في زمنٍ عمّت فيه الظلمة قلوب البشر، وتاهت الأرواح في دروب الجاهلية، حيث كانت الأصنام تُعبد من دون الله، وتُوأد البنات بلا رحمة، ويُظلم الضعفاء، بعث الله نورًا يمحو به ظلمة القلوب، ورحمة تهدي البشرية من التيه إلى الإيمان. إنها قصة محمد بن عبد الله ﷺ، آخر الأنبياء، الذي حمل رسالة الإسلام للعالمين، فبدّل الله به حال الأرض من جهل إلى علم، ومن قسوة إلى رحمة، ومن ضياع إلى هداية.
🌿 فجر النبوة في غار حراء
كان محمد ﷺ قبل البعثة يبتعد عن ضوضاء مكة وهموم الناس، يختلي بنفسه في غار حراء يتأمل خلق الله ويفكر في ملكوته العظيم. لم يكن يرتاح لعبادة الأصنام التي ملأت الكعبة، بل كان قلبه مهيّأً للنور الإلهي منذ صغره، فقد نشأ طاهرًا صادقًا، يعرفه قومه بـ "الصادق الأمين".
وفي إحدى ليالي رمضان المشرقة، جاءه الوحي وهو في الغار، فبدأت الرحلة المباركة. اقترب منه جبريل عليه السلام وقال له:
"اقرأ" فقال محمد ﷺ: "ما أنا بقارئ". فعادها عليه حتى غمره النور وقال: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم".
خرج محمد ﷺ من الغار مرتجفًا، يحمل بداخله أعظم رسالة في تاريخ البشرية. عاد إلى بيته حيث كانت خديجة رضي الله عنها تنتظره، فطمأنته بكلماتها الصادقة، واحتضنته بقوة الإيمان، وقالت له:
"والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق".
كانت تلك اللحظة بداية النور الذي سيبدّد ظلمات الأرض.
💎 الدعوة في مكة: الصبر على الأذى
بدأ النبي ﷺ دعوته سرًّا، يدعو من يثق بهم، فآمن به الأقربون: خديجة وأبو بكر وعليّ بن أبي طالب وزيد بن حارثة. ثم خرج إلى العلن بأمر الله:
"فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين".
عندها اشتعلت نار العداء في قريش، فقد رأوا في دعوته خطرًا على كبريائهم وتجارتهم. اتهموه بالسحر والجنون، وسخروا منه، ووضعوا الأشواك في طريقه، ورموا عليه القاذورات وهو ساجد عند الكعبة. ومع كل ذلك، كان يقول:
"اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
أي قلبٍ هذا الذي يقابل الأذى بالدعاء؟ وأي نورٍ هذا الذي يفيض بالرحمة حتى لأعدائه؟
🕊️ عام الحزن والهجرة إلى المدينة
مرت السنوات، وتضاعف الأذى. ثم جاء العام الذي سُمّي بـ عام الحزن، حين فقد النبي ﷺ أحب الناس إليه: خديجة رضي الله عنها التي كانت سنده، وعمه أبو طالب الذي كان يحميه من قريش. تألم النبي ﷺ، لكنه لم ييأس، بل اتجه إلى الطائف يدعو أهلها إلى الله، فاستقبلوه بالحجارة والسخرية، حتى سال الدم من قدميه الشريفتين. ومع ذلك، رفع يديه إلى السماء وقال:
"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي".
يا لها من كلماتٍ خرجت من قلبٍ مفعمٍ بالتسليم والرضا، لتعلمنا أن المؤمن لا ينكسر مادام متوكلاً على ربه.
ثم شاء الله أن يعوضه خيرًا، فكانت الهجرة إلى المدينة المنورة، بداية عهدٍ جديد للإسلام.
🌙 المدينة المنورة: بيت الإيمان والسلام
دخل النبي ﷺ المدينة فاستقبله أهلها بفرحٍ عظيم، مرددين:
"طلع البدر علينا من ثنيات الوداع..."
هناك، بُنيت أول مسجدٍ في الإسلام، ليكون بيتًا للعبادة، ومدرسةً للعلم، ومنارةً للرحمة. آخى النبي ﷺ بين المهاجرين والأنصار، فصاروا كالإخوة، يقتسمون الطعام والمسكن والمحبة. وبذلك تأسس أول مجتمعٍ مسلم على أساس الإيمان والمساواة والعدل.
لم تكن الطريق مفروشة بالورود، فالأعداء لم يرضوا بنشر النور. جاءت غزوة بدر أول معركة بين الحق والباطل، وعدد المسلمين قليل، لكن النصر كان حليفهم لأنهم صدقوا الله. قال الله تعالى:
ثم جاءت غزوة أحد، حيث تعلّم المسلمون أن الطاعة أساس النصر، والفتح الأعظم يوم دخل النبي ﷺ مكة متواضعًا بعد سنواتٍ من الأذى والنفي. دخلها برأسٍ خاشعٍ، وقال لمن آذوه:
"اذهبوا فأنتم الطلقاء".
يا لعظمة هذا القلب الذي اختار العفو بدل الانتقام، ليعلّمنا أن القوة في التسامح لا في الحقد.
🌺 الوداع الأخير
بعد أن أتمّ الله الدين، ونشر النور في أرجاء الجزيرة، حجّ النبي ﷺ حجّة الوداع، وهناك قال:
"تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا: كتاب الله وسنتي."
عاد إلى المدينة، واشتد به المرض، حتى ودّع الدنيا وهو يردد:
"بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى..."
ففاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، تاركًا خلفه نورًا لا ينطفئ، وسيرةً تهدي القلوب إلى يوم الدين.
🌼 الخاتمة
هكذا كانت حياة محمد ﷺ، حياة الصبر، الرحمة، والجهاد في سبيل الله. بدأ وحيدًا في غارٍ مظلم، لكنه أضاء قلوب الملايين بنور الإيمان. واجه الأذى بالصفح، والحزن بالأمل، واليأس بالتوكل.
🌟 العبرة:
من سيرة النبي ﷺ نتعلم أن الطريق إلى النور يبدأ من داخلنا، وأن الله لا يخذل من صدق النية، وأن الرحمة والحلم أقوى من الغضب والانتقام. علّمنا أن النجاح الحقيقي ليس في المال أو السلطان، بل في رضا الله ونقاء القلب. فليكن قدوتنا دائمًا هو النبي محمد ﷺ، الذي قال الله فيه:
المسيخ الدجّال هو أعظم فتنة ستواجه البشرية منذ خلق الله آدم عليه السلام، وقد حذّر منه جميع الأنبياء، لأنه يأتي في آخر الزمان مدّعيًا الألوهية ومستخدمًا الخدع والمعجزات المزيّفة ليضل الناس عن دينهم. معرفة قصته منذ بدايته إلى نهايته
Moral of the Story: True leadership in Islam is a trust (amanah) that requires both external accountability and inner self-examination. Governance is not about power or prestige but about serving people with justice, humility, and transparency