قصة أصحاب الأخدود في القرآن الكريم
من هم أصحاب الأخدود الذين لعنهم الله في القرآن؟
قال سبحانه وتعالى: {والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهد ومشهود * قتل أصحاب الأخدود}
وأصحاب الأخدود هم الكفار الذين حفروا الأخاديد، لكي تشتعل فيها النيران؛ فتحرق بها المؤمنون، فالله سبحانه وتعالى ذكر أن الذي خاب وخسر هم هؤلاء الكفار، رغم أن النهاية التي وجدت فيما يظهرللناس انتهاء أهل الإيمان عن آخرهم، وقتلهم جميعا في ذلك الأخدود، وقال بعض السلف معنى الآيه {قتل أصحاب الأخدود} ، وهو أن النار التي أحرقوا بها المؤمنين التفت عليهم حتى أحرقتهم وأهلكتهم كلهم بفضل الله تعالى.
فهم أحرقوا المؤمنين بالنار وما وجد المؤمنون منها إلا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، (لا يجد الشهيد من ألم القتل إلا كمس القرصة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فما وجد المؤمنون ألم الحرق الهائل الذي تصوره هؤلاء الكفار، وإنما قتلوا هم بها.
فالنهاية المؤكدة: أنه قد زال ملكهم كله .
قال سبحانه وتعالى {قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود * إذ هم عليها قعود * وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود} ، فهم مهيئون جيدا بما يفعلونه، فلا يمكن أن يقال: حدثت في خطأ منا، ولم نكن ندري أنه سيصيبهم، إنما أصبناهم بطريق الخطأ مثلا،لكن القرآن الكريم وضح أنهم هم شهود على ما يفعلون، ويعلمون جيدا ما يفعلون بالمؤمنين.
قال تعالى: {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود * وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد} بمعنى ما كان ذنب المؤمنين إلا أن آمنوا بالله العزيز الحميد، فالمسألة واضحة ولم يكن هناك أي تهمة، فالمؤمنون لم يقتلوا أحدا ، ولم يجرحوا إنسانا من هؤلاء الكفار، وإنما كان ذنبهم عند الكفرة أنهم آمنوا بالله!
فالله عزيز في انتقامه من أعدائه، وهو سبحانه الحميد الذي يستحق الحمد، فله الحمد على ما قدر، وله الحمد على كل ما شرع سبحانه وتعالى، له الحمد في الأولى، والآخرة، قدر سبحانه وتعالى آلاما ومحنا، ولكنه جعل فيها من الحكم والمنح والفضائل ما لا يعلم به عقل إنسان، ولذلك نحمده على المكروه كما نحمده على المحبوب.
وفي هذه القصة أنواع من الحمد والثناء على الله عز وجل ما لا تعلمه العباد، وهو العزيز سبحانه وتعالى الذي لا يجعل تسلط الكفرة على المؤمنين عزا لهم أو ذلا لعباده المؤمنين، إنما يجعل العزة لمن أطاعه، وهو يحمد على ما قدر من تسلط الكفرة على المؤمنين بدون أن يتمكنوا من إذلالهم، فالذل الحقيقي هو عندما يغير الإنسان عقيدته على حسب ما يريد من غلبه، هذا هو الذي قد ذل بالفعل، هذا الذي لم يعز حين يخضع لعدوه ويقول له: افعل كذا فيفعل، قل كذا فيقول نعم، وإذا أذن له بالصلاة صلى، وإذا أذن له في الإيمان آمن، فهذا هو الذل الحقيقي، ففرعون إنما غضب أن يؤمن السحرة قبل أن يأذن لهم، فالبشرإذا وصلوا إلى هذا الحال وصلوا إلى الذل والمهانة، وأهل الإيمان رفضوا أن يذلوا، وظلوا على عزتهم معتصمين بالله سبحانه وتعالى إلى أن ماتوا على ذلك، فكانوا أعزة بالفعل؛ ولذلك الله العزيز يظهر في هذه القصة من عزته سبحانه وتعالى ما لا يدركه البشر وما لا يعلمونه، ولو تأمل العبد بعضه لعلم أن الله سبحانه وتعالى لا ممانع له، فأمره نافذ، فهو غالب على أمره سبحانه وتعالى، وله الحمد عز وجل، وكما قال الله تعالى: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد} .