القصة: على درب الحلم.. صبرٌ وإيمان

القصة: على درب الحلم.. صبرٌ وإيمان

تقييم 5 من 5.
1 المراجعات

🌸  القصة: على درب الحلم.. صبرٌ وإيمان

🕊️ المقدمة: الحلم الذي يسكن القلب

في بلدةٍ صغيرةٍ تطلّ على البحر، كانت "صفاء" فتاةً يملؤها الطموح والإيمان. منذ صغرها، لم تكن كسائر الفتيات اللاتي يحلمن بالزواج والترف فقط، بل كانت تردد في نفسها:

"سأكون امرأة تصنع الأمل في قلوب غيرها، سأبني مشروعي بيدي، وسأجعل رزقي حلالًا طيبًا مباركًا."

لكن الواقع لم يكن سهلًا... فقد نشأت صفاء في أسرة متوسطة الحال، والدها مريضٌ منذ سنوات، ووالدتها تعمل بالخياطة لتعين الأسرة. كانت صفاء ترى والدتها تُجهد نفسها ليلًا ونهارًا، فزاد في نفسها العزم على أن تكون السند الحقيقي لها.

كانت تتذكر قول الله تعالى:

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾ [التوبة: 105]
فكانت تؤمن أن العمل عبادة، وأن السعي في سبيل الرزق الحلال جهادٌ لا يقل شأنًا عن أي طاعة.


🌿 الفصل الأول: البذرة الأولى للحلم

في آخر سنةٍ جامعية لها بتخصص إدارة الأعمال، طُلب من صفاء إعداد مشروع تخرّج. جلست ذات ليلةٍ تفكر:

"لماذا لا أبدأ الآن بفكرة مشروعٍ حقيقي؟ ليس مجرد ورقٍ أكاديمي، بل بداية طريقٍ لحياتي القادمة."

أخذت دفترها وبدأت تكتب: مشروع مقهى صغير يقدم القهوة والحلوى المنزلية بطابعٍ إسلامي، مكان يجمع الناس على الخير، لا على اللهو.
كتبت في مقدمة مشروعها:

"أحلم بمكانٍ يدخل إليه الناس ليجدوا راحة القلب قبل دفء القهوة."

لكن لم يمضِ وقت طويل حتى بدأت التحديات.
لم يكن لديها رأس مال، ولا مكان، ولا حتى من يشجعها سوى والدتها التي قالت لها بابتسامة متعبة:

"يا صفاء، الله لا يضيع من أحسن النية، ابدئي بخطوةٍ، وسيأتيكِ التوفيق بإذن الله."

تذكرت صفاء حينها حديث النبي ﷺ:

"احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز."
فشعرت وكأن الحديث يُخاطبها مباشرة، فبدأت بخطوتها الأولى — أطلقت صفحتها على الإنترنت لتعرض حلوياتٍ منزلية من صنعها.

image about القصة: على درب الحلم.. صبرٌ وإيمان

☀️ الفصل الثاني: حين تشتد الصعاب

لم يكن الطريق سهلاً كما تخيلت.
لم تبيع في أول أسبوع سوى قطعتين من الكعك، وسخِر منها بعض زملائها:

"مشروعك هذا لن يُطعمك الخبز، العالم اليوم يريد المال السريع، وليس الحلال الصعب."

لكن صفاء لم تُعرهم اهتمامًا، بل كانت ترفع رأسها بثقة وتقول:

"أنا لا أبحث عن المال فقط، أبحث عن بركة الله في رزقي."

كانت تُصلي الاستخارة في كل قرار، وتدعو في جوف الليل باكية:

"يا رب، إن علمت أن في هذا المشروع خيرًا لي في ديني ودنياي، فبارك لي فيه، ويسّر لي أمره."

وذات يوم، جاءت لها أول زبونة راضية وسعيدة. كتبت تعليقًا على صفحتها:

"ألذ حلوى تذوقتها، وصاحبتها خُلُقها طيب جدًا، بارك الله فيها."

شعرت صفاء وكأن بابًا من الأمل فُتح، وبدأت الطلبات تتزايد يومًا بعد يوم.
لكن مع كل نجاحٍ بسيط، كانت تظهر عقبات جديدة.
في أحد الأيام تعطّل الفرن الصغير الذي تملكه، فاضطرت لتوقف الطلبات أيامًا.
تسرب اليأس إلى قلبها، فجلست في غرفتها تبكي، وهي تتمتم:

"يا رب، لِمَ كل هذا الصعب؟ لقد تعبت كثيرًا..."

ثم فتحت المصحف عشوائيًا، فوقع بصرها على قوله تعالى:

﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 5-6]
فجففت دموعها وقالت:
"ربي وعدني باليسر مرتين، ولن يُخلف وعده."

image about القصة: على درب الحلم.. صبرٌ وإيمان

🌸 الفصل الثالث: نور الإيمان يبدد العثرات

قررت صفاء أن تعمل بيدها دون انتظارٍ لأحد، فجمعت من مدخراتها القليلة ما استطاعت، وبدأت تصنع الحلوى في مطبخ صغيرٍ بمساعدة أمها.
كانت تُسجل كل مصروفٍ وتفصيلٍ بدقة، وتتعلم مهارات التسويق من الإنترنت.

وفي كل خطوة، كانت تستشعر نية العبادة، فحين تُغلف الحلوى كانت تردد:

"اللهم اجعل عملي هذا خالصًا لوجهك الكريم، وبارك لي فيه."

وذات يومٍ جاءتها رسالة من جمعيةٍ خيرية تقترح عليها التعاون لتوفير الحلويات لحفلات الأيتام.
فرحت كثيرًا، وقالت في نفسها:

"سبحان الله! عندما نعمل بنيةٍ صادقة، يجعل الله للخير طريقًا إلينا من حيث لا نحتسب."

بدأت صفاء تزور الأيتام بنفسها وتوزع الحلويات، وتحدثهم بابتسامةٍ عن الصبر والطموح.
قالت لهم مرة:

"ربكم كريم، لا تغلقوا الأبواب بالأحزان، فإن الله يفتحها بالدعاء."

كانت تلك اللحظات تملأ قلبها سكينةً، وتزيدها يقينًا بأن مشروعها لم يكن فقط تجارة، بل رسالة.

image about القصة: على درب الحلم.. صبرٌ وإيمان

🌺 الفصل الرابع: الحلم يتحقق

بعد عامين من الجهد والتعب، رُزقت صفاء بدعمٍ من مؤسسةٍ محليةٍ تمول المشاريع الصغيرة.
قدمت لها منحةً ماليةً بعد أن شاهدوا إصرارها ونزاهتها.
بكت صفاء يومها طويلاً، وسجدت شكرًا لله، وهي تردد:

"اللهم ما بي من نعمة فمنك وحدك."

افتتحت محلها الصغير وسَمّته “قهوة الصفاء”، وجعلت شعارها:

"مكان يذكّرك بالله قبل أن يقدم لك القهوة."

كانت تضع في كل زاويةٍ من المقهى لوحةً تحمل آية أو حكمة، وتختار موسيقى هادئة من أصوات الطبيعة بدل الأغاني، حرصًا على الجو الإسلامي الهادئ.
وأصبحت الفتيات يزرن المقهى ليلتقين ويتحدثن عن أحلامهن، وكأن المكان أصبح ملاذًا للإلهام والإيمان.

قالت لها إحدى الزبونات يومًا:

"مشروعك يبعث الطمأنينة في القلب، وكأنك جمعت بين التجارة والدعوة."

ابتسمت صفاء وقالت:

“هذا ما كنت أحلم به… مشروع يرضي الله ويخدم الناس.”

image about القصة: على درب الحلم.. صبرٌ وإيمان

🌷 الخاتمة: حين يثمر الصبر

في مساءٍ هادئ، جلست صفاء على مقعدها في المقهى، تتأمل زبائنها وتتنفس بعمق.
تذكرت كل لحظة تعبٍ وسهرٍ وبكاءٍ مرت بها، ثم قالت في نفسها:

"صدق الله العظيم، لم يضِع تعبي، بل جعله سببًا لسعادتي."

أمسكت دفترها وكتبت:

"الحياة ليست طريقًا مفروشًا بالورود، لكنها طريقٌ يزهر بالصبر والدعاء. كل حلمٍ كبير يبدأ بخطوةٍ صغيرة، ومن استعان بالله وصل."

ثم أغلقت دفترها، ورفعت يديها بالدعاء:

"اللهم اجعل هذا المشروع صدقةً جارية، واجعل فيه خيرًا لي ولمن حولي."

image about القصة: على درب الحلم.. صبرٌ وإيمان

🌻 العبرة من القصة

الإيمان بالله هو الوقود الحقيقي لكل طموح.

من سعى بالنية الصادقة وعمل بجهدٍ لن يخيّبه الله أبدًا.

العقبات طريق النجاح، لا عدوّه.

قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ وعدٌ لكل من يؤمن ويسعى.

الطموح لا يتعارض مع الدين، بل هو من صميم الإيمان، لأن المسلم القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

35

متابعهم

18

متابعهم

12

مقالات مشابة
-