قصة موسي عليه السلام مع الخضر
قصة الخضر مع النبي موسى عليه السلام تعتبر من القصص المهمة التي وردت في القرآن الكريم، وجاء ذكرها في سورة الكهف ’. وهي تتحدث عن لقاء النبي موسى عليه السلام بالخضر، الذي أعطاه الله علمًا ومعرفة خاصة. وقد جاء في حديث صحيح أن موسى عليه السلام خطب في بني إسرائيل فسأله أحدهم: "من أعلم الناس؟" فقال موسى: "أنا". فأوحى الله إليه أن هناك عبدًا عند ملتقى البحرين هو أعلم منك. فسأل موسى الله أن يدله على هذا الرجل ليزداد علمًا. فأمره الله أن يأخذ معه حوتًا ميتًا، وفي المكان الذي يفقد فيه الحوت، سيجد الرجل المطلوب
لقاء موسى بالخضر:
انطلق موسى عليه السلام مع فتىً له (يوشع بن نون) في رحلة طويلة حتى وصلا إلى ملتقى البحرين. هناك نسيا الحوت الذي أحياه الله وتركه يسبح في البحر. عندما تذكرا ذلك، عادوا إلى المكان الذي فقدا فيه الحوت فوجدوا الخضر.قال تعالى(وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴿60﴾ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿61﴾ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا ﴿62﴾ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴿63﴾ قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴿64﴾ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴿65﴾ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴿66﴾
الحوار بين موسى والخضر:
طلب موسى من الخضر أن يتبعه ليعلمه مما علمه الله. ولكن الخضر وضع شرطًا وهو أن يصبر موسى وألا يسأله عن أي شيء حتى يشرح له في النهاية. وافق موسى على هذا الشرط وبدأت رحلتهم معًا.قال تعالى:(فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴿65﴾ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴿66﴾ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴿67﴾ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴿68﴾ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴿69﴾ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴿70﴾
ركوب سيدنا موسى السفينه مع الخصر:
ركب موسى والخضر في سفينة صغيرة يمتلكها بعض المساكين. وبينما كانوا في عرض البحر، قام الخضربأنتزاع لو ح من السفينه مما أثار استغراب موسى.عليه السلام واخذ ثوبه ووضعه مكان اللوح . فسأله موسى: "أخرقتها لتغرق أهلها؟ لقد جئت شيئًا إمرا". فرد الخضر: "ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرًا؟". فتذكر موسى الاتفاق واعتذر عن سؤاله.قال تعالى(فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴿71﴾ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴿72﴾ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ﴿73﴾.
قتل الغلام:
بينما كانوا يسيرون في الطريق، شاهد موسى الخضر يقتل غلامًا. استنكر موسى هذا الفعل بشدة واعتبره جريمة. فقال للخضر: "أقتلت نفسًا زكية بغير نفس؟ لقد جئت شيئًا نكرًا". فرد الخضر: "ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا؟". فتذكر موسى وعده وأعطى الخضر فرصة أخرى واعدًا بعدم السؤال مجددًا.قال تعالى(فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴿74﴾ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴿75﴾ قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ﴿76﴾
إقامة الجدار:
وصلوا إلى قرية طلبوا من أهلها الطعام والشراب، ولكن أهل القرية رفضوا استضافتهم وإعانتهم.وكانوا قوم لائام ،مع ذلك، وجدوا جدارًا متهدمًا في القرية، فقام الخضر بإصلاحه دون مقابل. استغرب موسى ذلك، وسأله: "لو شئت لاتخذت عليه أجرًا". فرد الخضر: "هذا فراق بيني وبينك. سأخبرك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا".قال تعالى:(فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴿77﴾ قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴿78
تفسير الخضر هذه الافعال لسيدنا موسي عليه السلام.
جلس الخضر ليشرح لموسى عليه السلام الحكمة من كل فعل قام به:
خَرَق السفينة: أوضح الخضر أنه خرق السفينة لأن هناك ملكًا ظالمًا كان يأخذ كل سفينة صالحة بالقوة، وكان يرغب في حماية السفينة لأصحابها الفقراء، فعندما يرونها مخرومة يتركونها.قال تعالى(قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴿78﴾ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴿79﴾
قتل الغلام: أوضح الخضر أن الغلام الذي قتله كان سيكون مصدر شقاء وفتنة لوالديه المؤمنين عندما يكبر، وأنه كان من رحمة الله بأبويه أن يقبض روحه في صغره. وأراد الله أن يبدلهما بغلام أفضل منه يكون بارًا بهما وصالحًا.قال تعالى(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿80﴾ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿81﴾
إقامة الجدار: كان تحت الجدار كنز لأيتام في المدينة، وكان والدهم رجلًا صالحًا. فأراد الله أن يحفظ الكنز حتى يكبر الأيتام ويستخرجوه بأنفسهم، دون أن يتعرضوا للظلم أو السرقة من أهل القرية.قال تعالى(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴿82﴾
الخلاصة:
توضح هذه القصة أهمية الصبر والتسليم بحكمة الله تعالى في الأمور التي قد تبدو لنا غريبة أو غير منطقية. فالله سبحانه وتعالى يعلم ما لا نعلمه، وكل أمر في الحياة يحدث لحكمة يعلمها الله، وربما تكون خفية علينا. كما تبرز القصة أيضًا أهمية العلم والتعلم والتواضع في طلب المعرفة، والاعتراف بأن هناك من هو أعلم وأعرف منا في أمور قد تغيب عن إدراكنا.