◾قصة سيدنا ذو الكفل عليه السلام: نبي الصبر والعدل الذي حمل الأمانة

◾قصة سيدنا ذو الكفل عليه السلام: نبي الصبر والعدل الذي حمل الأمانة

 

 

مقدمة

• يُعد سيدنا ذو الكفل عليه السلام أحد الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم بمدحٍ وإجلال، وهو من الشخصيات التي اتصفت بالصبر على البلاء، والعدل في الحكم، والحرص على العبادة والذكر. ورغم قلة التفاصيل عن حياته مقارنة بغيره من الأنبياء، إلا أنّ سيرته تحمل معانٍ عميقة عن قيمة تحمل المسؤولية وأداء الأمانة.
• في هذا المقال، نستعرض قصة سيدنا ذو الكفل عليه السلام، وصفاته، ومكانته بين الأنبياء، وكيف أصبح نموذجًا في الصبر والحكم بين الناس.

---

من هو ذو الكفل عليه السلام؟

• ورد ذكر سيدنا ذو الكفل عليه السلام في موضعين من القرآن الكريم:
• في قوله تعالى:

"وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ" (الأنبياء: 85).

• وقوله تعالى:

"وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ" (ص: 48).

• اختلف المفسرون في تحديد هويته، فمنهم من قال إنه نبيّ من بني إسرائيل، ومنهم من رأى أنه رجلٌ صالحٌ وليٌّ من أولياء الله لكنه لم ينل الرسالة. إلا أن الإجماع يميل إلى كونه من الأنبياء، وذلك لما ورد في القرآن من ثناء عليه بصفته صابرًا وعادلاً.

---

معنى اسم "ذو الكفل"

• يشير اسم ذو الكفل إلى "صاحب النصيب" أو "صاحب الحظ الكريم"، وقد قيل إنّه سُمّي بذلك لأنه كَفِلَ على نفسه أن يقوم بأمور معينة من العبادة والحكم والعدل، فوفّى بها كاملة.
  يذكر بعض المفسرين أنه كفَلَ أن يصلّي الليل، ويحكم بالحق، ولا يغضب، فكان عند حسن ظنّ الله وقومه.

---

قصة ذو الكفل كاملة

1. بداية الدعوة والتكليف

• جاء في آثار بعض العلماء أن ذو الكفل جاء في فترة بين نبيين عظيمين، وكان على الناس أن يختاروا من يحكمهم بالعدل في غياب الأنبياء حينها. فقال ذو الكفل:
  "أنا أكفل لكم بأن لا أغضب، وأن أقضي بينكم بالعدل، وأن لا أجهد في الليل إلا قائمًا لله"، فلُقّب بذو الكفل لأنه "كفل" نفسه بهذه العهود.

2. الابتلاء والاختبار

• اختبره الله تعالى في صبره، فابتلاه بقومٍ كثيري الشكاية، يأتونه في كل وقت يشكون ويختصمون. ومع ذلك، لم يغضب، ولم يتراجع عن وعده، وكان يردهم بالحكم العادل في كل مرة.
• وذكر أهل العلم أن الله ابتلاه أيضًا برجل كان يأتيه ليلًا ليختبر حلمه في غير وقت القضاء، فلم يتضجر ذو الكفل، بل استيقظ واستمع إليه، فدعا له وأصلح شأنه.

3. العدالة في القيادة

• تميز ذو الكفل بأنه كان حاكمًا عادلًا، لا يتردد في رد الظلم أو نصرة المظلوم، ولم يفرّق بين غني وفقير، ولا بين قريب وبعيد. وهذا ما جعله مثالًا للقائد الصالح الذي يلتزم بعهوده ويحرص على رضا الله في حكمه.

---

صفات ذو الكفل عليه السلام

• من الصفات الجليلة التي اتصف بها ذو الكفل:

1. الصبر

• وهو ما نص عليه القرآن صراحة:

"كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ"

2. الأمانة والإخلاص

• كفل نفسه بعهود ثقيلة ووفى بها، ولم يخلف وعدًا.

3. العدل في الحكم

• كان يحكم بين الناس بالحق، لا يميل مع الهوى ولا يتأثر بالمصالح.

4. العبادة الدائمة

• كان يقوم ليلًا على العبادة، رغم مشقة النهار مع الناس.

---

الدروس المستفادة من قصة ذو الكفل

1. الوفاء بالعهود

• كل مؤمن عليه أن يلتزم بعهد الله ولا يخلف وعده، فهذا من صفات الأنبياء.

2. الصبر على الأذى

• الصبر لا يعني السكوت على الظلم، بل تحمله مع القيام بالحق.

3. العدالة أساس الملك

• لا يستقيم حكم ولا تستقر أمة بدون عدل ونزاهة.

---

روابط حقيقية للقراءة الموسعة

🔗 تفسير ابن كثير لقصة ذو الكفل:
https://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=1&tSoraNo=21&tAyahNo=85&tDisplay=yes&Page=2&Size=1

🔗 إسلام ويب – من هو ذو الكفل؟
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/165797

🔗 كتاب قصص الأنبياء – ابن كثير (PDF)
https://ia802904.us.archive.org/31/items/QasasAlAnbiya_483/QasasAlAnbiya.pdf

---

خاتمة

• يعلّمنا سيدنا ذو الكفل عليه السلام أن القيادة ليست مجرد قوة أو نفوذ، بل هي عهد مع الله قبل الناس، وامتحان في الصبر وصون الأمانة. رغم عدم وجود تفاصيل كثيرة عن حياته، إلا أن اسمه يكفي ليكون رمزًا للصبر والعدل وصدق الوعد.
  وتبقى قصته نورًا يُهتدى به لمن يريد أن يسير على درب الصالحين، فيكون صابرًا على البلاء، عادلًا بين الناس، قائمًا على عبادة الله وحده.