“المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.” حديث شريف عظيم يلخص حقيقة من أعظم الحقائق في حياة الإنسان، وهي أن الصاحب ساحب، وأن النفس البشرية تتأثر بمن تجالسهم، وتتشكل بطباع من تصاحبهم.
في زمن تتعدد فيه طرق التواصل وتتشابك العلاقات، قد تظن الفتاة أن الصداقة مجرد تسلية، أو أن رفقةً ما لن تؤثر في قلبها وإيمانها… ولكن القلوب تتقارب، والنفوس تتشابه، والميل إلى ما يحب الصديق قد يجرّ صاحبه دون أن يشعر.
في هذه القصة سنعيش مع سارة، فتاة طيبة القلب، تعلمت من تجربتها معنى الحديث النبوي الشريف، وتبدّلت حياتها حين اختارت الطريق الصحيح.
الفصل الأول: بداية الطريق
كانت سارة فتاة هادئة تحب العلم والقراءة، تربّت في بيت متدين متوازن، يُعلّمها والدها أن الأخلاق تاج الفتاة، وأن الحياء لا يُنقص من شخصيتها، بل يرفع قدرها. كانت تحب الجلوس قرب أمها، تقرأ معها القرآن في المساء، وتسمع حكايات عن الصحابيات الصالحات اللواتي جمعن بين العبادة والذكاء والعطاء.
لكن حين كبرت، التحقت بالجامعة، وهناك بدأت مرحلة جديدة. في أول يوم دراسي، التقت بفتاة تُدعى ريم، كانت جذابة، تضحك بصوت مرتفع، وتلفت الأنظار بملابسها وأناقتها. اقتربت منها سارة بخجل، وبدأ بينهما حديث بسيط عن القاعات والمواعيد، ثم تبادلتا أرقام الهواتف.
مع مرور الأيام، أصبحت ريم أكثر قربًا منها. كانت تصحبها إلى المقهى الجامعي، تتحدث عن السفر والموضة والحياة بحرية كبيرة. كانت سارة تشعر بالاختلاف، لكنها لم ترفضها، بل كانت تقول في نفسها:
"لن أتأثر بها، أنا فقط أحب أن أكون منفتحة أكثر."
لم تكن تعلم أن أول خطوة في طريق التنازل تبدأ من هذه الجملة الصغيرة.
الفصل الثاني: التغيّر الصامت
بدأت ملامح التغير تظهر شيئًا فشيئًا. لم تعد سارة تحضر دروس تحفيظ القرآن كما كانت تفعل، ولم تعد تستيقظ للفجر بسهولة، صارت السهرات الطويلة مع ريم تسرق منها هدوءها وإيمانها.
كانت ريم تدعوها إلى الخروج كل نهاية أسبوع، تقول لها مبتسمة:
كانت تلك الكلمات تطرق قلبها، فتبدأ تشعر أن الالتزام أصبح عبئًا، وأن "التدين" يجعلها مختلفة عن البقية.
وذات مساء، عادت سارة إلى البيت متعبة، جلست أمام المرآة تنظر إلى نفسها طويلاً، شعرت بأن شيئًا ما تغيّر فيها. كانت تبتسم لكنها لا تشعر بالسكينة التي كانت تملأ قلبها من قبل.
"لماذا أصبحت صلاتي ثقيلة؟ لماذا أشعر بالفراغ رغم الضحك الكثير؟" كانت تسأل نفسها دون جواب.
الفصل الثالث: صوت القلب
في أحد الأيام، التقت سارة بزميلة قديمة من الثانوية، اسمها هدى، كانت من البنات الصالحات اللواتي عرفتهن في حلقة القرآن. ابتسمت هدى بلطف وقالت:
"اشتقنا لكِ يا سارة، لم تعودي تظهرين في المسجد!"
أجابت سارة بتردد:
"انشغلت بالدراسة والحياة الجامعية، تعرفين كيف هي الأمور."
لكن صوت هدى كان ناعمًا كنسيم الصباح حين ردّت:
"الدنيا لا تنتهي يا سارة، لكن القلب إذا ابتعد عن الله يذبل ولو غمره كل جمال الدنيا."
كلماتها اخترقت أعماق سارة. تذكّرت فجأة آياتٍ كانت تحفظها، وصوت أمها وهي تقول لها:
"صُحبة الخير كالنسيم، تُنعشك دون أن تشعر."
تلك الليلة لم تنم سارة بسهولة. جلست على سريرها وفتحت مصحفها بعد طول غياب، وما إن قرأت أول آية حتى سالت دموعها:
مرت أيام صعبة، كانت سارة تشعر بالوحدة أحيانًا، لكنها في كل مرة تسمع حديث النبي ﷺ يتردد في ذهنها:
“المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.”
تذكّرت كيف كان وجه أمها يشرق حين تراها على طاعة، وكيف كانت تشعر بالطمأنينة حين تسمع القرآن.
الفصل الخامس: الصحبة الطيبة
في إحدى الأمسيات، دعَتها هدى إلى لقاء للفتيات الصالحات في المسجد، وافقت سارة. دخلت المكان، كان بسيطًا تفوح فيه رائحة المسك، ووجوه الفتيات مشرقة بالسكينة. بدأت الجلسة بحديث عن "أثر الصحبة الصالحة"، وقرأت إحدى الفتيات قول الله تعالى:
يُعد سيدنا ذو الكفل عليه السلام أحد الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم بمدحٍ وإجلال، وهو من الشخصيات التي اتصفت بالصبر على البلاء، والعدل في الحكم، والحرص على العبادة والذكر.
سيدنا إلياس عليه السلام أحد الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى بني إسرائيل في زمن اختلط فيه الحق بالباطل، وانتشرت فيه عبادة الأصنام. جاء بدعوة صريحة وصارمة إلى توحيد الله، وأفرغ عمره في نصح قومه ودعوتهم لترك عبادتهم لصنم يُسمى "بعل".