معنى الغزو الثقافي، وكيف يمكن للمجتمع العربي الاسلامي مواجهته
لا شك أن موضوع الغزو الثقافي موضوع هام يحمل في جوهره معاني كثيرة فإذا نظرنا في موضوع تعرض الثقافة الاسلامية لأشكال الغزو الثقافي المختلفة نجد أن أهم وسيلة تدافع بها الثقافة ضد غزو الغزاة الآتي من الخارج هو ما نسميه" التحصن من الداخل" ذلك أن الغزو الثقافي هو أن يكون لمجتمع أو حضارة ما ثقافة معينة( أي معرفة عملية يتعامل فيها وفقا لها مع جوانب الوجود المختلفة ) ويريد أن يفرضها على مجتمع آخر له ثقافة مغايره ومختلفة عن ثقافته لكنه فرض مصحوب بنية الهمجية والسيطرة والاعتداء وجعل المجتمع الآخر تابعا له ثقافيا واقتصاديا وسياسيا
ويختلف الغزو الثقافي عن التبادل الثقافي أو التأثيرات الطبيعية في مجال الثقافة التي تحدث نتيجة احتكاك المجتمعات واتصالها معا بصورة طبيعية حيث لا نجد في هذين الأمرين نية الاعتداء والسيطرة والهيمنة .
وتتعرض مجتمعاتنا العربية للغزو الثقافي في صورة قوية من الحضارة الغربية والمجتمعات الغربية التي تتخذ عددا من الوسائل لتحقيق هذا الغزو آخرها استخدام وسائل الاتصال الحديثه لنقل نمط حياتهم وطرائق تعاملاتهم بصورة شيقة ممتعة الى مجتمعاتنا لتدخل الى بيوتنا ويطلع عليها الأبناء باعتبارها وسائل للترفيه وهي بالفعل وسائل للترفيه لكنها ليست بريئه أبدا ، ومن ذلك أيضا استخدام نفوذ المنظمات الدولية كاليونسكو وغيرها وعقد المؤتمرات الدولية للسكان والمرأة وحقوق الانسان والتنمية وغير ذلك ، حيث يفرض الغرب قراراتهم وثقافاتهم من خلال هذه المؤتمرات التي تحقق في الدرجة الأولى مصالحهم وتعبر عن ثقافاتهم ورغبتهم في فرض نموذجها على المجتمعات الأخرى بما فيها المجتمعات الاسلامية ، وغير ذلك من الوسائل كثيرة.
ولمواجهة الغزو الثقافي ، على المجتمعات العربية الاسلامية أن تتحصن من الداخل ، وهذا يحتاج الى تعلم الثقافة الاسلامية وحبها ومن ثم ممارستها في جميع جوانب حياتنا ، وكل هذه أمور تحتاج الى تضافر جهود جميع المؤسسات والأفراد والمجتمع الرسمية والغير الرسمية ، فليست الأسرة وحدها مسؤولة ، وليست المدرسة وحدها مسؤولة بل كل قطاعات المجتمع : الاعلام والوزارات والقضاء والمدارس والأسر والأفراد ولكن على الدولة والحكومة أن تنظم وتنسق مثل هذا الأمر وتضع الخطط التي تدعم وتشجع وتضمن تنفيذ وتجسيد الثقافة الاسلامية في مجالات التعامل في الحياة ، فيتحقق بذلك ما أسميناه : التحصن من الداخل .
وعلينا في هذا الصدد أن نعمل على تلبية حاجاتنا الثقافية ، فلا نظل نستورد من الآخرين كل ما نحتاجه دون أن نحاول بأنفسنا تلبية هذه الحاجات بطريقة تغنينا شيئا فشيئا عن استيراد ثقافة من الغير .