أوهن البيوت... الإعجاز المذهل في ذكر العنكبوت بالقرآن

أوهن البيوت... الإعجاز المذهل في ذكر العنكبوت بالقرآن

0 المراجعات

أوهن البيوت 

: العنكبوت وبناء بيته ولماذا ذُكر لفظ الأنثى

مقدمة

القرآن الكريم كتاب معجز، لم يقتصر إعجازه على البيان والفصاحة، بل تعدّى ذلك ليشمل الحقائق العلمية الدقيقة التي لم تُكتشف إلا بعد قرون من نزوله. ومن أروع صور هذا الإعجاز ما جاء في سورة العنكبوت، حيث قال الله تعالى:

{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:41].

هذه الآية الكريمة تحمل في طيّاتها بُعداً بلاغياً، وتشبيهاً بليغاً، وإعجازاً علمياً أثبتته الدراسات الحديثة. واللافت أن القرآن الكريم استعمل لفظ المؤنث فقال: "اتخذت بيتاً"، ولم يقل: "اتخذ"، فما سر هذا التعبير؟

الإعجاز في اختيار اللفظ القرآني

لو تأملنا الآية الكريمة لوجدنا أن القرآن أشار إلى أن الأنثى هي التي تبني بيت العنكبوت، فجاء الفعل مؤنثاً: "اتخذت". وهذا ليس مجرد تفصيل لغوي، بل هو حقيقة علمية لم تُكتشف إلا بوسائل الملاحظة الدقيقة في علم الحشرات. فقد أثبت العلماء أن أنثى العنكبوت هي التي تقوم بنسج الخيوط وبناء البيت، بينما يقتصر دور الذكر غالباً على التزاوج، ثم يرحل أو قد يُفترس من الأنثى نفسها بعد عملية التزاوج!

إذن فاللفظ القرآني الدقيق "اتخذت" يُعد إعجازاً علمياً سابقاً لزمانه، يكشف أن القرآن الكريم لا ينطق عن الهوى، بل هو وحي من عند الله العليم الخبير.

وهن بيت العنكبوت... إعجاز بلاغي وعلمي

الآية لم تقتصر على وصف صانع البيت، بل وصفت البيت نفسه بأنه "أوهن البيوت". وهنا يتجلّى الإعجاز في مستويين:

1. الوهن المعنوي (الاجتماعي):

بيت العنكبوت واهن ليس لأنه ضعيف مادياً فقط، بل لأنه يخلو من المودة والرحمة التي يجب أن تسود أي بيت. فالأنثى قد تقتل الذكر بعد التزاوج، وصغار العنكبوت قد يأكل بعضهم بعضاً إذا اشتد الجوع. فبيت العنكبوت بيت قائم على الأنانية والصراع، لا على المودة والسكينة، ولهذا شبّه الله به حال من يتخذ أولياء من دون الله، فيظن أنهم سيحمونه ويؤوونه، فإذا بهم يخذلونه ويفترسونه.

2. الوهن المادي (الفيزيائي):

رغم أن خيط العنكبوت يُعد من أقوى الخيوط على مستوى السمك مقارنة بالفولاذ، إلا أن البيت الذي تنسجه العنكبوت لا يصلح كسكن أو مأوى يحميها من الحر أو البرد أو المطر أو الرياح، فهو بيت هش للغاية، يسهل تمزيقه وزواله. وهنا يظهر إعجاز الوصف القرآني: "أوهن البيوت".

الحكمة من ضرب المثل

لماذا اختار الله تعالى بيت العنكبوت تحديداً كمثل للذين يتخذون أولياء من دون الله؟

لأن بيت العنكبوت يملك شكلاً معقداً قد يخدع الناظر، فيظن أنه بيت قوي متماسك، لكنه في حقيقته واهن وضعيف. كذلك حال من يلجأ إلى غير الله عز وجل، يظن أنه قد حصّن نفسه ووجد الملجأ، فإذا بالأزمات تكشف أن ما بناه لا يقيه ولا يحميه.

دلالة الإعجاز على صدق الوحي

من المعلوم أن النبي ﷺ لم يكن عالماً بالحشرات أو متخصصاً في علوم الطبيعة، بل كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب. فكيف له أن يعلم أن الأنثى هي التي تنسج البيت دون الذكر؟ وكيف يُدرك تفاصيل الحياة داخل بيت العنكبوت؟ إن هذا كله دليل قاطع على أن القرآن الكريم تنزيل من عند الله الذي أحاط بكل شيء علماً

الخاتمه

إن آية العنكبوت في القرآن الكريم ليست مجرد تشبيه بلاغي، بل هي إعجاز متعدد الأبعاد: بلاغي، وعلمي، واجتماعي. فهي تكشف عن حقيقة أن أنثى العنكبوت وحدها تبني البيت، وتصف بيتها بأنه أوهن البيوت من الناحية المادية والمعنوية. وكل ذلك ليُضرب مثلاً لكل من يتوكل على غير الله، فيبني آماله على أوهام، سرعان ما تنهار عند أول اختبار.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

9

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة