تفسير سورة الضحى


تفسير سورة الضحى 












بسم الله الرحمن الرحيم
والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى *وللأخرة خير لك من الأولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى *
ألم يجدك يتيما فئاوى * ووجدك ضالا فهدى *ووجدك عاءلا فأغنى * فأما اليتيم فلا تقهر *
وأما السايْل فلا تنهر * وأما بنعمه ربك فحدث *


{ والضُّحَى } أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالضحى، وهو النهار كله .


{ وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى } اختلف أهل التأويل في تأويله .
فقال بعضهم: معناه: والليل إذا أقبل بظلامه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا ذهب.
وقال آخرون: معناه: إذا استوى وسكن.
وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال معناه: والليل إذا سكن بأهله،
وثبت بظلامه .


{ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } وهذا جواب القسم .
ومعناه: ما تركك يا محمد ربك وما أبغضك.
وقيل: { وَما قَلى } ومعناه: وما قلاك، اكتفاء بفهم السامع لمعناه، إذ كان قد تقدّم
ذلك قولُه: { ما وَدَّعَكَ } فعُرف بذلك أن المخاطب به نبيّ الله صل الله عليه وسلم.


{ وَلّلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولى } يقول تعالى: وللدار الآخرة، وما أعدّ
الله لك فيها، خير لك من الدار الدنيا وما فيها يقول: فلا تحزن على ما فاتك منها،
فإن الذي لك عند الله خير لك منها.


{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } يقول تعالى : ولسوف يعطيك يا
محمد ربك في الآخرة من فواضل نِعَمه، حتى ترضى.

اختلف أهل العلم في الذي وعده من العطاء، فقال بعضهم:
عُرِض على رسول الله صل الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده، كَفْراً
كَفْراً، فسرّ بذلك، فأنزل الله { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَترْضَى } فأعطاه في الجنة ألف
قصر، في كلّ قصر، ما ينبغي من الأزواج والخدم.
وقال آخرون في ذلك : من رضا محمد صل الله عليه وسلم ألاّ يدخل أحد من أهل
بيته النار.


{ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوَى } يقول تعالى معدّداً على نبيه محمد صل الله
عليه وسلم نِعَمه عنده، ومذكِّره آلاءه قِبَلَه: ألم يجدك يا محمد ربك يتيماً فآوى،
يقول: فجعل لك مَأْوًى تأوي إليه، ومنزلاً تنزله .


{ وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى } ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم.
كان على أمر قومه أربعين عاماً.
وقيل: عُنِي بذلك: ووجدك في قوم ضُلاَّل فهداك.


{ وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأغْنَى } يقول: ووجدك فقيراً فأغناك .
كانت هذه منازل رسول الله صل الله عليه وسلم، قبل أن يبعثه الله سبحانه وتعالى.


{ فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } أي كما كنت يتيماً فآواك الله، فلا تقهر اليتيم،
أي لا تذله وتنهره وتهنه، ولكن أحسن إليه، وتلطف به .


{ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } أي وكما كنت ضالا فهداك الله، فلا تنهر
السائل في العلم المسترشد.
فلا تكن جباراً ولا متكبراً ولا فحاشاً، ولافظاً على الضعفاء من عباد الله .


{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } أي وكما كنت عائلاً فقيراً فأغناك الله،
فحدث بنعمة الله عليك كما جاء في الدعاء المأثور النبوي " واجعلنا شاكرين
لنعمتك، مثنين بها عليك قابليها، وأتمها علينا " .
والحمد لله والصلاه والسلام على المبعوث رحمه للعالمين وخاتم الانبياء والمرسلين …