
الخلفاء الراشدين المهديين
الخلفاء الراشدين
شهد التاريخ الإسلامي بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فترة هي الأزهى والأكثر نقاءً في تطبيق مبادئ الشريعة، وهي فترة الخلافة الراشدة. هذه المرحلة، التي امتدت لنحو ثلاثين عامًا (11هـ - 41هـ / 632م - 661م)، قادها أربعة من أكابر الصحابة الذين وصفهم النبي بقوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".
من هم الخلفاء الراشدون؟
الخلفاء الراشدون هم القادة الذين تولوا قيادة الأمة الإسلامية بعد النبي صلى الله عليه وسلم، واتسم حكمهم بالعدل، والزهد، وتطبيق الشورى، وهم بالترتيب:
- أبو بكر الصديق (عبد الله بن أبي قحافة): (مدة الحكم: سنتان وثلاثة أشهر تقريباً).
- عمر بن الخطاب الفاروق: (مدة الحكم: عشر سنوات وستة أشهر تقريباً).
- عثمان بن عفان ذو النورين: (مدة الحكم: اثنا عشر عاماً تقريباً).
- علي بن أبي طالب: (مدة الحكم: أربع سنوات وتسعة أشهر تقريباً).
الإنجازات المؤسسية الكبرى في عهدهم
لم تكن فترة الخلافة الراشدة مجرد امتداد سياسي، بل كانت فترة تأسيس فعلي لدولة عالمية، حيث أرسى هؤلاء القادة أعظم الأركان:
1. حفظ النص القرآني وتوحيده
- في عهد أبي بكر الصديق: بعد استشهاد عدد كبير من حفظة القرآن في حروب الردة، أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر بجمع القرآن الكريم في مصحف واحد، وتم تكليف زيد بن ثابت بهذه المهمة العظيمة.
- في عهد عثمان بن عفان: عندما اتسعت الفتوحات واختلط العرب بغيرهم واختلفت القراءات، قام عثمان بتوحيد الأمة على مصحف واحد يُعرف بـ المصحف الإمام، ونسخ منه عدة نسخ أرسلها إلى الأمصار الرئيسية.
2. التنظيم الإداري للدولة (في عهد عمر بن الخطاب)
مع التوسع الهائل للدولة، برزت عبقرية عمر بن الخطاب في التنظيم الإداري:
- إنشاء الدواوين: أنشأ دواوين لتنظيم شؤون الدولة المالية والعسكرية، مثل:
- ديوان الجند: لتسجيل أسماء الجنود والمقاتلين وتحديد أرزاقهم.
- ديوان الخراج والعطاء: لتنظيم الموارد المالية وتوزيعها على مستحقيها.
- وضع التاريخ الهجري: اعتمد التاريخ الهجري ليكون نظامًا موحدًا للدولة الإسلامية.
- تأسيس المدن: أمر بتأسيس مدن جديدة في البلاد المفتوحة، مثل البصرة والكوفة في العراق، والفسطاط في مصر، لتكون مراكز إدارية وعسكرية.
3. الفتوحات الكبرى ونشر العدل
شهد هذا العصر أسرع توسع جغرافي في التاريخ، حيث سقطت إمبراطورية الفرس بالكامل، واقتطعت أجزاء واسعة من الإمبراطورية البيزنطية.
- تم فتح العراق وبلاد الشام في عهد أبي بكر وعمر.
- تم فتح القدس ودخول مصر في عهد عمر.
- تم فتح أجزاء من شمال أفريقيا في عهد عثمان.
- الأسطول البحري: أنشأ عثمان بن عفان أول أسطول بحري إسلامي، ما مكن المسلمين من خوض المعارك البحرية والسيطرة على بعض جزر البحر المتوسط.
الخصائص الأخلاقية لحكمهم
لم يكن حكم الخلفاء الراشدين مجرد إدارة سياسية، بل كان خلافة نبوة، اتسمت بـ:
- العدل المطلق: كان عمر الفاروق رمزًا للعدل، حيث كان لا يفرق بين الحاكم والمحكوم، وكان يقول: "والله لو مات جمل ضياعاً على شط الفرات، لخشيت أن يسألني الله عنه".
- الزهد والتواضع: عاشوا حياة بسيطة رغم اتساع دولتهم وثروتها، فكانوا لا يركبون الخيل الفارهة ولا يلبسون الثياب الغالية.
- الشورى: كانوا لا ينفردون بالرأي، بل يستشيرون كبار الصحابة في النوازل والأمور الهامة، مما جعل قراراتهم أكثر حكمة وتوافقاً.
- الخاتمة
لقد شكلت فترة الخلفاء الراشدين نموذجاً فريداً للحكم العادل والرشيد، ويظلوا، بفضل سيرتهم العطرة وإنجازاتهم المؤسسية، نجومًا يُهتدى بهم في التاريخ الإسلامي.ا
لي هنا انتهت مقالتنا ولكن لم ينتهي الحديث عن صحابه رسوال الله صلى الله عليه وسلم