تفسير الآيات ٢٥٩-٢٦٠ من سورة البقرة

https://youtu.be/WXFPCOdk7gM?si=Ezp60Z7omCNBvO0e
سورة البقرة آية ٢٥٩ : ٢٦٠
{ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) }
۞۞۞۞۞۞۞
تفسير الآيات ٢٥٩-٢٦٠ من سورة البقرة
تفسير الآية ٢٥٩ من سورة البقرة
القصة الثانية.
تبدأ الآية الثانية بـ (أو)، فيقول الله تعالى: "يا محمد، ألم تعلم أن رجلاً صالحاً مرّ بقرية فوجد أرضاً ميتة، فسأل سؤالاً تعبدياً، مُبدياً دهشته وإعجابه بقدرة الله، وكأنه يقول: سبحان الله! من يُحيي هذه الأرض بعد موتها؟" أراد الله تعالى أن يجعل هذه القصة آية للناس ليعلموا كيف يُحيي الله ويُميت
وأنه بقدرته ومشيئته يُحيي، وبقدرته ومشيئته يُميت. فأماته الله هذا العبد الصالح مئة عام، ثم أحياه بعد موته. فلما أحياه الله،
سأله الله تعالى: "كم مُتّ؟" قال: "يوم أو بعض يوم". فقوله "يوم أو بعض يوم" يدل على أنه لم تظهر عليه علامات الشيخوخة. ثم قال الله تعالى له: "انظر إلى طعامك لم يفسد، وانظر إلى حمارك فقد فسد".
من هنا نفهم أن العبد الصالح بقدرة الله مات، فلم يفسد جسده، بل أحياه الله، فبقي على حاله. حُفظ طعامه وشرابه مئة عام، أما لحم الحمار فقد فسد. جعل الله كل ذلك آية للبشرية.
أتاح الله للعبد الصالح أن يرى بنفسه كيف رتّب الله عظام الحمار وكساها لحمًا. فلما رأى ذلك، قال: "أعلم أن الله على كل شيء قدير".
تفسير الآية ٢٦٠ من سورة البقرة
القصة الثالثة
قبل أن أبدأ تفسيري لهذه الآية، وهي القصة الثالثة التي رواها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عبر الوحي في القرآن الكريم،
يجب أن نفهم أولًا أن سيدنا إبراهيم كان خليل الله، أي أنه كان في قمة حبه لله تعالى. هذا الحب هو ما دفع سيدنا إبراهيم إلى أن يطلب من الله عز وجل أن يُريه قدرة الله على إحياء الموتى، ليشعر بمحبة الله له، ويستجيب دعاءه
ويمنحه فرصة رؤية قدرة الله وعظمته في إحياء الموتى. عندما سأل الله تعالى سيدنا إبراهيم: "ألم تؤمن؟" هذا السؤال في هذه الآية حوار بين عاشقين. "المعنى أن الله يقول لسيدنا إبراهيم: هل تحتاج إلى دليل على حبي يا إبراهيم؟ أنت من أحبه حبًا عظيمًا". أجاب إبراهيم ليطمئن قلبي. كان يقصد أن قلبي يعشق رؤية عظمتك وقدرتك على إحياء الموتى.
لأن إبراهيم كان خليل الله، أي أن الله أحبه حبًا عظيمًا، أجاب سؤال إبراهيم وقال له: "خذ أربعة طيور وانظر إلى شكل كل واحد منها، فلا تظن أن طائرًا آخر قد جاءك، فكل طائر له شكل مختلف". ثم قطعها إربًا، ووضع على كل جبل جزءًا، ونادى عليها، فإذا هي تمشي. ولزيادة اطمئنانكم، جئنا بها من طيور مختلفة. قطعتها إربًا، ووضعت على كل جبل جزءًا، وناديت عليها، فجاءت إليك". لم يكن إبراهيم، كإنسان، قادرًا على معرفة كيفية إحياء الموتى. لكن الله تعالى منح إبراهيم القدرة على استدعاء الطيور، فجاءت إليه. كل هذا يدل على أن الله قدير ولا يخيب ظن أحد. استجاب الله دعاء إبراهيم، ولم يخيب ظن حبيبه، وأراه كيف يحيي الموتى. وهذا يدل أيضًا على حكمة الله، إذ أراه كيف يحيي ويميت. هذه حكمة الله في تعليم الناس أن الله قادر على كل شيء.