السيره النبويه كامله

السيره النبويه كامله

Rating 0 out of 5.
0 reviews

السيره النبويه كامله في زمن بعيد قبل أكتر من ألف وأربعمية سنة، كانت الدنيا مليانة ظُلم وجهل وناس تايهة عن طريق ربنا، الناس كانت بتعبد الأصنام اللي بيعملوها بإيديهم ويسيبو الإله الحقيقي اللي خلق السما والأرض، وكانت مكة في الوقت ده أهم مدينة في الجزيرة العربية لأنها فيها الكعبة اللي بناها سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، واللي الناس كانت بتيجي من كل حتة تحج عندها حتى لو عبادتهم كانت فاسدة. وسط الزحمة دي، كان في قبيلة اسمها قريش، القبيلة دي كانت ليها مكانة كبيرة، والناس كلها بتحترمها لأنها أهل الحرم، وكان كبيرهم في الوقت ده راجل اسمه عبدالمطلب بن هاشم، راجل عاقل حكيم وهيبته كبيرة بين العرب، وكان معروف بحفره لبئر زمزم بعد ما كانت اتردمت من سنين طويلة. عبدالمطلب كان عنده ابن جميل الخَلق والخُلق اسمه عبدالله، وكان من أطهر شباب مكة وأنقاهم، اتجوز من بنت طيبة اسمها آمنة بنت وهب، بنت عيلة شريفة ومحترمة، وفضلوا متجوزين فترة قصيرة قبل ما عبدالله يسافر في تجارة للشام وهو لسه عريس جديد وآمنة كانت حامل في أول شهور الحمل، لكن عبدالله تعب في الطريق ومات هناك، واندفن في المدينة المنوّرة اللي كانت ساعتها اسمها يثرب، وآمنة فضلت لوحدها حاملة في طفلها وهي مش عارفة إن الطفل ده هيبقى سبب نور الدنيا كلها.

مرت الشهور لحد ما جه اليوم اللي النور كله نزل فيه، الليلة اللي اتولد فيها سيدنا محمد ﷺ، كانت ليلة غير كل الليالي، ليلة اتغير فيها حال الدنيا من ظلمة لنور، اتولد فيها خير البشر يوم الاتنين اتناشر ربيع الأول في عام الفيل، السنة اللي أبرهة جه فيها بجيشه علشان يهدم الكعبة وربنا حماه من غير قتال، الليلة دي آمنة شافت رؤيا عجيبة ونور خرج منها أنار قصور الشام، والناس كانت بتحكي إن مع ولادته حصلت حوادث غريبة زي انطفاء نار المجوس بعد ما كانت مولعة ألف سنة، ونشفان بحيرة ساوة، وانشقاق بعض قصور كسرى، كأن العالم كله بيقول إن في نبي جه الدنيا. لما اتولد النبي ﷺ، آمنة بَصّت له وشافت فيه نور ووقار غريب على طفل لسه مولود، وسمّاه جده عبدالمطلب "محمد"، والناس استغربت الاسم لأنه ماكانش منتشر، فسألوه ليه سمّيته كده؟ فقال: “أردت أن يُحمَد في السماء والأرض.”

النبي ﷺ اتولد يتيم الأب، وأمه كانت بتحبه حب كبير، لكن عادة العرب وقتها إنهم يبعثوا الأطفال للبادية علشان يرضعوا ويتربّوا في هواء نقي ويتعلموا الفصاحة، فجات ست طيبة اسمها حليمة السعدية من قبيلة بني سعد، كانت ست فقيرة وما لقيتش طفل تاخده لأنها كانت بتدور على طفل غني علشان تاخد أجر كويس من أهله، ففضل النبي لوحده محدش رضى ياخده، فقالت حليمة: "هاخده يمكن ربنا يباركلي بيه"، ومن أول لحظة خدته، البركة دخلت بيتها، جملها اللي كان ضعيف بقى يجري بسرعة، ولبنها زاد، والدنيا بقت كلها خير. كانت دايمًا تقول: "ما نعرفش هو طفل ولا بركة ماشية على الأرض." النبي ﷺ كبر في بادية بني سعد وكان دايمًا هادي، مبتسم، ما بيعيطش كتير زي الأطفال التانيين، وكان محبوب من الكل.

وفي يوم وهو عنده حوالي أربع سنين، حصلت له حادثة غريبة جدًا، كان بيلعب مع الأطفال، وفجأة جُم اتنين لابسين أبيض، شقّوا صدره وغسلوا قلبه بمية زمزم وشالوا منه حاجة سودا وقالوا: "ده حظ الشيطان منك"، وبعدها رجعوا صدره زي ما كان، الأطفال جريوا خايفين وقالوا لحليمة، فخافت جدًا ورجعته لأمه آمنة في مكة. عاش النبي ﷺ مع أمه فترة صغيرة، ولما بقى عنده ست سنين، قررت تزور قبر جوزها عبدالله في المدينة، وخدت معاها النبي ﷺ وخادمتها أم أيمن، وقعدوا هناك شهر، لكن وهما راجعين مرضت آمنة في الطريق وماتت في مكان اسمه الأبواء، والنبي ﷺ وقف طفل صغير بيودّع أمه وهو مش فاهم ليه الدنيا كلها بتسيبه واحدة واحدة، بقى يتيم الأب والأم وهو لسه طفل.

رجع النبي ﷺ مع أم أيمن لمكة وراح يعيش مع جده عبدالمطلب اللي كان بيحبه جدًا، وكان دايمًا يخليه يقعد معاه على الفراش اللي محدش من ولاده بيقعد عليه، وكان يقول: "إن لابني هذا شأنًا عظيمًا." لكن لما النبي بقى عنده تمن سنين، عبدالمطلب مات كمان، فانتقل النبي يعيش مع عمه أبو طالب، الراجل الطيب اللي كان بيحبه كأنه ابنه، وكان بيحميه وبيخاف عليه جدًا رغم إنه ماكانش غني. كبر النبي ﷺ في بيت بسيط لكنه مليان محبة، وكان من صغره معروف بين الناس إنه صادق وأمين، محدش شافه بيكدب أو بيأذي حد، وكان دايمًا بيساعد الغلابة، يحب الخير، ويرحم الحيوانات، ويكره الظلم.

ولما بقى عنده حوالي 12 سنة، راح مع عمه أبو طالب في رحلة تجارة للشام، وهناك حصلت واقعة مع راهب اسمه بحيرى، الراهب شاف النبي ﷺ وقال لأبو طالب: "الولد ده مش عادي، ده نبي آخر الزمان، خده وارجع بيه مكة، خاف عليه من أعدائه." ففعلاً أبو طالب رجع بيه. رجع النبي ﷺ لمكة وكبر، وبدأ يشتغل، اشتغل راعي غنم زي أغلب الأنبياء، وده علّمه الصبر والرحمة، وبعد كده اشتغل في التجارة وكان دايمًا ناجح وأمين، لدرجة إن الناس لقّبوه بالصادق الأمين.

وسمعَت عنه ست غنية اسمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، كانت تاجرة كبيرة في مكة، فبعتت له علشان يتاجر ببضاعتها، وفعلاً وافق وسافر بتجارتها ومعاه غلامها ميسرة، وهناك ميسرة شاف حاجات غريبة: السحاب كان بيظلله من الشمس، والناس بتحترمه وبتثق فيه، والتجارة كسبت أضعاف ما كانوا متوقعين. لما رجعوا، خديجة سمعت من ميسرة كل اللي شافه، وأُعجبت بيه جدًا، بحُسن خلقه وأمانته، ففكرت تتجوزه، وفعلاً اتجوزوه وهو عنده 25 سنة وهي 40، وكان زواج مليان سكينة ورحمة، بيتهم كان كله طُهر وهدوء، وربنا رزقهم بأبناء، وكان بيحبها جدًا ويقول: “رزقني الله حبها.”

مرت السنين والنبي ﷺ كان شايف حوالينه الناس غارقة في عبادة الأصنام والظلم والفساد، قلبه كان دايمًا مش مرتاح، فكان يحب يبعد عن الناس ويقعد لوحده في مكان اسمه غار حراء، فوق جبل قريب من مكة، هناك كان بيقعد يتأمل في السما والنجوم، يفكر في الخلق، ويحس إن في حاجة كبيرة جاية، حاجة هتناديه من فوق. وفعلاً، في ليلة من ليالي رمضان، والكون كله هادي، حصل الحدث اللي غيّر وجه الدنيا، وهو قاعد في الغار، ظهر له ملك عظيم، جبريل عليه السلام، وقال له: "اقرأ." النبي ﷺ اتخض وقال: "ما أنا بقارئ." ضمّه جبريل عليه السلام وقال تاني: "اقرأ." فرد تاني: "ما أنا بقارئ." وفي التالتة قال له: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم." كانت دي أول آيات نزلت من القرآن الكريم، وأول لحظة من لحظات النبوة.

النبي ﷺ رجع من الغار وهو مرعوب، جسمه بيرتعش، نازل بسرعة على بيته، وقال لخديجة: "زمّلوني زمّلوني"، غطّته وهي بتسأله في إيه، حكى لها اللي حصل، وهي بكل هدوء وثقة قالت له: "والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتعين على نوائب الحق." وراحت بيه لابن عمها ورقة بن نوفل، وكان راجل كبير بيقرأ التوراة والإنجيل، ولما سمع الكلام قال له: "ده الناموس اللي نزل على موسى، يا ليتني فيها جذعًا إذ يخرجك قومك." النبي استغرب وقال: "أو مخرجيَّ هم؟" فقال: “نعم، ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عُودي.”

وبعدها بدأ الوحي ينزل تاني وقال له ربنا: "يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبّر، وثيابك فطهّر، والرجز فاهجر." ومن اللحظة دي بدأت الدعوة، في الأول كانت سرية علشان يحمي المؤمنين، وآمنت بيه السيدة خديجة أول واحدة، وبعدها أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وبعدهم ناس كتير من الصحابة، وكانوا بيجتمعوا في دار الأرقم بن أبي الأرقم يتعلموا القرآن ويصلّوا سرًا.

فضلت الدعوة السرية حوالي تلات سنين، وبعدها ربنا أمره يعلن الدعوة، فجمع أهله وقال لهم إنه رسول من عند الله، وإنه جاي يدعوهم للتوحيد وترك عبادة الأصنام، لكن أغلبهم رفض، وبدأت السخرية والعداوة، وقالوا عليه ساحر وشاعر ومجنون، لكنه كان صابر، يقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون." وبدأت قريش تعذّب المسلمين، خصوصًا الضعفاء زي بلال بن رباح وسمية وياسر اللي ماتوا من التعذيب، والنبي ﷺ كان قلبه بيتقطع عليهم لكنه صابر ومؤمن إن ربنا هينصره.

قريش حاولت توقف الدعوة بكل طريقة، لكن الإسلام بدأ ينتشر، والنبي ﷺ كان دايمًا قدوة في الصبر والأمانة، ومع مرور الوقت بدأت المعجزات تظهر، زي انشقاق القمر لما طلبوا منه آية، وانشقّ فعلاً نصين، لكنهم برضه ما آمنوش. ومع كل الصعوبات دي، الدعوة كانت بتكبر يوم بعد يوم، والنبي ﷺ كان بيقول دايمًا: "أرحنا بها يا بلال"، يعني بالصلاة، لأن الصلاة كانت راحته من هموم الدنيا كلها.من بعد ما النبي ﷺ أعلن الدعوة في مكة، الدنيا اتقلبت عليه، قريش بدأت تعتبره خطر على نفوذها، لأن عبادة الأصنام كانت مصدر رزقهم وهيبتهم، فمش قادرين يستوعبوا إن في واحد بيقولهم إن مفيش غير إله واحد، لا صنم ولا حجر ولا شريك، فابتدوا يسخروا منه، ويؤذوه بالكلمة وبالفعل، لكن هو كان صابر، ما بيردش الإساءة بالإساءة، دايمًا يقول: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.” واللي زاد قريش غيظ إن في ناس كتير بدأت تدخل الإسلام، خصوصًا الشباب والغلابة، اللي كانوا أول مرة يسمعوا حد يقول إن كل الناس سواسية قدام ربنا، مفيش غني ولا فقير، مفيش سيد ولا عبد.

أبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان وغيرهم كانوا أكتر الناس اللي بيكرهوا النبي ﷺ، أبو لهب ده كان عمه، لكنه من أول لحظة أعلن العداء، لدرجة إن ربنا أنزل فيه سورة كاملة: “تبت يدا أبي لهب وتب”، ومراته كانت بتأذيه هي كمان، كانت بتحط الشوك في طريقه، وتقول عليه كلام وحش، لكنه ما كانش يرد، كان دايمًا ثابت وهادي. أما أبو جهل فكان بيتفنن في إهانته، وبيمنع الناس يسمعوا منه، بس ربنا كان معاه، وكل يوم يزيد عدد المؤمنين سرًا.

وكان من بين اللي أسلموا في الوقت ده ناس كبار زي عمر بن الخطاب اللي كان في الأول من أشد الناس على المسلمين، لحد ما ربنا فتح قلبه، فدخل الإسلام ووقف يقول لقريش: “من أراد أن تثكله أمه فليلقني خلف هذا الوادي!”، فكانت ضربة قوية لقريش، لأن عمر كان معروف بقوته وهيبته. قبله كمان أسلم حمزة بن عبدالمطلب، عم النبي، بعد ما سمع إن أبو جهل شتم النبي، فراحله وضربه بالقوس وقال: “أتشتمه وأنا على دينه؟!”، ومن ساعتها بقى الإسلام ليه قوة وهيبة في مكة.

لكن برغم كده، التعذيب للمسلمين استمر، كانوا بيربطوا الصحابة في الشمس، ويضربوهم بالسياط، ويحطوا الصخور على صدورهم، زي ما حصل مع بلال بن رباح اللي كانوا بيعذبوه ويقولوله: “ارجع عن دينك”، وهو يرد بكل ثبات: “أحدٌ أحد.”، لحد ما اشتراه سيدنا أبو بكر وحرره لله. واللي حصل مع ياسر وسمية وعمّار، كان مؤلم جدًا، ماتت سمية أول شهيدة في الإسلام، والنبي كان بيقول لهم: “صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة.”

الأذى بقى صعب جدًا، والنبي ﷺ شاف إن أصحابه مش قادرين يتحملوا أكتر من كده، فقال لهم يهاجروا للحبشة لأن فيها ملك عادل اسمه النجاشي، ما بيظلمش حد، وفعلاً خرجوا في هجرة صغيرة سرًا، وقريش لما عرفت بعتت ناس علشان يرجعوهم، لكن النجاشي لما سمع كلام جعفر بن أبي طالب عن الإسلام والقرآن، دمعت عينه وقال: “والله إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة.” ورفض يسلمهم لقريش.

وبعد فترة، قريش ضاقت أكتر، فقررت تعمل مقاطعة لبني هاشم وبني المطلب، علشان يجبروا النبي يتنازل، كتبوا وثيقة ظالمة وعلقوها جوه الكعبة، يقاطعوا كل اللي مع النبي، لا بيع ولا زواج ولا كلام، فاضطروا يعيشوا في شعب أبي طالب تلات سنين كاملة، كانوا بيجوعوا، يسمعوا عياط الأطفال من شدة الجوع، والنبي كان بيصبرهم، ويقولهم إن ربنا معاهم، لحد ما ربنا بعت سوسة أكلت الورقة اللي فيها الظلم كله، وسابت بس اسم “الله”، فخرجوا من الحصار بعد تلات سنين، بس كانت السنين دي صعبة جدًا.

وبعدها حصلت سنة سماها النبي ﷺ "عام الحزن"، لأنه فقد فيها اتنين من أغلى الناس عليه: زوجته السيدة خديجة اللي كانت سنده وحنانه، وعمه أبو طالب اللي كان بيحميه من أذى قريش، فبقى وحيد من غيرهم، لا حماية ولا حضن ولا سند، والدنيا ضاقت عليه جدًا. ومع كده، ما فقدش أمله في ربنا، وقرر يخرج من مكة يدعو الناس في الطائف، يمكن يلاقوا قلوب رحيمة هناك، لكن اللي حصل كان موجع جدًا، أهل الطائف سخروا منه ورموا عليه الحجارة لحد ما دمه سال من رجله، وقعد تحت شجرة وقال الدعاء اللي بيهتز له القلب: “اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟” الدموع نزلت، وربنا بعت له جبريل ومعاه ملك الجبال وقال له: “لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين”، لكنه قال: “لا، لعل الله يُخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده.”

بعدها رجع مكة مكسور الجسد لكنه قوي القلب، وربنا عوضه بمعجزة عظيمة جدًا، معجزة الإسراء والمعراج، اللي فيها أخده جبريل من مكة لبيت المقدس في فلسطين على دابة اسمها البُراق، وهناك صلى بالأنبياء كلهم، وبعدها طلع بيه للسماوات السبع، وشاف فيها أنوار عظيمة، وشاف الأنبياء زي آدم وموسى وعيسى وإبراهيم، وشاف الجنة والنار، واتفرضت عليه الصلاة، كانت في الأول خمسين صلاة، ولما راجع نبي بعد نبي، خُففت لخمس، لكن ربنا كتب أجر الخمسين. لما رجع النبي مكة، قريش سخروا وقالوا: “إنت بتقول إنك رحت بيت المقدس ورجعت في ليلة؟”، بس المؤمنين صدّقوه، وأولهم أبو بكر اللي اتلقب بعدها بـ"الصديق".

بعد الإسراء والمعراج، الدعوة أخدت روح جديدة، والنبي بدأ يعرض الإسلام على القبائل اللي بتجيله في موسم الحج، لحد ما قابل ناس من يثرب (المدينة المنورة بعد كده)، سمعوا منه كلام ربنا، وقلوبهم انشرحت، وقالوا له: “إحنا نؤمن بيك وننصرك.”، وكانت دي بداية الهجرة المنتظرة. في السنة اللي بعدها جم وفد أكبر من المدينة وبايعوه على النصرة والطاعة، وساعتها ربنا أذن للنبي والمسلمين يهاجروا من مكة للمدينة.

قريش لما سمعت بكده اتجننت، قالت: “إحنا لو سِبناه يخرج، الإسلام هيكبر، لازم نخلص منه.”، فاجتمعوا في دار الندوة واتفقوا يقتلوا النبي ﷺ، كل قبيلة تبعت شاب يضربه ضربة علشان دمه يتوزع ومحدش يعرف ياخد بالثأر، لكن ربنا كان حافظه، جبريل نزل وقال له: “لا تبت الليلة في فراشك.”، والنبي قال لسيدنا علي ينام مكانه، وغادر البيت وهو بيقول: “وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون.” وفعلاً خرج، وعدّى من وسطهم من غير ما يحسّوا بيه، وساعتها بدأ طريق الهجرة العظيم.

خرج هو وأبو بكر الصديق متجهين للمدينة، واستخبوا في غار ثور تلات أيام، وقريش كانت بتدور عليهم في كل حتة، لحد ما وصلوا لباب الغار نفسه، وأبو بكر كان بيبص ويقول: “يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا.” فقال له النبي ﷺ بكل هدوء وثقة: “ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟” وفعلاً، ربنا سترهم، والعنكبوت نسج خيوطه على باب الغار، والحمامتين وقفوا فوقه، فلما قريش شافوا المنظر قالوا: “أكيد محدش دخل هنا.” وبعد ما هديت الدنيا، خرجوا وكملوا طريقهم للمدينة، والناس كانت مستنياهم على أحرّ من الجمر، أول ما شافوه، الناس فرحوا فرحة ما توصفش، وكانوا بيغنّوا: “طلع البدر علينا من ثنيات الوداع.”

ومن هنا بدأت مرحلة جديدة تمامًا في حياة النبي ﷺ، مرحلة الدولة وبناء المجتمع الإسلامي في المدينة، مرحلة العدل والمساواة والرحمة، مرحلة الجهاد والنور والتمكين، واللي فيها الإسلام هيخرج من حدود الجزيرة العربية لينور العالم كله…النبي ﷺ لما وصل المدينة كانت فرحة الناس بيه كبيرة جدًا، كانوا بيخرجوا كل يوم على أطراف المدينة يستنّوه، أول ما شافوه قالوا بصوت واحد: “طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع.”، كان يوم مش عادي، يوم بَدأت فيه حياة جديدة، لأن المدينة كانت مستنياه علشان تبقى بلد الإسلام الأولى، البلد اللي فيها بيت النبوة والنور. أول حاجة عملها النبي ﷺ لما وصل كانت بناء المسجد، مسجد النبي اللي لحد النهارده بيتهفّ عليه القلوب، اختار المكان اللي بركت فيه الناقة وقال: “ها هنا المنـزل إن شاء الله.” وبدأ بنفسه يشيل الطوب مع الصحابة، وكانوا كلهم بيشتغلوا بحماس، والنبي يقول: “اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة.” فالمسجد بقى أول مركز للإسلام، فيه صلاة، فيه علم، فيه شورى، وفيه تآخي بين الناس.

وبعد المسجد، عمل النبي ﷺ خطوة عظيمة جدًا، وهي المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، لأن المهاجرين سابوا بيوتهم وأموالهم في مكة وجم من غير حاجة، فالنبي أخى بين كل مهاجر وأنصاري، يبقوا إخوة في الله، يتقاسموا كل حاجة، فكانت روح الإسلام بجد، الأنصار يقولوا: “تعال يا أخويا، نص مالي ليك.”، والمهاجرين يردوا: “بارك الله لك في مالك وأهلك.”، فالحب بقى هو الأساس، مش المصلحة ولا المال، وده اللي خلى المجتمع الجديد قوي جدًا من أول يوم.

المدينة وقتها كانت فيها تلات مجموعات: المسلمين، والمنافقين اللي بيظهروا الإسلام ويخفوا الكفر زي عبدالله بن أُبي بن سلول، واليهود اللي كانوا عايشين في المدينة وكانوا تلات قبائل: بني قينقاع، بني النضير، وبني قريظة. النبي ﷺ عمل معاهم وثيقة اسمها “دستور المدينة”، اتفاق فيه عدل وحرية، يقول فيه إن كل واحد له دينه وله حقه، وإنهم كلهم أمة واحدة في الدفاع عن المدينة لو اتهاجمت. مفيش حد يتظلم، ومفيش خيانة، وكل الناس تعيش بسلام. وفعلاً عاشوا كده شوية، لحد ما بدأت الغيرة والحقد يظهر بعدين.

بدأ الإسلام ينتشر في المدينة بسرعة، والناس كانت بتدخل في دين الله أفواجًا، لكن في المقابل، كفار قريش في مكة ماقدروش يسيبوا النبي في حاله، كانوا شايفين إن الإسلام بدأ يكبر، فقرروا يهاجموا المسلمين في المدينة علشان يوقفوا الدعوة، وده كان سبب أول معركة في الإسلام، معركة بدر. النبي ﷺ سمع إن قافلة لقريش جاية من الشام، فخرج مع الصحابة حوالي ٣١٣ رجل بس، ماكانش نيتهم حرب، كانت نيتهم بس يستردوا بعض اللي اتاخد منهم، لكن ربنا قدّر إن الحرب تقوم فعلاً. جيش قريش كان ألف مقاتل، معاهم سلاح وخيل، والمسلمين قليلين وعددهم بسيط، بس إيمانهم كان كبير.

النبي ﷺ وقف في بدر وقال: “اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض.”، وكان بيبص للسماء ويدّعي، لحد ما ربنا نزّل السكينة وقال: “إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألفٍ من الملائكة مردفين.” وفعلاً نزلت الملائكة تحارب مع المسلمين، وانتهت المعركة بنصر عظيم، مات من قريش كبارهم زي أبو جهل وأمية بن خلف، والنبي ﷺ قال بعدها: “هذا فرعون هذه الأمة.”، وفرح الصحابة جدًا، لأن النصر ده كان أول دليل إن ربنا مع نبيه، وابتدى الإسلام يظهر بقوة في الجزيرة.

لكن بعد بدر، الغل والحقد زاد في قلوب الكفار، فجهّزوا نفسهم لمعركة تانية أكبر، معركة أُحد، بعد سنة واحدة. قريش جم تلات تلاف مقاتل بقيادة أبو سفيان، والنبي ﷺ خرج ومعاه حوالي سبعمية رجل بس، ووقفهم عند جبل أُحد، وحط خمسين رامياً على الجبل وقال لهم: “إياكم تسيبوا مكانكم حتى لو شفتونا نكسب أو نخسر.”، وفعلاً بدأت المعركة، والمسلمين كانوا في الأول منتصرين، لكن لما شاف الرماة الكفار بيهربوا، نزل بعضهم يجمع الغنائم، وده كان سبب إن الجيش اتلخبط، فدخل خالد بن الوليد من الخلف بالفرسان، واتقلبت الموازين، واتصاب النبي ﷺ في وجهه وانكسرت رباعيته، وقال: “كيف يُفلح قوم شجّوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم؟”، ورغم الألم، فضل صابر، وكان بينادي في الناس: “إليّ عباد الله!” لحد ما المعركة خلصت وانسحب الكفار، وكان الدرس كبير للمسلمين، إن الطاعة أهم من المكسب، وإن النصر من عند ربنا مش بالعدد ولا بالقوة.

وبعد أُحد، حصلت غزوة الخندق (الأحزاب)، لما اتجمّع العرب كلهم على المدينة، عشر تلاف مقاتل، والنبي ﷺ شور أصحابه، وسلمان الفارسي قال له: “نعمل خندق حوالين المدينة.”، وفعلاً اشتغلوا كلهم في الحفر، والنبي كان معاهم بيكسر الصخور وبيقول: “اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة.”، لما وصل جيش الأحزاب، اتفاجئ بالخندق ومقدروش يعدّوا، وقعدوا يحاصروا المسلمين أسابيع في برد وجوع، بس ربنا أرسل عليهم ريح شديدة قلبت خيامهم ورعبت قلوبهم، فرجعوا من غير حرب، وقال النبي ﷺ بعدها: “الآن نغزوهم ولا يغزوننا.”

لكن بعد الخندق، يهود بني قريظة خانوا العهد واتفقوا مع الكفار في السر، فربنا حكم فيهم بسيدنا سعد بن معاذ، وكان حكمه عدل، فتمت محاكمتهم بما يستحقوا بعد خيانتهم في وقت الحرب. وبعدها الإسلام بقى قوي جدًا، قريش بدأت تخاف، فالنبي ﷺ قرر يروح مكة يعتمر، مش حرب، سلام، وخرج هو وأصحابه ومعاهم الهدي، لكن قريش منعوهم عند مكان اسمه الحديبية، وهناك حصل صلح بين المسلمين وقريش، اسمه صلح الحديبية، فيه هدنة عشر سنين. بعض الصحابة زعلوا لأن الشروط كانت شكلها ضدهم، لكن النبي قال: “أنا عبد الله ولن يُضيّعني.” وفعلاً بعد الصلح، الإسلام انتشر أكتر من أي وقت، لأن الناس بدأوا يسمعوا القرآن من غير خوف.

وفي الوقت ده النبي ﷺ بعت رسايل للملوك يدعوهم للإسلام، بعت لهرقل ملك الروم، وكسرى ملك الفرس، والمقوقس في مصر، وبعضهم احترم الرسالة وبعضهم مزّقها، فقال النبي ﷺ: “مزّق الله ملكه.”، وفعلاً بعدها فترة مش طويلة انتهى ملك كسرى. بعد سنتين تقريبًا من صلح الحديبية، قريش نقضت العهد وقتلت بعض حلفاء المسلمين، فساعتها النبي ﷺ قرر يفتح مكة، وخرج بجيش عظيم حوالي عشرة آلاف مسلم، دخل مكة من غير قتال تقريبًا، وقال للناس اللي أذوه سنين طويلة: “اذهبوا فأنتم الطلقاء.”، ودخل الكعبة، وكسّر الأصنام بيده وهو بيقول: “جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا.”، فكانت لحظة النور الكبرى، لحظة رجوع البيت الحرام لعبادة رب العالمين من غير شرك.

وبعد الفتح، دخل الناس في دين الله أفواجًا، والجزيرة كلها بدأت تعرف الإسلام، والنبي ﷺ كان بيبعت السرايا يعلموا الناس، وكان دايمًا رحيم، عادل، ما يحبش سفك الدم، ودايمًا يقول: “بلغوا عني ولو آية.”، وكان بيعلّم الصحابة الصبر والرحمة والعدل، ويعامل الجميع بأخلاقه الرفيعة، حتى أعداءه كانوا يشهدوا بصدقه وأمانته.

وبعدها حصلت غزوة حنين، وغزوة تبوك، وكانت دي آخر الغزوات الكبيرة، وفيها ظهر صبر النبي وقوة إيمانه أكتر من أي وقت، وبعدها رجع المدينة، وعاش فيها آخر سنين عمره، يعلم الناس الدين، ويربي جيل الصحابة اللي حملوا الإسلام للعالم كله. وفي السنة العاشرة للهجرة، خرج النبي ﷺ في حجة الوداع، وقف على جبل عرفات وقال: “أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.”، وقال: “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي.”، والناس كلها كانت بتبكي لأنها حست إنها الوداع.

رجع النبي المدينة، وبعدها بفترة وجيزة بدأ يمرض، وكان بيقول: “بل الرفيق الأعلى.”، ودخل عليه الصحابة وهو بيتبسم، وألقى آخر نظره عليهم، وخرجت روحه الطاهرة في حجر السيدة عائشة رضي الله عنها، وكان عمره 63 سنة، مات بعد ما بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وتركها على نور واضح زي الشمس، وقال: “اللهم أمّتي أمّتي.”، فكانت حياته كلها حب ورحمة وصبر وعدل، كانت سيرة إنسان اختاره ربنا علشان يكون قدوة لكل البشر.

وبكده تنتهي مسيره سيد الخلق اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

1

followings

7

similar articles
-