هل أنا المهدي؟

هل أنا المهدي؟

0 المراجعات

سألني أحدهم ذات يوم ما قولك فيّ إذا ادعيت أنني المهدي؟

قلت له: يا عزيزي بشأنك أنت فلا تعليق لي، ولكني إن أشأ الرد على العموم فسيكون كما يلي:

أولا: المهدي سيبايع عند الكعبة ما بين الركن والمقام لظروف ما وسمات ما يتوسمها علماء المسلمون وعامتهم فيه، وتكون علامة أنه ليس قائد عادي أو مصلح عابر أو مجدد ما هي علامة ذكرت في حديث رسول الله ﷺ الذي يقول فيه: ((يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ثم ذكر شيئاً لم أحفظه فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي.)) رواه ابن ماجه والحاكم، وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير: هذا إسناد قوي صحيح.

وقيل أنه بعد ظهوره ستعقبه علامة الخسف المذكورة في حديث رسول الله ﷺ: ((يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا بيداء من الأرض خسف بهم، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارهًا؟ قال: يخسف به معهم حتى لو كاره، لماذا اجتمع معهم ومشى معهم ورافقهم؟ فكيف بمن كان كارهًا، قال: يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته.)) [رواه مسلم: 2882] ، فقد قال بعضهم: أن هذا الحديث ينطبق على المهدي، وأنه سيبايع، ويكون عائذًا بالبيت، وسيبعث إليه جيش، وسيخسف الله بالجيش.

ثم إن الإمام المهدي رجل يبعثه الله في وسط الأحداث لتصنعه ويصنعها لا مجرد مدع أو صاحب شعارات، بل هو -حسب رؤيتنا وفهمنا لسنة الله في التجديد للدين وفي ضوء الأحاديث النبوية التي ذكر فيها- سيكون رجل أقوال وأفعال في الوقت ذاته وسيكون رجل إصلاحات كبرى للمجتمع الإسلامي ومحاربة للفساد والشرور في حدود مقدرته وإستطاعته قبل مبايعته، لأن ليلة إصلاح الله له -والله أعلم- ليست هي ذاتها الليلة السابقة ليوم مبايعته فلا دليل على اقترانهما في السنة النبوية، بل قد يكون بينهما زمنا شاسعا من مساعي المهدي للإصلاح، فيتوسم فيه علماء المسلمين وعامتهم السمات التي يبايعونه إماما لأجلها، ثم تحدث علامة صدق أنه المهدي وهي اقتتال الأمراء الثلاثة عند كنز الكعبة وخروج الرايات السود، ثم يبايع وتحدث بعدها علامة الخسف بالجيش الذي يُبعث إليه كما أسلفنا الذكر.

كما أن المهدي لا يعلم بأنه المهدي إلا بعد إرادة الله إظهاره، ولذلك يمتنع من البيعة حتى يتهدد بالقتل ويبايع مكرهاً، فهذا هو سر قوله ﷺ (يصلحه الله في ليلته) ليُعلم من ذلك أنه لم يَعلم أنه المهدي إلا وقت إرادة الله إظهاره، فكل من يدعي أنه هو المهدي المنتظر ويطلب البيعة لنفسه أو يقاتل الناس لتحصيلها فهو مخالف لما صرحت به أحاديث النبي ﷺ ، إذن هو لن ينادي في الناس -في بادئ الأمر- باتباعه هو شخصيا أو سيلقب نفسه بالمهدي، بل الأرجح أنه سينادي أولا بإصلاح الدنيا بالدين والرجوع إلى القرآن والسنة ومحاربة الباطل وأهله، وسيعمل بذلك ويصدع بالحق وسيكون قدوة ونموذجا يحتذى به في قوته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تتم مبايعته .. فهل أنت منتهٍ؟!

ثانيا: لا تقلق يا عزيزي فالمهدي لن يجئ لنا على طبق من ذهب ..
ولن تقوم الملاحم على أيدي أبطال غيرنا بينما نشاهدهم ونشجعهم بمصمصة شفاهنا..
بل -والله أعلم- فإن مفتاح كل ما يحدث الآن هو كلمة، ألا وهي "الفتن" ..
نعم .. سنبتلى فردا فردا وأسرة أسرة وجماعات ودولا بل وأمة بأكملها وسنفتن في ديننا أشد الفتنة ..
حتى يخرج من بين تلك الفتن والابتلاءات العظام أبطال رجال مؤمنون يحملون هم الدين كما ينبغي له أن يُحمل ..
وهؤلاء هم من ستقوم بهم "الملاحم" وهم من سيقودون باقي الأمة إلى أن يجيء الإمام المهدي فيكونوا أتباعه المخلصين ..
ثم إن سياق الكلام لمعظم من يتحدثون عن المهدي يُفهم منه أن المهدي سيأتي على طبق من ذهب ومخلصا للأمة، بينما أفراد الأمة غارقون في غفلتهم ولا أدنى دور لهم في تخليص أمتهم مما هي فيه ..
بل إن لم نحاول تخليص أمتنا مما هي واقعة فيه طوعا؛ فسيأتي دورنا كرها أو سنكون في فسطاط المنافقين ..
نعم يا عزيزي .. أنت من الأمة المنوط بها تغيير العالم وإصلاح البشرية وصناعة الأحداث ..
لكننا الآن للأسف لا دور لنا إلا أن تصنع فينا الأحداث، بل نتحرك كما تتحرك عرائس الماريونت، الكل يلهو بنا ..
أفنترك الأمم تلهو بنا حتى يجيء المخلص يخلصنا مما نحن فيه، بدون تضحياتٍ من قبلنا ولا أذًا في سبيل ديننا !!
كلا والله ، ليس هذا هو ثمن الجنة التي قال الله عنها : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا}.

وللاستزادة في موضوع "الإمام المهدي" :
https://almunajjid.com/courses/lessons/347

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

9

followers

5

followings

1

مقالات مشابة