الشيخ عطية صقر.. صوت الحق الذي لم يخشَ في الله لومة لائم

الشيخ عطية صقر.. صوت الحق الذي لم يخشَ في الله لومة لائم

تقييم 5 من 5.
2 المراجعات

الشيخ عطية صقر.. صوت الحق الذي لم يخشَ في الله لومة لائم

 

image about الشيخ عطية صقر.. صوت الحق الذي لم يخشَ في الله لومة لائم

في زمنٍ كثر فيه المتلونون، وتغيّرت فيه المواقف مع تغيّر المصالح، يبرز في ذاكرة الأمة رجالٌ لا تُغيّرهم المناصب ولا تُغريهم الدنيا. رجالٌ إذا تحدّثوا قالوا الحق ولو على أنفسهم، وإذا وقفوا أمام السلطان قالوا كلمة الحق بثباتٍ وإيمان.
ومن بين هؤلاء الرجال العظام يسطع اسم **الشيخ عطية صقر** — رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقًا — الذي عاش **تسعين عامًا من الصدع بالحق**، والتمسك بالشريعة، والدفاع عن ثوابت الإسلام.

العالم الذي لا يُجامل.. ولا يلين إلا للحق

وُلِد الشيخ **عطية محمد صقر** بمحافظة الشرقية عام 1914م، وتخرّج في **الأزهر الشريف**، ليصبح من أبرز علماء مصر والعالم الإسلامي في القرن العشرين.
عرفه الناس بوجهه الوقور وصوته الهادئ، لكن ما كان يخفيه هذا الهدوء من **صلابةٍ في الموقف وشجاعةٍ في الكلمة** كان يزلزل أروقة السلطة والإعلام.

لم يكن الشيخ عطية صقر من أولئك الذين يسعون إلى رضا الحكّام أو المناصب، بل كان يرى أن **العالم الحق هو الذي يخاف الله، لا الناس**. فكان كلما دُعي إلى فتوى تُملى عليه من جهةٍ عليا، ردّ قائلاً:

 “لا يُؤخذ العلم إلا من العلماء، ولا يُؤخذ الدين إلا من كتاب الله وسنة رسوله.”

فتاوى زلزلت الواقع.. وغضبت لها السلطة**

كان الشيخ عطية صقر من أكثر العلماء وضوحًا في فتاواه، فلم يكن يساير التيارات الفكرية ولا الإملاءات السياسية.
ومن أبرز مواقفه التي لا تُنسى، فتواه الشهيرة حول **الفوائد البنكية**، حين أعلن بوضوح:

> “الفوائد البنكية ربا صريح، لا شك فيه.”

كانت هذه الفتوى كالصاعقة على بعض المسؤولين في وزارة المالية والبنوك، لكنها كانت منسجمة تمامًا مع ما قرره **مجمع البحوث الإسلامية** قبلها بسنوات.
رفض الشيخ أن يساوم على دينه، فوقف موقف العلماء الربانيين الذين لا يخافون إلا الله.

ولم يقف عند هذا الحد، بل أعلن في إحدى حلقاته التلفزيونية أن **الاحتفال بعيد الحب وشم النسيم** لا أصل لهما في الإسلام، ووصفهما بأنهما “عادات دخيلة تُضعف هوية الأمة”.
كما صرّح بجرأة أن **ارتداء المرأة للبنطال** ينافي الستر والهيبة التي أمر بها الإسلام، فهاجمه الإعلام، واتُهم بالتشدد، لكنه لم يتراجع عن قوله.

وفي موقفٍ آخر على الهواء مباشرة، وخلال أحد برامجه الشهيرة “**فتاوى وأحكام**”، سُئل عن حكم **مصافحة المرأة الأجنبية**، فأجاب دون تردد:

> “لا تجوز مصافحة المرأة الأجنبية، لما فيها من خلوةٍ ومخالفةٍ صريحةٍ للنهي النبوي.”
> كانت هذه الفتوى كافية لإغضاب بعض القيادات، فأُقصي من رئاسة لجنة الفتوى عام 2002، لكنه قال بعدها بابتسامة المؤمن الواثق:
> “ربّ قرارٍ يُبعدني عن منصبٍ في الدنيا، ليقرّبني إلى رضا الله في الآخرة.”

الزهد في المناصب.. والوفاء للعلم

لم يكن الشيخ عطية صقر يرى في المنصب مكانةً أو رفعة، بل كان يراه **أمانةً تُسأل عنها يوم القيامة**.
فعندما فقد موقعه الرسمي، لم يتوقف عن الدعوة، بل واصل نشاطه العلمي في المساجد والندوات والبرامج الدينية، ليبقى صوته حاضرًا في قلوب الناس قبل شاشاتهم.

كان يجيب على آلاف الأسئلة أسبوعيًا، دون مقابل، عبر البريد والهاتف، حتى أصبح مرجعًا موثوقًا لعامة الناس والمثقفين على السواء.
وكان يقول دائمًا:

 “إذا صمت العالم عن الحق، تكلم الجاهل بالباطل.”

لذلك، لم يسكت يومًا عن المنكر، ولم يساوم على الشريعة، بل قدّم نموذج العالم العامل الذي **يجمع بين الفقه والجرأة، والعلم والعمل**.

رحيل الجسد وبقاء الأثر

رحل الشيخ عطية صقر في **9 ديسمبر 2006** عن عمرٍ ناهز **92 عامًا**، بعد حياةٍ حافلةٍ بالعلم والمواقف الشجاعة.
شيّعته جموع العلماء والطلاب والمحبين، في جنازةٍ مهيبة تعبيرًا عن مكانته في قلوب المصريين والعرب.

ورغم رحيله، بقيت فتاواه ومؤلفاته وإجاباته في “فتاوى الأزهر” مناراتٍ تهدي الناس، وتذكّرهم أن الحق لا يموت بموت صاحبه.
لقد كان بحق **ضمير الأمة**، و**صوت الشريعة في زمن الصمت**، وواحدًا من العلماء الذين لا يتكرّرون.

 

دروس من حياة الشيخ عطية صقر

من سيرة هذا العالم الجليل، يمكن أن نتعلم دروسًا عظيمة:

1. **الثبات على المبدأ** أهم من رضا الناس.
2. **العلم رسالة** لا وظيفة، والفتوى أمانة لا تجارة.
3. **الحق لا يُقاس بالكثرة**، بل بالدليل.
4. **العالم الحق لا يخشى السلطة**، لأنه يعلم أن فوق كل ذي سلطان سلطانًا.
5. **الصبر على الأذى** في سبيل الله سبيل الأنبياء والعلماء.

خاتمة: العالم الذي ربِح الآخرة

لم يكن الشيخ عطية صقر سياسيًا، ولا صاحب حزب، ولا تابعًا لسلطة. كان رجلًا من طرازٍ نادر، عاش بعلمه، ومات بثناء الناس عليه. لم يترك ثروةً ولا جاهًا، لكنه ترك **أثرًا خالدًا** في ضمائر من عرفوه، ودرسًا خالدًا في معنى الثبات على المبدأ. رحم الله الشيخ عطية صقر، الذي **خسر المناصب لكنه ربح الآخرة**. كان — بحق — **صوت الحق في زمن الصمت، وعنوان الثبات في زمن التلون.** ((الشيخ عطية صقر، مواقف الشيخ عطية صقر، فتاوى عطية صقر، الفوائد البنكية ربا، علماء الأزهر، جرأة العلماء أمام السلطة، فتاوى وأحكام، عطية صقر رئيس لجنة الفتوى، فتاوى عطية صقر عن المرأة، مواقف العلماء في الأزهر، العالم الذي لا يخاف إلا الله.))

 

 الأسئلة الشائعة حول الشيخ عطية صقر ومواقفه

1. من هو الشيخ عطية صقر؟

الشيخ **عطية محمد صقر** هو عالم أزهري مصري وُلد عام 1914 بمحافظة الشرقية، وتقلّد منصب **رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف**. عُرف بثباته على الحق وجرأته في قول الكلمة الصادقة دون خوفٍ من سلطةٍ أو جاه، حتى وفاته عام 2006 عن عمرٍ ناهز 92 عامًا.

2. ما أشهر فتاوى الشيخ عطية صقر؟

من أبرز فتاواه التي أثارت جدلًا واسعًا:

* تحريم **الفوائد البنكية** ووصفها بأنها “ربا صريح”.
* فتوى **تحريم الاحتفال بشم النسيم وعيد الحب** باعتبارهما عادات غير إسلامية.
* رفض **ارتداء المرأة للبنطال** لما فيه من مخالفة للستر.
* القول بعدم **جواز مصافحة المرأة الأجنبية**، وهو الموقف الذي تسبب في إقصائه من منصبه عام 2002.

3. هل تعرض الشيخ عطية صقر لضغوط أو مضايقات بسبب فتاواه؟

نعم، فقد واجه **انتقادات شديدة من السلطة والإعلام** بسبب مواقفه الصريحة، خاصة في مسألة الفوائد البنكية ومصافحة النساء، لكنه ظل ثابتًا على موقفه ولم يتراجع عن رأيه رغم العواقب.

4. ما هو دور الشيخ عطية صقر في الدعوة والتعليم؟

كان الشيخ من **أبرز علماء الأزهر في نشر العلم الشرعي**، وشارك في برامج تلفزيونية وإذاعية أبرزها *“فتاوى وأحكام”*. كما أجاب على آلاف الأسئلة عبر البريد والهاتف، وساهم في تبسيط الفقه للمسلمين بأسلوب واضح وميسر.

 5. ما أبرز الصفات التي ميّزت شخصية الشيخ عطية صقر؟

اتسم بالزهد، والشجاعة، والصدق، والتمسك بالمبادئ. كان يقول دائمًا:

 “إذا صمت العالم عن الحق، تكلم الجاهل بالباطل.”
 ولهذا بقي رمزًا للعلماء الربانيين الذين لا يبدّلون مواقفهم تحت ضغط أو إغراء.

 

 


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
احمد المصرى Pro تقييم 5 من 5.
المقالات

152

متابعهم

90

متابعهم

836

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.