أسرار لا تعرفها عن طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم

أسرار لا تعرفها عن طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم

تقييم 5 من 5.
2 المراجعات

أسرار لا تعرفها عن طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم

image about أسرار لا تعرفها عن طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم

تُعدّ **طفولة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم** من أكثر الفترات المضيئة في التاريخ الإسلامي، فهي مرحلة تحمل بين طياتها **أسرارًا دقيقة ومعجزات خفية** تشير منذ بدايتها إلى عظمة هذا النبي الكريم الذي اصطفاه الله ليكون **رحمة للعالمين**. وبينما يظن البعض أن حياة النبي بدأت مع بعثته، إلا أن أسرار طفولته تكشف لنا كيف هيأه الله منذ صغره ليكون خاتم الأنبياء وسيد الخلق.

ولادة النور وبداية المعجزة

وُلد النبي صلى الله عليه وسلم في **عام الفيل**، ذلك العام الذي شهد حماية الله لبيته الحرام من بطش أبرهة وجيشه. وقد تزامنت ولادته مع **علامات سماوية مدهشة**، حيث رُوي أن **قصور الشام أضاءت** بنور ولادته، وأن **النار التي كان يعبدها المجوس خمدت بعد ألف عام** من اشتعالها. كانت هذه الحوادث إشارات إلهية تؤكد أن **مولودًا عظيمًا سيغيّر وجه الأرض** ويُطفئ نار الجاهلية.

أما أمه **آمنة بنت وهب** فقد روت أنها حين حملت به **رأت نورًا يخرج منها أضاء قصور بُصرى من أرض الشام**، وهو ما اعتبره العلماء رمزًا لوصول نور الإسلام إلى بلاد الشام والعالم كله فيما بعد.

اليُتم الذي صنع العظمة

من أعظم الأسرار في طفولة النبي صلى الله عليه وسلم أنه **وُلد يتيم الأب**، فقد توفي والده **عبد الله بن عبد المطلب** قبل أن يولد. ثم لم تلبث أمه أن **انتقلت إلى رحمة الله وهو في السادسة من عمره**، فشبّ يتيم الأبوين. ولكن هذا اليتيم لم يكن مهجورًا، بل كان تحت رعاية الله تعالى منذ أول لحظة.

قال الله تعالى: "أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى"** [الضحى: 6]. لقد أراد الله أن يكون نبيه **خالياً من التأثيرات العائلية** ليكون قلبه نقيًا صافياً، لا يُشكِّل فكره سوى الوحي الإلهي، ولا يعتمد في قوته على أحد سوى ربه. فكان اليتيم الذي ملأ الأرض رحمة وعدلاً.

رضاعته في بني سعد وسرّ البركة

واحدة من أدق أسرار طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم تكمن في **رضاعته في ديار بني سعد**. فقد اختارت مرضعته **حليمة السعدية** أن تأخذه رغم فقره ويُتمه، لكنها سرعان ما لاحظت أن **البركة نزلت في بيتها وحياتها منذ أن أرضعته**.

تحكي حليمة السعدية أن **صدرها امتلأ باللبن** بعد أن كان جافًا، وأن **ناقتها صارت تدر اللبن بغزارة**، بل إن **المطر هطل على أرض بني سعد** بعد قدومه إليهم، فعرف القوم أن في هذا الطفل **بركة إلهية لا تُوصف**. لقد كانت تلك الأحداث **بدايةً واضحة لمعجزاته المبكرة** التي سبقت النبوة بسنوات طويلة.

حادثة شق الصدر: تطهير القلب من الشيطان

من أبرز الأسرار الدقيقة في طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم **حادثة شق صدره الشريف**، التي وقعت وهو في الرابعة من عمره أثناء وجوده في مضارب بني سعد. فقد جاءه **مَلَكان من السماء**، فأضجعاه وشقّا صدره وأخرجا **علقة سوداء** وقالا: "هذا حظ الشيطان منك"، ثم غسلا قلبه **بماء زمزم** وأعاداه إلى مكانه.

عندما رأت حليمة السعدية ذلك المشهد **فزعت عليه فزع الأم بولدها**، لكنها علمت أن ما حدث هو **تهيئة ربانية** ليكون النبي صلى الله عليه وسلم أنقى قلبٍ على وجه الأرض، لا يدخله كبر ولا حقد ولا وسوسة.

نشأته بين الصحراء والكرامة

نشأ محمد صلى الله عليه وسلم في بيئة الصحراء حيث **اللغة الفصحى** والكرم والشجاعة والصفاء، فتعلم منها **الفصاحة والأمانة والعزة**. كان فتىً هادئًا متأملًا، **لا يشارك الصبيان لهوهم الفارغ**، بل كان يميل إلى التأمل في السماء والطبيعة من حوله، وكأنه **يقرأ آيات الله قبل نزول القرآن**.

وقد شهد له من حوله بصفات عظيمة، حتى قالوا عنه: “ما رأينا مثله في صدقه وأمانته وسمته.”  فاستحق لقب **الصادق الأمين** قبل أن يكون نبيًا.

رعاية الغنم وتدريب الأنبياء

من الأسرار التي قد يجهلها البعض أن النبي صلى الله عليه وسلم **كان يرعى الغنم** في صغره، كما فعل الأنبياء من قبله. قال في حديثه الشريف:   "ما من نبي إلا وقد رعى الغنم."
> سُئل: وأنت يا رسول الله؟ قال: “كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة.”  رعاية الغنم كانت **مدرسة للأنبياء**؛ فيها الصبر والرحمة والتأمل، وتُعلّم القائد كيف يرعى أمته كما يرعى الراعي قطيعه. لقد كانت تلك التجربة الإلهية **تربية قيادية مبكرة**، تهيئ قلب النبي للرحمة والمسؤولية.

مواقفه في مكة قبل البعثة

من الأسرار التي تبرز نُبل طفولته أنه **لم يشارك قومه في عبادة الأصنام** رغم أنه نشأ بينهم، بل كان **ينفر منها منذ الصغر**. كما أنه **حضر حلف الفضول** في مكة وهو في ريعان شبابه، وهو حلف تعاهد فيه القوم على **نصرة المظلوم ورد الحقوق**، وقد قال النبي بعد بعثته:   "لقد شهدت مع أعمامي حلفًا في دار عبد الله بن جدعان، ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دُعيت به في الإسلام لأجبت."

هذه المشاركة المبكرة في نصرة المظلوم كانت **بذرة العدالة النبوية** التي ستملأ الأرض لاحقًا نورًا وعدلًا.

العناية الإلهية الخفية

من أعظم أسرار طفولته صلى الله عليه وسلم أن الله **تكفله بالعناية والرعاية في كل مراحل حياته**. فكلما فقد سندًا بشريًا، عوضه الله برعاية من نوع خاص.
فبعد وفاة أمه كفله **جده عبد المطلب** بحنان كبير، ثم **عمه أبو طالب** الذي أحبّه حبًا يفوق الأب لابنه، فكان الله يهيئ له **الرجال الأشداء والقلوب الرحيمة** ليحموه حتى تكتمل مهمته.

دروس وعِبر من طفولته الشريفة

طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم ليست مجرد مرحلة زمنية، بل **مدرسة إلهية لتربية النفوس**. من خلالها نتعلم:

1. أن **اليُتم ليس ضعفًا** بل طريق إلى الاعتماد على الله وحده.
2. أن **البركة تصحب القلوب الصافية** المخلصة لله.
3. أن **الصدق والأمانة أساس القيادة الحقيقية**.
4. أن **الرعاية الإلهية لا تنقطع عن المؤمنين مهما فقدوا السند**.
5. أن الله يُعدّ عباده الصالحين **بالمحن قبل المنح**.

خاتمة

تظل **طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم** كنزًا من الأسرار والمعجزات التي تكشف كيف هيأه الله لحمل الرسالة العظمى. كل لحظة من حياته كانت **لبنة في بناء النبوة**، وكل تجربة كانت إعدادًا لقيادة البشرية نحو النور بعد ظلمات الجاهلية.  إن تأمل تلك المرحلة يجعلنا ندرك أن **الله لا يختار رسله عبثًا**، بل يُربيهم منذ نعومة أظفارهم ليكونوا قدوة للأمم.  فصلوات الله وسلامه على اليتيم الذي غيّر وجه الأرض، وعلى من قال عنه ربه:  "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ"** [القلم: 4].


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
احمد المصرى Pro تقييم 5 من 5.
المقالات

152

متابعهم

90

متابعهم

836

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.