أم عمارة نسيبة بنت كعب( بطلة في زمن الرجال).

أم عمارة نسيبة بنت كعب( بطلة في زمن الرجال).

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

أم عمارة نسيبة بنت كعب… بطلة في زمن الرجال

في صفحات التاريخ الإسلامي قصصٌ كثيرة عن الشجاعة والإيمان، لكن قلّ أن نجد امرأة خاضت ساحات القتال جنبًا إلى جنب مع الرجال، ووقفت بجسدها ودمها تدافع عن نبيها ﷺ، لا طمعًا في مجدٍ دنيوي ولا رغبةً في ذكرٍ بعد الموت، بل حبًا لله ورسوله.

إنها نسيبة بنت كعب المازنية، الملقبة بـ أم عمارة، واحدة من أروع النساء اللواتي سجّل التاريخ أسماءهنّ في سجلّ البطولة الخالدة.

كانت أم عمارة من أوائل من بايعوا النبي ﷺ في بيعة العقبة الثانية، حينما جاء الأنصار من المدينة المنورة ليعاهدوه على النصرة والحماية. كانت من بين امرأتين فقط شاركتا في تلك البيعة، مما يدل على مكانتها وثبات إيمانها. ومنذ تلك اللحظة، اختارت طريق التضحية في سبيل الله، فكانت من المجاهدات في سبيل الدعوة، لا تخشى في الله لومة لائم.

في غزوة أحد: 

image about أم عمارة نسيبة بنت كعب( بطلة في زمن الرجال).

حين انقلبت موازين المعركة في غزوة أحد، وفرّ كثير من المسلمين بعد أن باغتتهم قريش من الخلف، بقيت أم عمارة ثابتة كالطود العظيم، تمسك سيفها وترفع درعها لتدافع عن النبي ﷺ.

اقتربت من الرسول وهي تقول: “يا رسول الله، ادعُ الله أن نرافقك في الجنة.”

فقال ﷺ: “اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة.”

كانت تضرب بسيفها يمينًا ويسارًا، تتلقى الطعنات دفاعًا عن رسول الله ﷺ. حتى أصيبت باثني عشر جرحًا في جسدها، بعضها عميق حتى كاد أن يودي بحياتها، ومع ذلك لم تتراجع ولم تهرب. قال عنها النبي ﷺ بعد المعركة:

“ما التفتُّ يوم أحد يمينًا ولا شمالًا إلا وأنا أراها تقاتل دوني.”

أي شهادة أعظم من شهادة النبي ﷺ نفسه؟!

كانت تقاتل لا لأنها امرأة قوية فحسب، بل لأنها مؤمنة بأن الله يرفع من يشاء بالإيمان، لا بالجنس ولا بالمقام.

شجاعتها بعد وفاة النبي ﷺ

لم تقف بطولتها عند عهد النبي ﷺ، بل استمرت بعد وفاته. حين ادّعى مسيلمة الكذاب النبوة في اليمامة، خرجت أم عمارة مع جيش المسلمين، وكان عمرها قد تجاوز الستين عامًا.

قاتلت في المعركة بشجاعة نادرة، وأصيبت باثني عشر جرحًا جديدًا، وفقدت ذراعها وهي تدافع عن الدين، لكنها لم تتراجع. كانت تقول:

“ما أحب أن يُرفع عني جرح في سبيل الله.”

هكذا كانت أم عمارة، امرأة جسّدت الإيمان العملي، لم تعرف الضعف ولا الخوف، بل جعلت من جسدها درعًا للإسلام.

دروس وعبر من حياتها

قصة أم عمارة تعلمنا أن الإيمان الحقيقي ليس كلماتٍ تُقال، بل مواقف تُثبت. لم تنتظر نداء القتال من أحد، بل سارعت بنفسها لتكون في الصف الأول حين تضعف الهمم.

تُظهر لنا أن المرأة في الإسلام ليست مخلوقًا ضعيفًا أو تابعًا هامشيًا، بل يمكنها أن تكون رمزًا للشجاعة والقيادة والعطاء، ما دامت تحمل قلبًا صادقًا وإيمانًا عميقًا.

كما تعلّمنا من قصتها أن الدفاع عن المبدأ لا عمر له، فقد ظلت تقاتل في سبيل الله حتى بعد أن شاخت، لتثبت أن العزيمة لا تهرم، وأن القلب المؤمن لا يعرف الانكسار.

خاتمة

نسيبة بنت كعب ليست مجرد اسم في كتب السيرة، بل رمز خالد للثبات والتضحية. قصتها تذكرنا بأن البطولة ليست حكرًا على الرجال، وأن الإيمان قادر على أن يصنع من أي إنسانٍ – رجلًا كان أو امرأة – بطلًا تخلده الأجيال.

لقد خلدها التاريخ لأنها آمنت، وجاهدت، وقدمت روحها قربانًا لرسالةٍ آمنت بها حتى آخر رمق في حياتها.

إنها حقًا من أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانوا قدوة للأمة، ودرسًا خالدًا في أن الحق يحتاج إلى قلوب لا تخاف، وأرواحٍ لا تساوم.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Mohammed Elashry تقييم 0 من 5.
المقالات

2

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.