قصة الإسلام مع غزو الفضاء

قصة الإسلام مع غزو الفضاء

0 المراجعات

في الوقت ذاته الذي يعتبر الغرب نفسه رائدا في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية، ويدعي أنه يسعى لنشر هذه القيم في جميع أنحاء العالم؛ يطرح هذا التساؤل نفسه، ألا وهو:
هل هذا الإدعاء صادق؟ أم أن الغرب يستخدم حقوق الإنسان كوسيلة لتحقيق مصالحه السياسية والاقتصادية والعسكرية؟ وهل يهتم الغرب بحياة الإنسان بالفعل، أم أنه يضع الاكتشافات العلمية والتقدم التكنولوجي فوق الحياة والكرامة الإنسانية؟

أولا: لننظر إلى تاريخ الغرب وكيف تعامل مع الشعوب والأمم الأخرى. من المعروف أن الغرب قام بحملات استعمارية واستبدادية وعنصرية على مدى قرون طويلة، وأنه قتل وسلب واستعبد واضطهد ملايين البشر في إفريقيا وآسيا وأمريكا وأستراليا وغيرها من القارات. وقد استخدم الغرب القوة والعنف والتزوير والتضليل لفرض هيمنته وثقافته ودينه على الآخرين، ولتبرير جرائمه بالاستناد إلى نظريات العنصرية والتفوق الحضاري والبقاء للأقوى، ولم يتوقف الغرب عند هذا الحد، بل واصل تدخله في شؤون الدول الأخرى وتأثيره على مصائرها ومستقبلها، بحجة نشر الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ولكن في الحقيقة لحماية مصالحه ومكاسبه ومنافعه.

ثانيا: لننظر إلى واقع الغرب وكيف يتعامل مع القضايا الإنسانية والعلمية. من المفترض أن الغرب يمتلك الثروة والموارد والإمكانات لتحسين حياة الإنسان وحل المشاكل التي تواجه البشرية، مثل الفقر والجوع والأمراض والتلوث والتغير المناخي وغيرها. ولكن هل يفعل الغرب ذلك؟ أم أنه يضيع هذه الفرصة في سبيل الاستهلاك والإسراف والتبذير والتسلط والتنافس والتسابق على السلاح والفضاء والطاقة والمعلومات وغيرها من المجالات العلمية والتكنولوجية؟

فالإجابة على هذا السؤال تتطلب تحليلا موضوعيا ونقديا للواقع الغربي، ولكن بشكل عام يمكن القول أن الغرب يعاني من أزمة أخلاقية وإنسانية، وأنه يفتقر إلى العدل والتوازن والمسؤولية في تعامله مع الإنسان والعلم. فالغرب ينفق مليارات الدولارات على الحروب والصراعات والتسلح والتجسس والتنصت والتخريب والتدمير، بينما يتجاهل أو يقلل من أهمية وضعية الملايين من البشر الذين يعيشون في الفقر والجوع والمرض والظلم والاضطهاد.

والغرب يهدر موارده وطاقاته في مشاريع علمية وتكنولوجية غير ضرورية أو مضرة أو مثيرة للجدل، مثل الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية والفضائية والجينية والذكاء الاصطناعي والروبوتات والمخلوقات الهجينة وغيرها، بينما يتغاضى أو يتأخر عن إيجاد حلول علمية وعملية للمشاكل الحقيقية التي تهدد حياة الإنسان وبقاءه على كوكب الأرض.

ومن خلال هذا يتبين لنا أن الغرب لا يهتم بحياة الإنسان بالقدر الذي يهتم بالاكتشافات العلمية، وأنه ينفق عليها أكثر من إنفاقه على حياة الإنسان. وهذا يدل على أن الغرب يعاني من نقص في القيم الإنسانية والأخلاقية، وأنه يسير على طريق الانحراف والانحطاط. ولهذا فإن موقف الغرب من الحياة الإنسانية بحاجة إلى مراجعة.

ثالثا: دعونا ننطلق إلى أنه من أهم الأسباب التي يحارب الغربيين المسلمين بسببها، أن الإسلام يشكل خطورة على كل ما يضمن للغربيين استمرار قوتهم وتفوقهم على باقي الأمم، وبالصورة التي يجحفون بها على غيرهم ولا يراعون فيها إلا الحصول على أقصى درجات الترف، ولو في سبيل حرمان غيرهم من أبسط حقوقه في الحياة، وإذ يقول ربنا سبحانه وتعالى ﴿زُیِّنَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا وَیَسۡخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۘ وَٱلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ فَوۡقَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ وَٱللَّهُ یَرۡزُقُ مَن یَشَاۤءُ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ﴾.

أنظر إليهم .. فهاهم يدعون أنهم وصلوا للقمر ومن بعده المريخ وينفقون على هذه الأبحاث أموالا طائلة، وهاهم يلقون بفائضهم من القمح في البحار من أجل الحفاظ على سعره العالمي، في ذات الوقت الذي يموت فيه غيرهم من الجوع والعطش في مجاهل أفريقيا.

ولكم من تاريخ الإسلام تذكرة، فماذا فعل عمر بن عبد العزيز عندما فاضت في خزائن المسلمين الأموال؟ أفاض على شباب المسلمين وعلي غير المسلمين، بل حتى إن الخير قد شمل الطيور على الجبال، وشتان ما بين حضارتهم من حضارة نفعية ومن حضارتنا. 

وقد تستنكر وتسأل وهل هذه الأبحاث محرمة؟ وما المانع في غزو الفضاء؟ وهل أنتم مؤيدون للرجعية والتخلف اللذين هما حال المسلمين الآن؟

نقول : كلا ، ولكن {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، وهذا كلام ربنا وربهم الذي كفروا به وهذا دستورنا ويجب أن يكون دستورهم، ونقول لهم: فلتغزو الفضاء ولتغزو أعمق أعماق المحيطات نفسها، ولكن لا تتسبوا في قتل الملايين من البشر وتمنعوا عنهم أبسط حقوقهم في الحياة ثم تحدثوننا عن الفضاء وغزوه، فحياة إنسان واحد أهم عند بارئها من آلاف الصور لصخور صماء "تدعون" أنها من الفضاء. 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

9

followers

5

followings

1

مقالات مشابة