ما هي العدة؟   الفرق بين عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها ولماذا تختلفان؟

ما هي العدة؟ الفرق بين عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها ولماذا تختلفان؟

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

ما هي العدة؟

 الفرق بين عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها ولماذا تختلفان؟

 

image about ما هي العدة؟   الفرق بين عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها ولماذا تختلفان؟

تُعد **العدة** من الأحكام الشرعية المهمة في الإسلام، فهي فترة زمنية حددها الله تعالى للمرأة بعد انتهاء عقد الزواج، سواء بالطلاق أو بوفاة الزوج. والعدة ليست مجرد فترة انتظار كما يظن البعض، بل هي عبادة وطاعة لله عز وجل، تهدف إلى تحقيق مقاصد شرعية واجتماعية وإنسانية عميقة. في هذا المقال سنوضح معنى العدة، وأنواعها، والفرق بين عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها، وسبب اختلاف الحكم بينهما.

أولاً: ما هي العدة؟

العدة في اللغة مأخوذة من العدد، لأنها تُعد بالأيام أو بالأشهر.  --وفي الشرع، تُعرف بأنها **المدة التي تنتظرها المرأة بعد فُرقة زوجها عنها، سواء كانت هذه الفرقة بطلاق أو وفاة، لمعرفة براءة رحمها من الحمل، ولتعظيم حرمة الزواج السابق**.

وقد ورد ذكر العدة في مواضع متعددة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى:  وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ"*  (سورة البقرة: 228)  وقوله تعالى أيضًا في شأن المتوفى عنها زوجها:  *"وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"*  (سورة البقرة: 234)

ثانياً: أنواع العدة في الإسلام

تختلف العدة باختلاف سبب الفرقة، ويمكن تقسيمها إلى الأنواع التالية:

1. **عدة المطلقة التي تحيض**:
  عدتها **ثلاثة قروء** (أي ثلاث حيضات كاملة)، للتأكد من خلو الرحم من الحمل.
  قال تعالى: *"وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ"*.

2. **عدة المطلقة التي لا تحيض لصغرها أو كبر سنها**:
  عدتها **ثلاثة أشهر**، كما قال الله تعالى:
  *"وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِسَائِكُمْ ... فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ"* (سورة الطلاق: 4).

3. **عدة الحامل**:
  سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها، فعدتها تنتهي **بوضع الحمل**، لقوله تعالى:
  *"وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ"*  (سورة الطلاق: 4).

4. **عدة المتوفى عنها زوجها**:
  مدتها **أربعة أشهر وعشرة أيام**، إن لم تكن حاملًا، كما ورد في قوله تعالى:
  *"يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"*.
  أما إن كانت حاملاً فعدتها تنتهي بوضع حملها، حتى لو وضعت بعد أيام قليلة من الوفاة.

ثالثاً: الفرق بين عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها

1. **مدة العدة:**

  * عدة المطلقة تختلف حسب حالها (حيض أو حمل أو صِغَر سن)، وغالباً تكون **ثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر**.
  * أما عدة المتوفى عنها زوجها فثابتة **أربعة أشهر وعشرة أيام** إن لم تكن حاملاً.

2. **مكان العدة:**

  * المطلقة يجوز لها قضاء عدتها في أي مكانٍ آمن تختاره، خاصة إن كانت مطلقة طلاقاً بائناً.
  * بينما المتوفى عنها زوجها يجب أن **تلتزم بيت الزوجية** الذي كانت تسكن فيه حتى انتهاء عدتها، إلا لعذرٍ قهري.

3. **الزينة واللباس:**

  * المطلقة يجوز لها أن تتزين وتخرج من بيتها للحاجة.
  * أما المتوفى عنها زوجها فتمتنع عن الزينة والطيب والملابس الزاهية طوال العدة، احتراماً لعصمة الزوج المتوفى وتعبيراً عن الوفاء له.

4. **الرجعة:**

  * المطلقة طلاقاً رجعياً يجوز لزوجها أن يُراجعها خلال العدة.
  * أما المتوفى عنها زوجها فلا رجعة لها، لانتهاء عقد الزواج بوفاة الزوج.

رابعاً: لماذا تختلف عدة المطلقة عن عدة المتوفى عنها زوجها؟

اختلاف العدة بين المطلقة والمتوفى عنها زوجها **ليس اعتباطياً**، بل له **حكمة بالغة** أرادها الله تعالى، منها:

1. **التحقق من براءة الرحم:**
  في حالة الطلاق، يكون الزوج على قيد الحياة، ويمكن الرجوع بسهولة إذا لم يحدث حمل، فكانت المدة أقصر.
  أما في الوفاة، فلابد من فترة أطول للتأكد تماماً من براءة الرحم من الحمل، لأن الزوج لم يعد موجوداً.

2. **إظهار الوفاء للزوج المتوفى:
  شرع الله للمرأة المتوفى عنها زوجها مدة أطول لتظهر **الحزن والوفاء** وتقدير العلاقة الزوجية، فلا تنتقل إلى زواج جديد بسرعة تسيء لصورة الحياة الزوجية.

3. **تقدير مكانة الحياة الزوجية في الإسلام:
  العدة في الوفاة تُمثل احتراماً للعشرة والميثاق الغليظ بين الزوجين، كما أن فيها معنى **الحداد الشرعي** الذي يواسي المرأة ويمنحها وقتاً للتعافي النفسي والروحي.

4. **الفصل بين الحقوق الشرعية:
  العدة تُستخدم لتحديد الحقوق المالية مثل الميراث والنفقة والسكن، ولكل حالة من الطلاق أو الوفاة نظامها الخاص في الفقه الإسلامي.

خامساً: الإعجاز العلمي في اختلاف العدة بين المطلقة والمتوفى عنها زوجها

من الإعجاز المذهل أن **العلم الحديث** أكد ما أشار إليه القرآن قبل أكثر من 1400 عام.
فقد أظهرت **دراسات طبية ونفسية** أن **المرأة التي تفقد زوجها تمر بمرحلة صدمة وحزن شديدين**، مما يؤثر على توازنها الهرموني الداخلي، وخاصة على **الرحم والمبيضين**.

* في حالات **الوفاة المفاجئة للزوج**، يزداد إفراز هرمون "الكورتيزول" المرتبط بالتوتر، مما يؤدي إلى **اضطراب الدورة الشهرية** وتأخر عودة الرحم إلى حالته الطبيعية.
* بينما المطلقة، رغم حزنها، إلا أن الطلاق لا يُحدث نفس الصدمة النفسية العميقة كالوفاة، فيعود جسمها لوضعه الطبيعي بسرعة أكبر.
* لذا فإن **مدة أربعة أشهر وعشرة أيام** التي حددها الإسلام تتوافق تمامًا مع **المدة التي يحتاجها الرحم والجهاز الهرموني للمرأة للعودة إلى حالته الطبيعية بعد الحزن الشديد**.

لقد كشف العلم الحديث عن **أسرار مذهلة** تؤكد دقة التشريع الإسلامي في تحديد مدة العدة.
فقد تبين أن للرجل **بصمة بيولوجية خاصة** تترك أثرًا في رحم المرأة بعد المعاشرة الزوجية، تُعرف في بعض الدراسات بأنها **"البصمة الوراثية أو العصبية الذكرية"**، وتحتاج إلى وقت لتزول آثارها تمامًا.

*من الجانب العلمي:**
 تشير أبحاث الطب الحديث إلى أن خلايا الرجل تترك **تفاعلات عصبية وكيميائية** داخل جسد المرأة، خصوصًا في بطانة الرحم، وهذه التفاعلات تحتاج **قرابة أربعة أشهر وعشرة أيام** لتتلاشى آثارها بشكل كامل.

*ومن الجانب النفسي والهرموني:**
 تؤكد الدراسات أن المرأة التي تفقد زوجها تمر بحالة **حزن واكتئاب شديدين**، يسببان اضطرابًا في الهرمونات الأنثوية، وتأخرًا في عودة الدورة الشهرية إلى انتظامها الطبيعي.
 بينما المطلقة، رغم تأثرها النفسي، إلا أن طلاقها لا يُحدث نفس الصدمة العصبية الشديدة الناتجة عن الوفاة، ولذلك تكون عدتها أقصر.

*الإعجاز الأعمق:**
 إن فترة **الأربعة أشهر والعشرة أيام** كافية علميًا **ليزول تأثير بصمة الرجل على رحم المرأة تمامًا**، وتنتهي العلاقة الجسدية والعصبية والهرمونية السابقة، مما يجعلها قادرة على بدء حياة جديدة دون أي أثر بيولوجي أو نفسي من الزواج السابق.

وهذا ما يفسر قول العلماء إن المرأة بعد هذه المدة تبدأ فعليًا **في نسيان زوجها من الناحية العصبية والعاطفية**، وهو ما ينسجم مع ما شرعه الله تعالى في كتابه الكريم قبل أن يعرف العلم أسرار الجينات أو الأعصاب أو البصمات الحيوية.

خاتمة

إن العدة ليست قيداً على المرأة، بل هي **تكريمٌ وتشريعٌ رحيم** يراعي طبيعتها النفسية والجسدية، ويصون حقوقها وحقوق الأسرة والمجتمع. واختلاف العدة بين المطلقة والمتوفى عنها زوجها إنما هو **حكمة إلهية دقيقة** تعكس عدل الإسلام وإنسانيته. فكما قال تعالى: *"اللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"*.

 


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
احمد المصرى Pro تقييم 5 من 5.
المقالات

159

متابعهم

90

متابعهم

836

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.