الهجره الى الحبشه

الهجره الى الحبشه

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

الهجرة إلى الحبشة وبطلان قصة الغرانيق: دروس في الثبات على الحق

كانت الهجرة إلى الحبشة أول هجرة في الإسلام، وهي صفحة ناصعة في تاريخ الدعوة، تُظهر صبر الصحابة وثباتهم على الحق رغم ما لاقوه من أذى واضطهاد. فبعد أن اشتد البلاء على المسلمين في مكة، وأذاقتهم قريش ألوان العذاب، أذن لهم النبي ﷺ بالرحيل إلى أرض الحبشة، لأن فيها ملكًا لا يُظلم عنده أحد، وهو النجاشي.

تمت الهجرة في سرية تامة، حيث خرج المسلمون تحت جنح الليل حتى لا تعلم قريش بالأمر فتمنعهم أو تؤذيهم. ولم يكن عددهم في البداية كبيرًا، بل كان أول فوج من المهاجرين مكوّنًا من بضع أسر فقط، منهم رقية بنت رسول الله ﷺ وزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، ونفر من المؤمنين لم يتجاوز عددهم ستة عشر شخصًا. توجهوا إلى البحر الأحمر، وهناك وجدوا سفينتين تجاريتين متجهتين إلى الحبشة، فركبوهما بأمان ونجوا بدينهم من بطش المشركين. وعندما علمت قريش بخروجهم سارعت لتتبعهم، ولكن الأقدار كانت قد سبقتهم، فقد أبحر المهاجرون قبل أن تصل قريش إليهم.

وفي أرض الحبشة وجد المسلمون الأمن والطمأنينة، واطمأنوا إلى عدل النجاشي وحمايته. غير أن الأخبار وصلت إليهم بعد فترة بأن المشركين في مكة قد هادنوا المسلمين، وأن الأذى قد انقطع، فظنوا أن الوقت قد حان للعودة إلى بلادهم. لكن حين اقتربوا من مكة اكتشفوا أن ما سمعوه لم يكن سوى إشاعات باطلة، وأن قريشًا ما زالت على طغيانها وعداوتها للإسلام وأهله.

وقد استغل بعض أعداء الإسلام هذه الحادثة لاختلاق رواية باطلة عُرفت باسم “قصة الغرانيق”، زعموا فيها أن النبي ﷺ مدح أصنام قريش وقال: “تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى” — وحاشاه أن يقول ذلك! فالنبي ﷺ معصوم من الخطأ في تبليغ الرسالة، ولم يمدح الأصنام قط، بل حاربها منذ أول يوم دعا فيه إلى التوحيد.

ولو أن النبي ﷺ قال مثل هذا الكلام، كما زعموا، لعاقبه الله عز وجل فورًا، كما قال سبحانه في محكم التنزيل:

> (ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين)
صدق الله العظيم.

أما الحقيقة الثابتة فهي أن النبي ﷺ قرأ سورة النجم في محفل ضم المسلمين والمشركين، وكانت آياتها مؤثرة قوية حتى أن الجميع سجد لله في النهاية، حتى المشركون لم يملكوا أنفسهم من رهبة الموقف فسجدوا مع المسلمين. وبعد أن أدركوا ما فعلوا، شعروا بالخزي، فاختلقوا قصة الغرانيق لتبرير سجودهم، في محاولة لتشويه الحق والتقليل من شأن الوحي.

وهكذا، فإن قصة الغرانيق لا تعدو كونها فرية قديمة أراد بها المشركون التشويش على دعوة الإسلام، لكن الله حفظ نبيه ووحيه من الكذب والافتراء. وتبقى الهجرة إلى الحبشة درسًا خالدًا في الصبر والثبات، ودليلًا على أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.

 

 

image about الهجره الى الحبشه

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
منوعات Y.A تقييم 0 من 5.
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.