التوبة :طريق الرجوع إلى الله

التوبة :طريق الرجوع إلى الله

0 المراجعات

إن التوبة  لا تحصل بمجرد ترك الذنب، بل لا بد مع ذلك من الندم على ما سلف منه، والعزم الصادق على عدم العودة إليه في المستقبل، قال النووي في شرح صحيح مسلم: التوبة لها ثلاثة أركان:

 

الإقلاع، والندم على فعل تلك المعصية، والعزم على أن لا يعود إليها أبدًا.

 

فإن كانت المعصية لحق آدمي، فلها ركن رابع، وهو: التحلل من صاحب ذلك الحق.

وأصلها الندم، وهو ركنها الأعظم.

 

علامات قبول الله لتوبة العبد، وأعماله

 

استقامته على الحق والهدى، والسير على المنهج القويم، فهذا من علامات أن الله وفقه، وقبل منه، متى تاب إلى الله، وأناب إليه، واستقام على الحق، فهذا من علامات التوفيق، وأن الله، قد تاب عليه

أما انحرافه، وعدم استقامته دليل على أن التوبة غير صادقة، أو أن الله لم يقبلها منه.

فمثلا إن كان يصلي؛ استمر في الصلاة، وإن كان يصوم؛ استمر في الصوم، وإن كان بارا لوالديه؛ استمر في بر الوالدين، إذا استمر على هذا؛ فهذه علامة الخير، مثلما أن الإنسان بعد رمضان إذا استمر في الخير، هذه علامات أن الله قبل صيامه، وإذا انحرف؛ فهذه علامات عدم التوفيق.

 

حكم التوبة من الكبائر

 

منها، جاء في الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي: التوبة من الكبيرة واجبة عينًا فورًا، بنصوص الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، قال القاضي الباقلاني: وتجب التوبة من تأخير التوبة.

 

وأما التوبة من الصغيرة: فواجبة عينًا فورًا -أيضًا-، كما في الكبيرة، قاله الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة والجماعة.

 

مصطلحات التوبةومسمياتها

 

الندم على فعل الذنب ، وعقد العزم على عدم العودة إليه ، والتوجه إلى الله طلبًا للمغفرة. وهى(اسم)ومصدر (تابَ) والجمع : تَوْبات و تَوَبات و تَوْب.

وهى تعني  : الاعتراف والندم والإقلاع، والعَزْم على ألاَّ يعاود الإنسان ما اقترفه من إثم.

مع الإشارة إلى أن التَّوْبَة: اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 9 في ترتيب المصحف، مدنيَّة، عدد آياتها تسع وعشرون ومائة آية

ومن الجدير ذكره أن التَّوْبة النَّصوح:تعني التَّوبة الصادقة، وهي ندم بالقلب واستغفار باللِّسان

قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة ٢٢٢]، فما هي التوبة؟التوبة هي الرجوع من معصية الله إلى طاعة الله،

 

أقسام التوبة

 

تقع التوبة كلِّيَّةً وجزئيَّةً:

١/ كلِّيةً بأنْ يتوب الإنسانُ من كلِّ ذنبٍ، ومنها توبة الكافر فإنَّها كلِّيةٌ يمحو الله تعالى بها كلَّ ما سلفَ من ذنبه كما قال جل وعلا: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال ٣٨]، ويقول المسلم: اللهمَّ إنِّي أستغفرك من جميع الذنوب وأتوب إليك، هذه كلِّية.

٢/التوبة الخاصَّة أن يتوب من ذنبٍ معيَّنٍ؛ كإنسانٍ تاب من أكْل الرِّبا لكنَّه مُصِرٌّ على شُرب الخمر -والعياذ بالله- فهذه توبةٌ خاصَّةٌ جزئيَّةٌ، لا هي بشاملة،

 

شروط التوبة إجمالا 

 

للتوبة شروطٌ خمسة: الأول: الإخلاص لله.والثاني: الندم على ما فَعَل.والثالث: الإقلاع عنه.والرابع: العزم على ألَّا يعود.والخامس: أن تكون التوبة قبل غلْق الأبواب. خمسة شروط؛ الأول: الإخلاص، والثاني: الندم، والثالث: الإقلاع، والرابع: العزم على ألَّا يعود، والخامس: أن تكون التوبة في زمن الإمكان.

 

شروط التوبة تفصيلا 

 

١/الإخلاص بأنْ يكون الحاملُ على التوبةِ خوف الله عز وجل ورجاءُ التقرُّب إليه؛ لئلَّا يقصد بذلك دُنيا ولا جاهًا ولا شيئًا من مخلوقات الله عز وجل، لا يريد إلا الوصول إلى رضا الله عز وجل ودار كرامته، والإخلاص شرطٌ في كلِّ عمل.

٢/ الثاني: الندم على ما مضى من الذنب؛ بحيث يَشْعر الإنسانُ بالحزن والتأسُّف كيف وقع منه هذا الذنب. والندم هو انفعالٌ في النفس يحصل بفِعْل الإنسان وبغير فِعْله، لكن كلامنا في الندم في التوبة الذي يكون بفعله؛ بمعنى أنه يتحسَّر ويتأسَّف أن وَقَع منه الذنبُ، ولا يكون حالُه كحال مَن لم يُذنب.

٣/الثالث: الإقلاع عن الذنب؛ فإنْ كان معصيةً بمحرَّم فليجتنبْه، وإنْ كان تفريطًا في واجبٍ فليفعلْه، وعلى هذا فمَن زَعَم أنَّه تائبٌ من الغِيبة ولكنَّه لا يَدَع فرصةً تحصل فيها الغِيبة إلا اغتابَ،فهو ليس بتائب حقيقة.

٤/ الرابع:العزم أي العزم على ألَّا يعود؛ بأنْ يقع في قلبه أنَّه لن يعود لهذه المعصية.

 

ما الحكم لو :كان تابَ لكنَّه متردِّد فيما لو تيسَّرت له هذه المعصية أيفعلها أم لا؟! 

 

فالتوبة غير صحيحة، لا بدَّ أن يعزم على ألَّا يعود. فإنْ عاد -يعني عَزَم ألَّا يعود ثم عاد بعد ذلك-

هل تبطل التوبة؟ الجواب: لا تبطل، التوبة الأولى صحيحة، لكن عليه أن يجدِّد التوبة للذنب الثاني، ولهذا كانت العبارة: (العزم على ألَّا يعود)، وليست العبارة: (بشرط ألَّا يعود)،   أمَّا إذا قلنا: (بشرط ألَّا يعود)، فهذا يقتضي أنه لو عاد لَبطلت التوبة، وليس كذلك.

٥/الشرط الخامس-وما أعظمَه!- أن تكون التوبة في زمن الإمكان، فإنْ فات الأوانُ لم تنفع، وفوات الأوان عامٌّ وخاصٌّ؛ العامُّ طلوع الشمس من مغربها، والخاصُّ حضور الموت. أمَّا الأول فدليلُه قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام ١٥٨]، فسَّر النبيُّ ﷺ بعضَ الآيات بأنَّها الشمسُ تطلع من مغربها، وقال النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَخْرُجَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».

أما الخاصُّ فهو حضور الأجل، فإنَّه إذا حضر الموتُ لم تُقبل التوبة؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ [النساء ١٨]، الشاهد قوله: ﴿حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾، وهذا الشرط يستلزم أن تكون التوبة على الفَوْر بدون تأخير؛ وجْه ذلك أنَّه لا يعلم متى يأتيه الموت، فقد يموت بغتةً على فراشه، أو على كرسيه، أو وهو ساجدٌ أو راكعٌ، وحينئذٍ يتبيَّن أنَّ التوبة واجبةٌ على الفور، فاستدِركْ أيُّها العبد، استدرِكْ نفسَك إن كان في أمرٍ بينك وبين الله أو بينك وبين الخلْق؛ لأنَّك لا تدري متى يأتي الموت.

 

الخلاصة

 

شروط قبول التوبة خمسة نعدُّها: أولًا: الإخلاص لله عز وجل.ثانيًا: الندم على الذنب.ثالثًا: الإقلاع في الحال.رابعًا: العزم على ألَّا يعود.خامسًا: أن تكون التوبة في زمن الإمكان. نسأل الله لنا ولكم التوبة.قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ.}

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

17

متابعين

2

متابعهم

5

مقالات مشابة