الصحابي الجليل أبو هريرة ج 2


الصحابي الجليل أبو هريرة
أمير رواة الحديث ........ " الجزء الثانى "


حب المؤمنين له .................
واسلام إمه رضى الله عنه وأرضاه ………
عن عكرمة بن عمار : حدثنا أبو كثير السحيمي - واسمه : يزيد بن عبد الرحمن - : حدثني أبو هريرة ، قال : والله ، ما خلق الله مؤمنا يسمع بي إلا أحبني قلت : وما علمك بذلك ؟
قال : إن أمي كانت مشركة ، وكنت أدعوها إلى الإسلام ، وكانت تأبى علي ، فدعوتها يوما ; فأسمعتني في رسول الله صل الله عليه وسلم ما أكره .
فأتيت رسول الله ، وأنا أبكي ، فأخبرته ، وسألته أن يدعو لها .
فقال : اللهم اهد أم أبي هريرة .
فخرجت أعدو أبشرها ، فأتيت ، فإذا الباب مجاف ، وسمعت خضخضة الماء ، وسمعت حسي ، فقالت : كما أنت ، ثم فتحت ، وقد لبست درعها ، وعجلت عن
خمارها ، فقالت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله
قال : فرجعت إلى رسول الله ، أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن ; فأخبرته ، وقلت : ادع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين فقال : اللهم ، حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحببهم إليهما (إسناده حسن ) .
فتواه ……….
عن أبي صالح ، قال : كان أبو هريرة من أحفظ الصحابة خبرنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن بكير بن الأشج ، عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري : أنه كان جالسا مع ابن الزبير ، فجاء محمد بن إياس بن البكير ، فسأل عن رجل طلق ثلاثا قبل الدخول فبعثه إلى أبي هريرة ، وابن عباس - وكانا عند عائشة - فذهب ، فسألهما . فقال ابن عباس لأبي هريرة : أفته يا أبا هريرة ; فقد جاءتك معضلة . فقال : الواحدة تبينها ، والثلاث تحرمها . وقال ابن عباس مثله .
وكذلك قيل لابن عمر : هل تنكر مما يحدث به أبو هريرة شيئا ؟ فقال : لا ، ولكنه اجترأ وجبنا .

شجاعته رضي الله تعالى عنه ..........
قال أبو بكر بن أبي شيبة : قام أبو هريرة إلى مروان بن الحكم وقد أبطأ بالجمعة فقال له : أتظل عن ابنة فلان تروحك بالمراوح وتسقيك الماء البارد وأبناء
المهاجرين والأنصار يصهرون من الحر ! لقد هممت أن أفعل وأفعل ثم قال : اسمعوا من أميركم - (صلاح الامة 3/103) ..................

شبهات و الرد عليها .....................
قبل سرد الشبهات لابد ان نفكر في الاجابة على تسائل خطير...لماذا يهاجم سيدنا أبو هريرة رضي الله تعالى عنه و هو الفقير الذي لم يكن يوما خليفه أو قائد؟
الاجابة ببساطة هي لانه أحد أكبر رواة الحديث فلو تزعزعت ثقة المسلمين فيه تزعزعت ثقتهم في الكثير من الاحاديث التي رواها و بالتالي تكون مقدمة لهدم سنة النبي صل الله عليه و سلم و هذه الاجابة ايضا توضح لماذا كانت السيدة عائشة تهاجم كثيرا من قبل مستشرقين و كتاب معاصرين...الهدف ليس عائشة رضي الله تعالى عنها او ابو هريرة رضي الله تعالى عنه انما الهدف الرئيسي هو سنة النبي صل الله عليه و سلم و محاولة بائسة يائسة من البعض ان يهدمها قال تعالى: " يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" (سورة التوبة – آية 32)
أول الشبهات …………


أولا: انكار السيدة عائشة احاديثه ...........
كان أبو هريرة يجلس إلى حجرة عائشة ، فيحدث ، ثم يقول : يا صاحبة الحجرة ،
أتنكرين مما أقول شيئا ؟
فلما قضت صلاتها ، لم تنكر ما رواه .
لكن قالت : لم يكن رسول الله - صل الله عليه وسلم - يسرد الحديث سردكم


الــــرد ......
و لابد ان نعي ان انكار السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها انما كان لسرد الحديث
اي انها ارادت توضيح ان الترتيل في الحديث اولى من السرد ..

ثانيا: محاكمة عمر .........
عن محمد بن سيرين قال: استعمل عمر أبا هريرة على البحرين؛ فقدم بعشرة آلاف.
فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه .
قال : لست بعدو الله، ولا عدو كتابه، ولكني عدو من عاداهما .
قال: فمن أين هذا؟
قال: خيل نتجت لي، وغلة رقيق، وأعطية تتابعت علي.
فنظروا فوجدوه كما قال ثم بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله فأبى .
فقال له عمر: قد عمل من هو خير منك يوسف عليه السلام .
فرد ابو هريرة: يوسف نبيّ ، وأنا ابن أميمة أخشى أن يشتم عرضي ، ويضرب
ظهري ، وينزع مالي .


الـــرد .......
هذه المحاكمة و ان كان سندها التاريخي ضعيف الا انها و ان صحت فهي من
حرص عمر الشديد على اموال المسلمين و لو ثبت على ابي هريرة رضي الله عنه
اية شبهه ما عرض عليه عمر رضي الله عنه و هو الشديد في الحق ان يستعمله في
مكان آخر ..........................


شبهات و الرد عليها .......................

ثالثا: اخفائه اجزاء من علمه ......
روى أبو هريرة : ( حفظت عن رسول الله وعاءين ، فأما الأول فبثثته ، وأما
الآخر وأما الآخر لو بثثته قطع هذا البلعوم) و بهذه المقوله لابي هريرة هاجمه
البعض بدعوى اخفاء العلم و استغلها جماعة تسمى الباطنية و قد جعل الباطنية هذا
الحديث ذريعة إلى تصحيح باطلهم حيث اعتقدوا أن للشريعة ظاهراً وباطناً وذلك
الباطن إنما حاصله الإنحلال من الدين .
الـــرد ......
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح" (1/216)
(حَمَلَ الْعُلَمَاء الْوِعَاء الَّذِي لَمْ يَبُثّهُ عَلَى الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا تَبْيِين أَسَامِي أُمَرَاء
السُّوء ، وَأَحْوَالهمْ وَزَمَنهمْ , وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَكُنِّي عَنْ بَعْضه وَلَا يُصَرِّح بِهِ ،
خَوْفًا عَلَى نَفْسه مِنْهُمْ , كَقَوْلِهِ : أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ رَأْس السِّتِّينَ وَإِمَارَة الصِّبْيَان ؛ يُشِير
إِلَى خِلَافَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة لِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَة سِتِّينَ مِنْ الْهِجْرَة . وَاسْتَجَابَ اللَّه دُعَاء
أَبِي هُرَيْرَة فَمَاتَ قَبْلهَا .
قَالَ اِبْن الْمُنِير : وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَة بِقَوْلِهِ : " قُطِعَ " أَيْ : قَطَعَ أَهْل الْجَوْر
رَأْسه إِذَا سَمِعُوا عَيْبه لِفِعْلِهِمْ وَتَضْلِيله لِسَعْيِهِمْ , وَيُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيث الْمَكْتُوبَة
لَوْ كَانَتْ مِنْ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مَا وَسِعَهُ كِتْمَانهَا .
وَقَالَ غَيْره : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ مَعَ الصِّنْف الْمَذْكُور مَا يَتَعَلَّق بِأَشْرَاطِ
السَّاعَة وَتَغَيُّر الْأَحْوَال وَالْمَلَاحِم فِي آخِر الزَّمَان , فَيُنْكِر ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَأْلَفهُ ,
وَيَعْتَرِض عَلَيْهِ مَنْ لَا شُعُور لَهُ بِهِ) .
وقال القرطبي رحمه الله : (حُمل على ما يتعلق بالفتن من أسماء المنافقين
ونحوه ، أما كتمه عن غير أهله فمطلوب بل واجب) .
لقائل أن يقول : كيف استجاز كتم الحديث عن رسول الله صل الله عليه وسلم وقد
قال: بلغوا عني ؟
وكيف يقول رسول الله صل الله عليه وسلم ما إذا ذكر قتل راويه ؟
وكيف يستجيز المسلمون من الصحابة الأخيار والتابعين قتل من يروي عن رسول
الله صل الله عليه وسلم ؟


فالجواب أن هذا الذي كتمه ليس من أمر الشريعة ؛ فإنه لا يجوز
كتمانها ، وقد كان أبو هريرة يقول : (لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم) وهي قوله
(إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى) فكيف يظن به أن يكتم شيئا من
الشريعة بعد هذه الآية ، وبعد أمر رسول الله صل الله عليه وسلم أن يبلغ عنه ؟
وقد كان يقول لهم : ليبلغ الشاهد منكم الغائب وإنما هذا المكتوم مثل أن يقول :
فلان منافق ، وستقتلون عثمان ، و( هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش ) بنو
فلان ، فلو صرح بأسمائهم لكذبوه وقتلوه) .

وفاته رضي الله تعالى عنه ....
كان رضي الله تعالى عنه يخشى الفتن و كان يقول: "أعوذ بالله من رأس الستين"
فاستجاب الله تعالى له و توفي قبلها.
و قد توفي بالمدينة و يقال بالعقيق سنة سبع و خمسين و عمره ثمان و سبعون سنة
رضي الله تعالى عنه و الصحابة اجمعين و جزاه عن امة الاسلام خير الجزاء ...
