
عنوان القصة: حبّ خارج الطريق
🌸 عنوان القصة: حبّ خارج الطريق
🕊️ المقدمة
في زمنٍ كثرت فيه وسائل التواصل وسهل فيه الوصول، اختلطت المشاعر بالهوى، وغابت حدود الحلال والحرام في قلوبٍ كانت طاهرة.
قصة “آدم” و“هبة” تبدأ كما تبدأ قصص كثيرة في هذا الزمان... لكنها تنتهي حيث يعيد الله القلب إلى صوابه.
🌿 الفصل الأول: بداية في الظلّ
كان آدم شابًا طيب القلب، نشأ في بيتٍ متدين، يحافظ على صلاته لكنه كبعض الشباب انجرف مع تيار العصر.
تعرف على فتاةٍ في الجامعة تُدعى هبة، مؤدبة وخلوقة، تميزها بساطتها وهدوءها.
في البداية، كان الحوار بسيطًا حول مشروع دراسي، ثم أصبح يوميًا... ثم صارت المكالمات تمتد لساعات.
لم يخبرها أنه يشعر بالذنب، ولم يخبر عائلته عنها، فقد كان في داخله صوتٌ يقول:
“ما دمت لا أفعل الحرام الكبير، فالأمر بسيط.”
لكن نسي قول الله تعالى:
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 32]
لم يقل “لا تزنوا”، بل قال لا تَقربوا، لأن كل خطوةٍ نحوه، حتى بالكلمة والنظرة، تُضعف القلب وتجرّه إلى ما لا يُرضي الله.

💬 الفصل الثاني: الحجة باسم الحب
كانت هبة تظن أن نيتها طيبة، فهي لم تفعل شيئًا سوى الحديث مع من قد يكون زوجها يومًا.
لكنها نسيت قول النبي ﷺ:
«ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء» (رواه البخاري ومسلم).
فالفتنة تبدأ بكلمةٍ ثم تتسع حتى تعصف بالإيمان إن لم تُروّض.
وذات ليلة، قالت له هبة:
“آدم، ألا ترى أننا يجب أن نخبر عائلتينا بعلاقتنا؟”
سكت، ثم أجابها:
“ليس الآن، ما زلت غير مستعد، لكن تأكدي أني أحبك وسأتقدم لك حين أستقر.”
فهدأت، وصدّقته، لكنها لم تعلم أن الحب الذي لا يمر من باب الحلال، سيتعب القلوب مهما بدا صادقًا.

🌧️ الفصل الثالث: حين ينكشف الوهم
مرّت الشهور، ثم السنوات، دون أن يفي آدم بوعده.
بدأ يشعر بالفتور، وانشغل بحياته الجديدة، بينما كانت هبة تنتظر.
وفي يومٍ ما، كتب لها رسالة قصيرة:
“هبة، أنتِ إنسانة رائعة، لكن أشعر أننا لا نكمل بعضنا. الأفضل أن نبتعد.”
قرأتها مرارًا، ثم أغلقت الهاتف وبكت.
لم تبكِ فقط لفراقه، بل لأنها شعرت أنها عصت ربها باسم الحب.
تذكرت قول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [النور: 21]
لقد تبعت خطواته واحدةً تلو الأخرى، حتى وجدت نفسها في طريقٍ مظلم، بلا نورٍ ولا صدق.

🌙 الفصل الرابع: لحظة التوبة
في تلك الليلة، فتحت المصحف وهي تبكي، فوقع نظرها على قوله تعالى:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: 53]
أغلقت المصحف وقالت:
“يا رب، ظلمت نفسي... أغلقتُ بابك حين فتحت باب الحرام. فاغفر لي وتُب عليّ.”
ومنذ تلك الليلة، تغيّرت حياتها. حذفت كل ما يربطها بالماضي، وجعلت من دموعها وضوءًا لطريق جديد.
التزمت بالصلاة، وبدأت تحفظ القرآن، وتدعو الله أن يرزقها زوجًا صالحًا يدخل بيتها من بابه، لا من نافذة الهاتف.

🌾 الفصل الخامس: عودة الوعي عند آدم
أما آدم، فقد ظن أنه تجاوز القصة بسهولة، لكنه مع الوقت بدأ يشعر بالضيق في صدره دون سبب.
لم تعد صلاته خاشعة، ولا حياته مطمئنة.
وفي يوم جمعة، جلس في المسجد يستمع إلى الإمام وهو يتحدث عن العلاقات المحرّمة، فقال:
“أيها الأحبة، قال النبي ﷺ: (لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)”
(رواه الطبراني وصححه الألباني).
ارتجف قلب آدم، وكأنه يسمعها لأول مرة.
تذكّر كيف كان يمسك بيدها في الخفاء، وكيف ضحك على نفسه حين قال إنها “مجرد علاقة طاهرة”.
فبكى، وبكى طويلًا، ثم رفع يديه وقال:
“اللهم تب عليّ، واغفر لي جهلي.”
🌤️ الفصل السادس: اللقاء بعد التوبة
بعد سنتين من التوبة الصادقة، شاء الله أن يلتقيا صدفةً في قاعة محاضرة دينية.
لم يجرؤ أحدهما على الحديث، لكن كليهما شعر بأن الله جمعهما هذه المرة لا ليعودا كما كانا، بل ليتذكّرا رحمتهما.
اقتربت هبة بعد انتهاء الدرس وقالت:
“السلام عليكم يا آدم، أسأل الله أن تكون بخير.”
ابتسم وقال:
“وعليكم السلام، الحمد لله... الحمد لله الذي هدانا بعد غفلتنا.”
فقالت:
“سبحان من أبدل الألم أمانًا، والذنب توبة.”
ثم افترقا إلى الأبد، وكلٌّ منهما في قلبه سلام لم يعرفه من قبل.

🌸 الفصل السابع: الطريق الصحيح
بعد أعوام، أصبح آدم إمامًا شابًا في مسجد صغير، ينصح الشباب قائلاً:
“يا إخوتي، من أراد أن يرتبط بفتاة فليتّق الله فيها، وليبدأ بالخطبة الشرعية، لا بالعلاقة الخفية.”
ثم يتلو قوله تعالى:
﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [النور: 32]
ويقول:
“النبي ﷺ لم يخفِ حبّه لعائشة، لكنه أعلنه بالحلال، وزوّجه الله بها. فالحب لا يُحارب في الإسلام، لكنه يُهذّب ويُطهّر.”
أما هبة، فقد تزوجت رجلًا صالحًا، دخل بيتها مع والديه، وطرق بابها بالحلال، فشعرت حينها بالطمأنينة التي لم تعرفها في تلك العلاقة القديمة.

🌺 الخاتمة
العلاقات التي تُبنى في الخفاء لا تنجو، لأنها تُغضب الله قبل أن تُرضي القلوب.
قال الله تعالى:
﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2-3]
ومن صدق مع الله في نيّته، رزقه الله حبًّا طيبًا حلالًا يباركه في الدنيا والآخرة.
🌷 العبرة
الحلال طريقُ الطمأنينة،والحرام طريقُ الندم.
فلا تجعل قلبك ملعبًا للهوى، بل محرابًا للطهر.
وإن أخطأت، فباب التوبة مفتوح، فربّك غفور رحيم.