عليّ بن أبي طالب ومبارزة عمرو بن عبد ود — شجاعة أذهلت الأعداء وأنقذت الموقف

عليّ بن أبي طالب ومبارزة عمرو بن عبد ود — شجاعة أذهلت الأعداء وأنقذت الموقف

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

عليّ بن أبي طالب ومبارزة عمرو بن عبد ود 

 شجاعة أذهلت الأعداء وأنقذت الموقف

image about  عليّ بن أبي طالب ومبارزة عمرو بن عبد ود — شجاعة أذهلت الأعداء وأنقذت الموقف

تُعد **مبارزة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه مع عمرو بن عبد ود** من أعظم مشاهد الشجاعة والإيمان في التاريخ الإسلامي، ومن أبرز المواقف التي كشفت عن قوة العقيدة وروح التضحية التي غرسها **رسول الله صلى الله عليه وسلم ** في نفوس أصحابه.
حدثت هذه الواقعة خلال **غزوة الخندق (الأحزاب)**، حين اجتمع المشركون من كل حدب وصوب لمحاصرة المدينة المنوّرة، فكانت لحظة فاصلة بين الإيمان والكفر، والحق والباطل.

 بداية الموقف — التحدي في ساحة القتال

اشتد الحصار على المسلمين، وطال أمد الخندق، حتى بدأ الكفار يبحثون عن ثغرة لعبور الحاجز الترابي العظيم الذي حفره المسلمون.
في تلك الأثناء خرج فارس قريش الأشهر **عمرو بن عبد ود العامري**، الذي اشتهر بشجاعته وبطولاته في الجاهلية، وكان يُقال عنه إنه لا يُهزم في مبارزة.
تقدّم نحو الخندق وهو يرفع صوته متحديًا:

> “هل من مُبارز؟”

كان صوته استعلاءً وتحديًا للمسلمين، يطلب قتالًا مباشرًا ظنًا منه أن الخوف سيشلّ صفوفهم.
لكن هذا النداء لم يذهب سدى، فقد سمعه **علي بن أبي طالب رضي الله عنه**، الذي كان آنذاك شابًا قوي الإيمان ثابت الجنان، فاستأذن رسول الله ﷺ صلى الله عليه وسلم أن يخرج له.

 النبي صلى الله عليه وسلمﷺ يخشى عليه ويدعو له

النبي ﷺ صلى الله عليه وسلم كان يعلم من هو عمرو، ويعرف شدّته وقوته، فقال لعلي: “اجلس يا علي، إنه عمرو بن عبد ود.”
لكن عليًا أصرّ وقال بثقة المؤمن: “يا رسول الله، وإن كان عمروًا!”
فأذن له النبي ﷺصلى الله عليه وسلم ، ودعا له دعاءً خالدًا:

> “اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته.”

كان هذا الدعاء درعًا من السماء، يحيط عليًّا بالسكينة والنصر.

 مواجهة الشعر بالسيف والعقيدة

عندما اقترب عليّ من عمرو، حاول الأخير أن يستفزه بشعرٍ من الجاهلية، يقول فيه:

> “ولقد بححت من النداءِ **لجمعهم هل من مُبارز**
> ووقفت إذ جبن المشجعُ **موقفَ القرنِ المناجز**...”

فأجابه عليّ رضي الله عنه بشعرٍ أقوى معنى وإيمانًا:

> “لا تعجلن فقد أتاك **مُجيب صوتك غير عاجز**
> في نيةٍ وبصيرةٍ **والصدقُ منجي كل فائز**
> إني لأرجو أن أُقيم **عليك نائحة الجنائز**...”

حين سمع عمرو الشعر، دهش من فصاحة الشاب وثقته، وسأله: “من أنت يا بُني؟”
فقال علي: “أنا علي بن أبي طالب.”
فقال عمرو: “يا بني، كان أبوك صديقي، لا أحب أن أقتلك.”
فرد علي بثقة: “لكنني أحب أن أقتلك أنا.”

كلمات اختصرت الفرق بين **شجاعة الإيمان وشجاعة الجاهلية**.

 المعركة التي قلبت الموازين

بدأت المبارزة، وارتفع الغبار حتى لم يُرَ شيء في الميدان. وقف **النبي ﷺ*صلى الله عليه وسلم * يتابع ويدعو لعلي من قلبه.
وفجأة، سُمع التكبير من بعيد: **“الله أكبر!”**
فقال النبي ﷺ: صلى الله عليه وسلم “الله أكبر! قُتل عمرو بن عبد ود!”

خرج عليّ من بين الغبار منتصرًا، والدماء تغطي سيفه، بينما صمت المعسكر القرشي ذهولًا. لقد سقط أقواهم أمام إيمان شاب مؤمن لم يتجاوز الثلاثين من عمره.

 موقف الأخلاق بعد النصر

اقترب عليّ ليأخذ درع عمرو، كما هي عادة المنتصرين في الحرب، لكنه حين همّ برفعها، انكشفت **عورة عمرو**، فاستحيا عليّ وأعرض بوجهه، وغطّاها بردائه وترك الدرع.
هذا الموقف العظيم من **الحياء والرحمة** جعل النبي ﷺصلى الله عليه وسلم  يلقّبه بعدها بـ **“كرم الله وجهه”**، لأنه لم يرَ ما لا يليق حتى في عدوّه.

وصل الخبر إلى قريش، فأرسلوا إلى النبي ﷺ صلى الله عليه وسلم يطلبون منه جثة عمرو مقابل عشرة آلاف درهم، لكن النبي ردّ بعزة الكرامة قائلاً:

> “هو لكم بلا ثمن.”
> هكذا علّمهم الإسلام أن النصر لا يعني الانتقام، وأن **الكرامة أعظم من المال**.

 دروس من المبارزة الخالدة

1. **الإيمان أقوى من القوة المادية** — فشاب مؤمن هزم فارس قريش الأشهر بثقة بالله لا بالسلاح.
2. **الأخلاق زينة النصر** — لم ينسَ عليّ إنسانيته وهو يواجه عدوه في الميدان.
3. **قيادة النبي ﷺ صلى الله عليه وسلم في توجيه الأبطال** — تربوية وروحية تُخرّج رجالًا يعرفون معنى النصر الحق.
4. **الكرامة الإسلامية لا تُشترى** — رفض النبي ﷺصلى الله عليه وسلم  المال مقابل الجثة درس خالد في العزة.

 

الخلاصة

مبارزة **علي بن أبي طالب وعمرو بن عبد ود** كانت لحظة فارقة في غزوة الخندق، أكدت أن **الإيمان الحق يصنع المعجزات**، وأن الشجاعة ليست اندفاعًا، بل مزيج من العقيدة والأخلاق.
لقد سجل عليّ رضي الله عنه اسمه في سجل الأبطال، وخلّد التاريخ موقفه الذي غيّر مجرى المعركة وأدهش العالم إلى اليوم.

علي بن أبي طالب، مبارزة عمرو بن عبد ود، غزوة الخندق، بطولات الصحابة، كرم الله وجهه، شجاعة علي بن أبي طالب، سيرة النبي ﷺصلى الله عليه وسلم 

قصة مبارزة علي بن أبي طالب مع عمرو بن عبد ود في غزوة الخندق، واحدة من أعظم مواقف الشجاعة والإيمان في التاريخ الإسلامي، تجسد الأخلاق والبطولة الحقيقية.

اهم المصادر والمراجع التاريخية 

1. **السيرة النبوية لابن هشام** – الجزء الثالث، باب غزوة الخندق.
2. **تاريخ الطبري** – جامع البيان عن أخبار الأمم والملوك، حوادث السنة الخامسة للهجرة.
3. **الاستيعاب في معرفة الأصحاب** – ابن عبد البر، ترجمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
4. **المنتظم في تاريخ الملوك والأمم** – ابن الجوزي، فصل ذكر غزوة الأحزاب.
5. **دلائل النبوة** – البيهقي، باب معجزات النبي ﷺ في غزوة الخندق.

-

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
احمد المصرى Pro تقييم 5 من 5. حقق

$0.13

هذا الإسبوع
المقالات

270

متابعهم

112

متابعهم

894

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.