الأسرار التي لا يعرفها الكثير عن يوم الجمعة

 الأسرار التي لا يعرفها الكثير عن يوم الجمعة 

 

يوم الجمعة هو **سيد الأيام**، خصّه الله سبحانه وتعالى بفضائل عظيمة وأسرارٍ روحية عميقة، وجعله يومًا مباركًا تتنزّل فيه الرحمات وتُغفر فيه الذنوب وتُستجاب فيه الدعوات. وقد غفل كثير من الناس عن معاني هذا اليوم الجليل، فاقتصروا على كونه يوم عطلة، بينما هو في حقيقته **يومٌ للقاء بين الأرض والسماء**.---يوم الجمعة ليس مجرد عطلة أسبوعية أو يوم راحة كما يظنه البعض، بل هو **يوم الأسرار الإلهية والعطايا الربانية** التي لا تتكرر في سائر الأيام، وقد خصّه الله تعالى بفضائل خفيّة لا يعلمها إلا من تدبّر القرآن والسنة. إليك هذه الأسرار التي يغفل عنها الكثيرون:

 أولاً: يوم الخلق والبداية والنهاية

من أعظم أسرار يوم الجمعة أنه اليوم الذي بدأ فيه تاريخ البشرية، فقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ قوله:

> «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، وفيه تقوم الساعة» (رواه مسلم).

وهذا يعني أن يوم الجمعة هو **يوم البداية والنهاية**؛ ففيه خُلق الإنسان، وفيه تكون القيامة، وكأن الله جعله رمزًا لدورة الحياة من النشأة إلى العودة. هذا السرّ يذكّر المؤمن بحقيقة وجوده وهدفه في الدنيا.

ثانيًا: ساعة الاستجابة الخفية

من أعظم ما اختص الله به هذا اليوم وجود **ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يدعو ربه إلا استُجيب له**، كما قال النبي ﷺ:

> «فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه» (متفق عليه).

وقد اختلف العلماء في تحديدها، لكن أكثر الأقوال أنها تكون **في آخر ساعة من يوم الجمعة قبل غروب الشمس**. وجعل الله هذه الساعة غامضة ليجتهد المسلم في الدعاء طوال اليوم، فينال الأجر والقبول بإخلاصه واستمراره في الرجاء.

 ثالثًا: صلاة الجمعة اجتماع الإيمان

قال الله تعالى في كتابه الكريم:   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9]. فصلاة الجمعة ليست مجرد صلاة جماعة، بل هي **مؤتمر إيماني أسبوعي** يجتمع فيه المسلمون على كلمة واحدة، يستمعون إلى الخطبة فيتعلمون أحكام دينهم، ويجددون عهدهم مع الله تعالى. ومن أسرارها أن الملائكة تقف على أبواب المساجد تسجل أسماء الداخلين حسب ترتيبهم، فإذا صعد الإمام المنبر طُويت الصحف ولم يُكتب لمن دخل بعد ذلك فضل الأوائل.

 رابعًا: فضل الغسل والتهيؤ ليوم الجمعة

يُستحبّ للمسلم أن يغتسل ويتطيّب ويلبس من أحسن ثيابه ويذهب إلى المسجد مبكرًا، قال رسول الله ﷺ:صلى الله عليه وسلم

> «من اغتسل يوم الجمعة، ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام» (رواه مسلم).

وهذا يدلّ على أن يوم الجمعة **فرصة أسبوعية للتطهر الجسدي والروحي**، فالغسل رمزٌ لتجديد الطهارة من الذنوب، والذهاب المبكر إلى المسجد دليل على محبة الله ورسوله.

خامسًا: قراءة سورة الكهف

من السنن المؤكدة في يوم الجمعة قراءة سورة الكهف، فقد قال النبي ﷺ:

 «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين» (رواه الحاكم).

وسورة الكهف تذكّر المؤمن بقصص الفتن الكبرى: فتنة الدين، والمال، والعلم، والسلطان، ولذلك فإن تلاوتها **تحمي من الفتن** وتُثبّت الإيمان في القلب، وتجعل الأسبوع كله مضيئًا بنور الطاعة.

 سادسًا: ليلة الجمعة فضلها عظيم

كثيرون يجهلون أن **ليلة الجمعة تبدأ من غروب شمس الخميس**، وأنها من الليالي المباركة التي يُستحبّ فيها الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ وقيام الليل والدعاء. فقد قال ﷺ:صلى الله عليه وسلم   «أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة وليلة الجمعة» (رواه البيهقي). فمن صلّى على النبي ﷺ صلى الله عليه وسلم  في هذا اليوم والليلة، رفع الله مقامه، وغفرت ذنوبه، وعُرضت صلاته على النبي فيردّ عليه السلام بنفسه، وهذه من أعظم الكرامات التي يجهلها كثير من الناس.

سابعًا: يوم الجمعة تذكير بيوم القيامة

من أسرار هذا اليوم أن الله جعله **يوم قيام الساعة**، كما في الحديث السابق، ولهذا كانت المخلوقات كلها تُصغي في هذا اليوم من خشية ذلك الحدث العظيم، إلا الإنسان الذي غفل عن ذكر الله. فكل جمعة هي تذكرة بقدوم اليوم الموعود، وفرصة للرجوع إلى الله قبل أن يُنادى على الناس للحساب.

ثامنًا: الجمعة مرآة لأعمال الأسبوع

قيل: *“من صلحت جمعته صلح أسبوعه كله”*، لأن هذا اليوم يختتم أعمال الأسبوع ويعرض فيه عمل العبد على الله تعالى، فمن أحسن فيه العبادة والدعاء، أكرمه الله ببركة الأيام القادمة.

تاسعا : الأرض تتجلى بالرحمة في هذا اليوم

ورد عن بعض السلف أن الأرض تُزيَّن يوم الجمعة، وأن كل كائن حيّ يرهف سمعه من خشية قيام الساعة.
 **السر الروحي:** الكائنات كلها تشارك في هيبة هذا اليوم، إلا الإنسان الذي يغفل عنه وينشغل بالدنيا!

عاشرا : تفتح فيه أبواب السماء أكثر من أي يوم

الملائكة تصعد وتنزل يوم الجمعة أكثر من سائر الأيام، وتكتب أسماء الداخلين إلى المساجد حسب ترتيبهم.
 **السر:** الملائكة تغلق صحائف الحضور بمجرد صعود الإمام المنبر، فلا يُكتب بعده أحد في سجل الأوائل مهما كانت صلاته طويلة.

حادى عشر :. الذنوب تُغسل بماء الجمعة

من اغتسل وتطهّر ولبس طيبًا وذهب إلى المسجد فاستمع وأنصت، غُفر له ما بين الجمعتين.
 **السر:** الغسل في الجمعة ليس نظافة بدنية فحسب، بل تطهير معنوي من آثار الذنوب، كأن الماء يغسل الروح كما يغسل الجسد.

ثانى عشر :. ليلة الجمعة هي ليلة البركة الغائبة عن الكثيرين

كثير من الناس يظنون أن الفضل يقتصر على نهار الجمعة فقط، بينما **ليلتها تبدأ من غروب شمس الخميس**، وهي وقت عظيم للصلاة والدعاء والصلاة على النبي ﷺ.
🌙 **السر:** من أحيا ليلة الجمعة بالصلاة والتسبيح والدعاء، أدرك بركة اليوم قبل طلوع فجره.

 8. كثرة الصلاة على النبي ﷺ سرّ البركة في يوم الجمعة

قال ﷺ: *«أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة عليّ»* (رواه أبو داود).
🌹 **السر:** كل صلاة عليه تُعرض أمامه ﷺ، فيردّ الله عليه روحه ليردّ السلام بنفسه على صاحبها، فهي لحظة قرب روحي فريدة.

 

 الخاتمة

يوم الجمعة هو **يوم التجلي والرحمة والمغفرة**، يومٌ تفتح فيه أبواب السماء وتتنزل فيه الرحمات، وتُرفع فيه الدرجات. من عرف أسراره وعاشه بقلبٍ خاشعٍ ولسانٍ ذاكرٍ، أدرك أن الجمعة ليست يوم راحة للجسد فحسب، بل **يوم راحة للروح**، ومناسبة لتجديد الإيمان، وشكر النعم، والاستعداد للقاء الله.