تفسير الآية ٢٣٠:٢٢٨ من سورة البقرة

https://youtu.be/_UQNWJOe_iY?si=GmFtWaO5ABA1G995
https://youtu.be/LFVQDqZfr_s?si=3PYXwwgSAr4OmSI9
سورة البقرة آية ٢٢٨ : ٢٣٠
.{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)} ﴾
۞۞۞۞۞۞۞
تفسير الآية ٢٣٠:٢٢٨ من سورة البقرة
تفسير الآية ٢٢٨ من سورة البقرة
الآية توضح أحد أحكام الطلاق، وهو أن المطلقة تنتظر انقضاء عدتها وهي ثلاثة حيضات، ثم تطهر منها، وأما الحامل فعدتها إلى أن تضع حملها، وأما التي انقطع حيضها عند بلوغ سن اليأس فعدتها ثلاثة أشهر هجرية.
لا يجوز للمطلقة أن تخفي ما في رحمها من حمل أو أن تخفي عدد مرات الحيض بنية تقصير العدة والزواج من غيره في مدة أقصر من العدة، لأن كل هذا لا يرضي الله ولا ينفذ أحكام الله.
إذا كانت المطلقة تؤمن بالله و تخاف الله وتخاف حساب اليوم الآخر فلا تفعل ذلك، لأن الإيمان بالله وثيق الصلة بالحكم الشرعي؛ لأن الحمل أو الحيض من الأمور البسيطة التي لا يحكمها شرع ظاهر، وإنما الذي يحكمها هو ضميرها الذي يرتبط بعملية الإيمان والخوف من الله، فإذا أخفت ما في رحمها أو عدد الحيضات فإن ذلك يؤدي إلى فساد المجتمع. أولاً: إذا تزوجت برجل آخر وهي حامل فإن ذلك يفسد المجتمع لأن الطفل يرث من زوج أمه أي يرث من غير أبيه وقد يؤدي ذلك إلى اختلاط الأنساب بالمحرمات وغيرها، وكذلك عدد الحيضات فقد تكون حاملاً دون أن تعلم ولم تطهر رحمها لتتأكد من أنها ليست حاملاً أي أن عدم تنفيذ أمر الله يسبب ما يفسد المجتمع والمقدسات إذا ارتبط الكتمان بضمير الإيمان.
وللزوج الحق في إرجاع زوجته في أي وقت أثناء العدة.
هذا إذا أرادا الإصلاح وكأن ذلك تهديد للزوجين فإن الشرع يسمح لهما بالرجوع. ولكن إذا أراد الزوج إرجاعها ليضرِها لسبب في نفسه، فالدين يقول له: لا، ليس لك هذا الحق، لأن الله تعالى حرم الظلم.
وإذا انقضت العدة، فالصورة مختلفة، فلا بد من ولي، وعقد جديد، ومهر، ورضا الزوجة.
ويوضح الله في هذه الآية أن المسؤوليات موزعة بعدل إلهي، ويوضح حقوق كل منهما تجاه الآخر. فهناك حق للزوج هو واجب على الزوجة، وهذه مسؤولياتها التي فرضتها عليها طبيعتها كامرأة، وهي أن توفر للرجل مسكناً لائقاً يعيش فيه عندما يعود من مهمته في الحياة. وهناك حق للزوجة هو واجب على الزوج، وعليه مسؤوليات تفرضها عليه طبيعته كرجل، وهي العمل والسعي للإنفاق، ويجب عليهما أداء هذه الحقوق على الوجه الأكمل. ولكن الرجال عليهن المرأة درجة وهي القوامة، و القوامة مسؤولية أعظم وليست سيطرة.
من اتخذ القوامة فرصة للهيمنة والسيطرة أخرجها عن مقصودها، وأصل القوامة أنها مسئولية تنظيم الحياة وهي التي تحتوي المرأة والبيت من خلال الإنفاق، فالإنفاق ليس إنفاق المال فقط، بل هو الإنفاق مما رزقه الله على البيت، ولو بكلمة طيبة وحسن صحبة ومعاملة، وكل ذلك إنفاق. وليعلم أن الله تعالى لا يحب أن يذل الرجل امرأة من خلق الله، والله حكيم وقادر على الانتقام للمرأة إذا فهم الرجل أن وضعه فوق المرأة ظلم، ومن الملاحظ أيضاً أن المرأة تعلم أن وجودها مع الرجل ليس منة منها عليه، فلا ذل في الزواج، لأن أساس الزواج هو المودة والرحمة وحسن المعاملة بينهما.
تفسير الآيتين ٢٢٩ و ٢٣٠ من سورة البقرة
الآيات تتحدث عن أحكام الطلاق
هنا الحكم من الله الحكيم القدير أن الطلاق لا يجب أن يتجاوز ثلاث مرات، ولكن عظمة التشريع أن الله تعالى جعل الطلاق مرتين، وفي كل مرة عدة، ليراجع زوجته خلالها، فقد يخطئ في المرة الأولى ويتراجع في الثانية ويندم، وقد يخطئ في المرة الثانية ويتراجع في الثالثة.
لذلك فمن رحمة الله تعالى أن يأمر الزوجين بالمحافظة على حياتهما بالرفق واجتناب أسباب الطلاق، خاصة إذا وقع الطلاق مرتين، فيُحرصان على الرفق، أي المحافظة على حسن المعاشرة واجتناب أسباب الطلاق.
ويطلقها إذا لم يتمكنا من العيش معًا، ولكن بشروط، وهي أن يطلقها بإحسان، وهو من مكارم الأخلاق، وأن يقع الطلاق باحترام متبادل بينهما، ولا يظلم أحدهما الآخر أو يفشي سره، وأن يعطي الزوج الزوجة حقوقها المالية ولا يأخذ من مهرها شيئًا، إلا أن الله تعالى استثنى من ذلك إذا خافت الزوجة ألا يقيما حدود الله، فأباح لها أن تفدي نفسها بشيء من المال، لا يتجاوز المهر
ولأن هذه الأحكام هي حدود الله التي شرعها للإنسان ليعمل بها، وأنزلها علينا بمنتهى العدل والخير والرحمة، فإنه يأمر عباده ألا يتعدوا حدود الله، ويجب تنفيذ أوامره، ومن يتعدى هذه الأحكام التي وضعها الله فهو من الظالمين. هؤلاء الظالمون هم الذين لم يطيعوا أحكام الله، وهم الظالمون لأنفسهم وللآخرين وللمجتمع، وسيَجدون المتاعب في حياتهم نتيجة لمخالفتهم أمر الله، وإن شاء الله نلتقي في حلقة خاصة لبيان ما فعله الظالمون بأنفسهم بسبب عدم تَطبيقهم لأحكام الله.
ونتيجة لذلك فإن الرجل الذي لم ينتبه لحكم الله بالتمسك بالطلاق، وخاصة بعد أن طلق مرتين، سيجد أنه حكم على نفسه بالانفصال عن زوجته مدى الحياة لأن الطلاق الثالث ليس له عدة، أي أنه لا فرصة له للعودة إليها مرة أخرى.
ولكن من رحمة الله أن يعطي هذا الزوج فرصة أخرى.
ولكن قد يحدث بالصدفة أنها لا تحل له إلا إذا تزوجت من رجل آخر بقصد الاستقرار والمودة والرحمة وأن تتقي الله في زوجها الجديد. ولكن إذا طلقها الزوج الجديد فقد أباح الله للزوج القديم أن يكون من المتقدمين لخطبتها وأن يتزوجها إذا قبلته، ويكون بعقد ومهر جديدين.
وأباح الله تعالى للزوج السابق الذي طلق امرأته ثلاث مرات أن يرجع إليها أي أن يتزوجها، ولكن بشرط أن يبلغا درجة من العقل والاحترام المتبادل، وأن يتعَلما من التجربة درساً يجعل كل منهما يتجنب الأسباب التي كانت سبباً في الطلاق السابق وتكراره ثلاث مرات.
كل هذه الأحكام حدود الله التي بينها الله لمن يعلم أن من لم ينفذ أحكامه سيشقى في الدنيا ويفقد الاستقرار والأمن ويفقد رضوان الله وجنته، بل وسيكون من أهل النار.