بسم الله الرحمن الرحيم أسرار لا تعرفها عن الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز

بسم الله الرحمن الرحيم أسرار لا تعرفها عن الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

بسم الله الرحمن الرحيم
أسرار لا تعرفها عن الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز

بسم الله الرحمن الرحيم أسرار لا تعرفها عن الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز

عندما تُذكر العدالة في التاريخ، يقف اسم **عمر بن عبدالعزيز** متلألئًا كالنجم الهادي في ليلٍ مظلم. هو خامس الخلفاء الراشدين كما وصفه العلماء، ورمز الزهد والورع في زمنٍ فاضت فيه الدنيا بأموالها ومناصبها. غير أن وراء هذه السيرة المضيئة أسرارًا خفية، تكشف عن عمق شخصيته العجيبة وتفرّد تجربته في الحكم والإصلاح.

1. بدايته المفاجئة... من حياة الرفاه إلى طريق الزهد

ولد عمر بن عبدالعزيز في بيتٍ مرفّهٍ من بيوت بني أمية، تربى في النعمة والترف، ولبس الحرير منذ صغره، وكان من أجمل فتيان زمانه. ومع ذلك، كانت في قلبه جذوة نورٍ دفينة أيقظها الله فيه. فحين تولى الخلافة، خلع الثياب المزخرفة، ولبس ثوبًا بسيطًا، وتنازل عن القصور والخدم، وقال عبارته الخالدة:    “إني أخاف أن يُحاسبني الله على ما لا أحتاجه من الدنيا.”   بهذا القرار تغيّرت ملامح الخلافة من بذخٍ إلى عدلٍ، ومن استبدادٍ إلى رحمةٍ.

2. سرّ تحوله بعد مجلسٍ واحد

تُروى قصة خفية عن نقطة التحوّل في حياة عمر. إذ جلس يومًا مع أحد العلماء الصالحين الذي قال له: “يا عمر، أنت اليوم أمير، وغدًا ميت، وبين اليوم والغد سؤال شديد.”
تلك الكلمات كانت كالسهم الذي اخترق قلبه، فخرج من المجلس متغير الوجه، وقال لأهله: “لقد ودّعتُ الدنيا.” ومنذ تلك الليلة لم يعرف طعم الراحة، يصلي حتى الفجر، ويقول: “كيف ينام من علم أنه سيُحاسب على كل نفسٍ من رعيته؟”.

*3. سرّ عدله الذي أعاد المظالم إلى أهلها

من أعجب ما فعله عمر أنه بدأ حكمه بردّ المظالم قبل أي قرار سياسي. أمر بإرجاع الأموال التي أخذها بنو أمية بغير وجه حق إلى بيت المال، حتى أمواله الخاصة ردّها هو نفسه.
وحين جاءت زوجته فاطمة بنت عبد الملك – ابنة الخليفة وأخت الخلفاء – ومعها مجوهراتها، قال لها:

 “اختاري يا فاطمة، بيني وبين هذه الحلي.”
 فبكت وقالت: “بل أختارك يا أمير المؤمنين.”
 فأودع المجوهرات بيت مال المسلمين. وهكذا بدأ عهده بخطوةٍ من أنبل ما يُروى عن حاكم في التاريخ الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم أسرار لا تعرفها عن الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز

*4. سرّ حب الناس له رغم قصر مدته

لم يدم حكم عمر سوى **سنتين وخمسة أشهر**، لكنها كانت كافية لتبدّل وجه الأمة. انتشر العدل حتى قيل: “لم يعد هناك من يأخذ الزكاة في بلاد المسلمين، لأن الناس استغنوا.”
وصل الخير إلى المزارعين والعبيد والأيتام، وعمّ الأمن في الطرقات حتى كان الراكب يسير من خراسان إلى الأندلس لا يخاف إلا الله.
كانت تلك المدة القصيرة معجزة حقيقية، لأن قلبه كان معلّقًا بالله لا بالعرش.

5. سره مع العلماء والزهاد

كان عمر يرى في العلماء مصابيح الأمة، فكان يستشيرهم قبل أن يكتب أي قرار. كتب مرة إلى الحسن البصري يسأله: “بمَ يُصلح الله الحاكم؟” فأجابه الحسن: “إذا علم أن الله فوقه.”
فبكى عمر حتى ابتلت لحيته، وقال: “اللهم اجعلني ممن يعلم أنك فوقه في كل أمر.”
وكان يجلس مع الفقراء والزهاد، يسمع منهم، ويقول: “إن في كلامهم حياة القلوب.” وهكذا بنى سلطته على التواضع لا على الهيبة.

6. سرّ بكائه كل ليلة

كان عمر لا ينام إلا قليلًا. وكان إذا خلت به الليالي بكى حتى يُسمع نحيبه من خارج الدار. سألته زوجته يومًا: “ما يبكيك يا عمر؟”
فقال: “ذكرتُ المظلوم الجائع في أقصى الأرض، واليتيم الضائع، والمحتاج الذي لا يجد من ينصفه، وعلمتُ أن الله سيسألني عنهم جميعًا، فكيف أنام؟”
كانت تلك الدموع وقود عدله، وسرّ رقّته التي ملكت القلوب.

*7. السرّ الغامض في موته

قيل إن عمر بن عبدالعزيز مات مسمومًا بسبب عدله، بعدما ضاق بعض أمراء بني أمية بإصلاحاته. وقبل موته بأيام، ضعُف جسده حتى صار لا يقوى على القيام، لكنه كان يقول:

 “اللهم اجعلني ممن أحب لقاءك وأحببت لقاءه.”
 وحين حضرته الوفاة، ابتسم وقال: “مرحبًا بهذه الوجوه، وجوهٌ ليست بوجوه إنسٍ ولا جنّ.” ثم فاضت روحه الطاهرة في سنّ التاسعة والثلاثين، تاركًا للأمة سيرة من أنبل ما كُتب في سجل العدالة.

8. سرّ أثره الخالد

لم يترك عمر بن عبدالعزيز قصرًا ولا ذهبًا، لكنه ترك أثرًا خالدًا في وجدان المسلمين. كان نموذجًا للحاكم الذي فهم معنى الخلافة: أن تكون مسؤولية لا متاعًا، ورحمة لا تسلطًا.
قال فيه أحد الشعراء: - "وليس من مات فاستراح بميتٍ، إنما الميت ميت الأحياء."
 فبقي عمر حيًا في القلوب، بعد أن مات الظالمون ونُسي ذكرهم.

خاتمة

إن أسرار عمر بن عبدالعزيز ليست في حكمه فقط، بل في قلبه الذي امتلأ نورًا وعدلاً. عاش بسيطًا ومات عظيمًا، وترك لنا درسًا خالدًا: أن الحكم بالحق عبادة، وأن الزهد في الدنيا طريقٌ إلى الخلود في السماء.   لقد أثبت أن القوة ليست في السلطان، بل في صدق الإيمان، وأن التاريخ لا يخلّد من ملك، بل من عدل.


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

78

متابعهم

77

متابعهم

758

مقالات مشابة
-