ليلة الاسراء و المعراج من اجمل معجزات النبى

ليلة الاسراء و المعراج من اجمل معجزات النبى

0 المراجعات

رحلة الإسراء والمعراج تحتاج إلى مجلدات ضخمة للتدبُّر في كل جزئية من جزئياتها، فهي صفحة من صفحات الغيب فتحها الله تعالى لعباده المؤمنين، ودعاهم إلى قراءتها بعناية، وفهم تفصيلاتها، فنسأل الله أن يرزقنا فهمها، والعمل بما جاء فيها، ومع أن المجال لا يتسع للغوص في كل موقف من مواقف السيرة العطرة؛ فإننا ينبغي أن نقف وقفة -ولو سريعة- لأخذ بعض الدروس والعبر والعظات والمعاني من هذه الرحلة المجيدة.                                                                                                                                                                                                                                                            أولاً: تكريم الرسول صلى الله عليه وسلم والأنبياء والأمة الإسلام
لعلَّ هذا هو أبرز المعاني في هذه الرحلة الخالدة؛ فالرحلة من أولها إلى آخرها عبارة عن فقرات تكريمية لسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت بذلك احتفالية غير مسبوقة لا يمكن مقارنتها بأي تكريم آخر على مرِّ التاريخ!                                                                                                                                                                                                                                                                                                             لقد جاءت الدعوة من مَلِك السموات والأرض سبحانه إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لمقابلته في الملكوت الأعلى، وشاء الله عز وجل أن يُعَدِّد الفقرات لرسوله صلى الله عليه وسلم وذلك لزيادة التكريم والتشريف، وكذلك للتمهيد للموقف العظيم، عندما يقف الرسول صلى الله عليه وسلم في حضرة ربِّ العالمين، فكانت زيارة المسجد الأقصى، وكان العروج إلى السموات، وكانت مقابلة الأنبياء، وكانت زيارة سدرة المنتهى، ورؤية البيت المعمور، ورؤية جبريل عليه السلام في صورته الملائكية، ثم كان دخول الجنة بعد لقاء الله تعالى.. هذه كلها فقرات تكريمية خالدة؛ بل إن الغوص في التفاصيل لن يحمل إلا تكريمًا أعظم، وتشريفًا أجلَّ، فكل موقف في السموات، وكل كلمة صدرت من الأنبياء في لقائهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل مشهد في الجنة، كل هذا لا يعني -في حقيقته- إلا صورة متجدِّدة من التكريم والتشريف.

وإني لألمح فوق ذلك تكريمًا لبعض الأنبياء كذلك في هذه الرحلة؛ فالأنبياء عددهم هائل، ولا يقف عددهم كما يتخيل البعض عند الأسماء التي ذُكِرَت في القرآن الكريم؛ فقد قال الله تعالى: {وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} [النساء: 164]. وعندما سأل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن عدد الأنبياء والمرسلين قال: "مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلاَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا" [1]. فَمِنْ كل هذا العدد الكبير اختار الله تعالى عددًا محدودًا ليكون في شرف استقبال النبي الـمُكَرَّم صلى الله عليه وسلم، ثم أكرمهم جميعًا بالصلاة خلفه في المسجد الأقصى، فكانت صلاةً رائعة جمعت أتقى البشر، وأعظم الموحدين، وأفضل مَنْ عرفوا الله تعالى.
 والحقُّ أنني أجد فوق ذلك تكريمًا للأُمَّة الإسلامية التي جعل اللهُ سبحانه قيادتها لهذا النبي العظيم، الذي هو في حقيقته مِنَّة من الله وفضل؛ قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]، فلله الحمد والشكر.

ثانيًا: تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والتسرية عنه
كان العام العاشر من البعثة من أشَقِّ الأعوام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد ماتت فيه زوجته القريبة إلى قلبه خديجة رضي الله عنها، التي لم تكن مجرَّد زوجة؛ إنما كانت صديقة وحبيبة وناصحة ومستشارة؛ ففقد رسول الله صلى الله عليه وسلم بموتها الشيء الكثير، وحمل بعدها وحده مسئولية البنات التي تركتهن خديجة رضي الله عنها وراءها، إضافة إلى حِمْل الدعوة الثقيل، ومات كذلك أبو طالب عمُّ الرسول صلى الله عليه وسلم، وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرًا لموته، ليس لفقدان الدعم السياسي والاجتماعي فقط؛ ولكن لكونه مات كافرًا؛ بل نهى اللهُ تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له؛ قال تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113]، فكان ألمه صلى الله عليه وسلم لذلك كبيرًا، وتعرَّض رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لآلام شديدة في مكة عندما تطاول أهلها عليه بعد وفاة عمِّه؛ مما وصل به إلى الدعاء عليهم للمرَّة الأولى في حياته؛ وذلك كما مرَّ بنا في موقف الكعبة، ثم تفاقم الألم أكثر بعد رحلة الطائف المفجعة، حيث تعرَّض الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه زيد بن حارثة رضي الله عنه للأذى المعنوي والجسدي، وعاد صلى الله عليه وسلم إلى مكة مهمومًا باكيًا ليدخلها في إجارة مشرك ليس من قبيلته؛ هو المطعم بن عدي من بني نوفل؛ وذلك بعد أن تخلَّت عنه عائلته الشريفة بنو هاشم.

في وسط كل هذه الآلام والأحزان، وبعد أحداث جعلت المؤرخين يُطلقون تسمية "عام الحزن" على هذا العام الصعب، جاءت رحلة الإسراء والمعراج لتُخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من أحزانه تمامًا؛ بل لتُخرجه من الأرض بكاملها إلى السماء؛ بل من الدنيا بكل همومها إلى الآخرة بكل نعيمها؛ حقًّا ما أسعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة وبعدها، ولا شكَّ أن نظرته للمكذبين من أهل مكة والعرب له صارت أكثر شفقة عليهم، وأقلَّ غضبًا منهم؛ فقد رأى بعينه المصير التعيس الذي يُقبِلون عليه، ورأى النعيم المقيم الذي يضيع منهم، فصار همُّه كلُّه أن يستنجهم من النار مهما تعرَّض للأذى منهم، وطابت نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم لكل ألم يُعانيه من أجل تحقيق الهداية لهم.
وقد ترجم هو صلى الله عليه وسلم هذه الروح الرفيقة إلى كلمات من نور، فقال -كما روى أبو هريرة رضي الله عنه: "إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا" [2].

ثالثًا: تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته
ما أكثر ما سأل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جبريلَ عليه السلام في هذه الرحلة: ما هذا يا جبريل؟! كانت الرحلة وكأنها رحلة تعليمية مُشَوِّقة؛ تعلَّم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير، ونقله إلينا كاملاً، فعرفنا في دقائق أو ساعات ما يعجز العلماء عن معرفته أبد الدهر!

لقد عرفنا أشياء عن السماء وأبوابها، وحُرَّاسها، وأهلها، وعرفنا صفة بعض الأنبياء، وعرفنا تفاصيل كثيرة عن السماء السابعة، وسدرة المنتهى، والبيت المعمور، وعرفنا تفاصيل عن الجنة والنار، والأكثر من ذلك أننا اطَّلعنا على كثير من الأمور العملية التي تُساهم في نجاحنا في اختبار الدنيا، والوصول إلى الجنة بسلام؛ عرفنا أن غراس الجنة هو التسبيح والحمد والتكبير والتهليل، وعرفنا قيمة الصلاة في حياتنا، وعرفنا سُنَّة ركعتي الوضوء في موقف بلال بن رباح رضي الله عنه، وعرفنا أهمية خواتيم سورة البقرة، وعرفنا من ماشطة ابنة فرعون معنى الثبات على الحقِّ، وعرفنا أهمية الحجامة وقدرها، وعرفنا آفات اللسان وكيف تُهْلِك المرء إذا وقع فيها، وعرفنا قيمة بعض الصحابة وقدرهم عند الله، ورأينا -كمثال لهم- مكانة عمر بن الخطاب وبلال والغميصاء أم سليم بنت ملحان رضي الله عنهم جميعًا، فتَعَلَّمنا أن نأخذهم قدوة في حياتنا.. لقد عرفنا هذا وغيره من العلم؛ مما جعل هذه الرحلة في مجملها كنزًا لا بُدَّ للمؤمنين والمؤمنات أن يعكفوا عليه.

رابعًا: ترسيخ الإيمان بالغيب
ما أروع هذه الفائدة!
إن الإيمان بالغيب ركن ركين من أركان الارتباط بهذا الدين وفهم أصوله، ولا معنى للإيمان أصلاً دون يقين في الغيب؛ ولنتدبَّر في تعريف الإيمان كما عَرَّفَه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأله جبريل عليه السلام عنه؛ وذلك كما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال -أي جبريل عليه السلام-: "فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ". قَالَ جبريل عليه السلام: صَدَقْتَ". إننا لا نرى اللهَ تعالى بعيوننا في الدنيا، وكذلك لم نرَ الملائكة، ولا الكتب الصحيحة غير المحرَّفة السابقة للقرآن، ولا الرسل، وكذلك اليوم الآخر، ولا نعرف شيئًا البتَّة عن القدر الذي كتبه الله تعالى وأمضاه؛ إن هذا يعني أن كل أركان الإيمان عبارة عن "غيب" بالنسبة إلينا؛ فإذا اهتزَّ الإيمان بالغيب اهتزَّ الدين من أساسه.

ولذلك كانت هذه أولى صفات المؤمنين المذكورة في القرآن الكريم في أول سورة البقرة؛ قال تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 1 - 5]، فالإيمان بالغيب هو الذي سيقود العبد إلى إقامة الصلاة، والإنفاق في سبيل الله، والقيام بكل تكاليف الدين. وهنا يأتي الدور العظيم لرحلة الإسراء والمعراج!

لقد انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة نقلة نوعية من مرحلة الإيمان بالغيب دون أن نراه، إلى مرحلة رؤية الغيب ذاته؛ بل العيش فيه طوال مدَّة الرحلة! لقد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضرة الله تعالى للحظات، واستمع إلى كلام الله له؛ بل تردَّد بينه صلى الله عليه وسلم وبين موسى عليه السلام عدَّة مرَّات، ورأى الملائكة في هذه الرحلة كذلك، وقابل الأنبياء السابقين، وعاش في الدار الآخرة للحظات! دخل الجنة، وتجوَّل في دروبها وأنحائها، واطَّلع على النار، ووصف سعيرها وحميمها!

إنه باختصار انتقل من مرحلة "علم اليقين"، إلى مرحلة "عين اليقين"؛ قال تعالى: {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [التكاثر: 5-7]، إن هذا الانتقال سيحدث لنا جميعًا يوم القيامة؛ لكنه حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ونقله إلينا بحذافيره؛ فكأننا رأيناه بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام الدليل على صدقه بما أخبر به من أدلَّة؛ خاصة برحلة الإسراء إلى بيت المقدس كما مرَّ بنا، وإذا ثبت لنا صدقه صلى الله عليه وسلم في أمر الإسراء فهو صادق في أمر المعراج، وبالتالي صادق في وصف الغيب الذي رآه، وبذلك حوَّلت رحلة الإسراء والمعراج إيماننا بعالم الغيب إلى إيمان بعالم الشهادة، وهو تطوُّر كبير يُرَسِّخ الإيمان في القلب، ويُزيل عنه الشكوك والريب.

خامسًا: تحقيق الاختبار للناس
من المؤكد أن التصديق بإمكانية حدوث رحلة الإسراء والمعراج يحتاج إلى إيمان عميق بالله عز وجل، وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم؛ فالرحلة من أولها إلى آخرها خروج عن المألوف، والرحلة من أولها إلى آخرها كذلك خارجة عن إمكانيات البشر وقدراتهم؛ ومن ثَمَّ فإن ضعيف الإيمان سيُنكر بقوَّة إمكانية حدوث الرحلة، وهو بذلك وكأنه يُعلن عن شكِّه في قدرة الله سبحانه، أو شكِّه في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وكلا الشكَّين محبطٌ للإيمان؛ فصارت بذلك الرحلة كاشفة عن هؤلاء المذبذبين، وفاضحة لضعفاء الإيمان، ولقد أكَّد الله تعالى على هذا الهدف تحديدًا -هدف اختبار الناس- في كتابه الكريم في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60]، وجاء سياق الآية بأسلوب القصر، وكأنه يُريد أن يقصر أهداف رحلة الإسراء والمعراج على هذا الهدف فقط لأهميته.

ورأينا في زماننا من المسلمين المتأثِّرين بالثقافة الغربية، والمسحورين بمادية الحضارات المعاصرة، مَنْ يُنكر حدوث الإسراء والمعراج الروح والجسد معًا، ويقصره على الروح فقط؛ وذلك حتى لا يُجَابَه باعتراضات العَلمانيين؛ الذين لا يُؤمنون إلا بالعالَم المنظور فقط، ويُنكرون "الغيب" بكل تفصيلاته، وينسون أن القضية قضية اختبار وفتنة، وأن الذي لا يُؤمن بقدرة الله على إحداث الإسراء والمعراج على النحو الذي وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هو في الحقيقة لن يُؤمن بأي تعليم أو شعيرة أو مبدأ يرتبط بهذا الدين، وإلا فكيف سيُفَسِّر نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وكيف سيُؤمن بوجود جبريل عليه السلام؟ وكيف سيُصَدِّق بنقل جبريل عليه السلام للوحي من الله تعالى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وكيف سيعتقد في البعث بعد البلى والفناء؟ وكيف سيفهم الخلود وعدم الموت في الجنة أو في النار؟ وكيف سيستوعب الحياة في جهنم بسعيرها ولهيبها مع عدم ذهاب الروح؟

إن كل هذا يعتمد -بشكل أساسي وكامل- على الإيمان بقدرة الله سبحانه، والإيمان بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فمَنْ كان يؤمن بهذا وذاك فستُصبح رحلة الإسراء والمعراج بالنسبة إليه أمرًا عاديًّا، وواقع الأمر أن هناك آياتٍ كثيرة مشابهة لآيات الإسراء والمعراج تحدث لنا كل يوم وليلة؛ بل كل لحظة؛ ولكن ضعاف الإيمان لا يربطونها بالله تعالى! أليست حركة القلب والرئة دون إرادة منَّا آية باهرة؟ أليس سريان الدم في العروق آية كبرى؟ أليس إحساس الأطراف بالآلام والبرودة والسخونة والضغط وغير ذلك من أحاسيس آية عظمى؟

هذا في أنفسنا؛ أما في الكون فالأمر أعظم! قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [غافر: 57]، وليقرأ أحدنا عن تفاصيل حركة الشمس والقمر والنجوم والكواكب، وعن أعماق البحار، وباطن الأرض، ونمو الزرع، ونقاء الهواء؛ لنقرأ عن ذلك كله لنُدرك حقيقة قدرة الله تعالى، وبروز آياته في كل لمحة من لمحات هذا الكون؛ قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53]؛ فالآيات موجودة وظاهرة، والذي ينظر إليها بتدبُّر بسيط سيتبيَّن له أنها الحقُّ، وسيدرك إدراكًا كاملاً أن الذي فعل هذه الآيات وأحكمها قادرٌ على الإسراء برسوله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، والعروج به إلى السموات العلا، ولن يُنكر ذلك إلا جاحد. من هنا كانت الرحلة فتنة للناس، فتميَّز الناس بعدها إلى مؤمن وكافر، وإلى مُصَدِّقٍ ومُكَذِّب، وما زالوا يتميَّزون!

الختام:  سئل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ليلة الاسراء و المعراج؟                                                                                                                                                                                                          قال :"نور أنى أراه"نعم لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار سبحانه جل شأنه ,وعظم جاهه,ولا إله إلا هو وحده لا شريك له.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

1

متابعهم

1

مقالات مشابة