويتعاونون، فقل فيه المواهب الاجتماعية، ويعم فيه الخير والاسترخاء، وهو بالضبط ما يحتاجه أي مجتمع لتحقيق التميز المادي والأخلاقي.
---
خاتمة: استثمر لا يفنى
وفي النهاية، فإن الالتزام بهذه القيم هو أعظم استثمار يمكن أن يبدأ منه في الدنيا تمامًا. إنه استثمار يضمن رضا ربه، ويكسب محبة الناس، ويبني مجتمعًا قادرًا على التقدم والتقدم في جميع المجالات، بما في ذلك المجال الاقتصادي. فالمجتمع الأخلاقي هو المنتج المجتمع، الأمين، المستقر، وهو البيئة المثلى للازدهار المعتدل..