عيد الفطر: مشروعيته، أحكامه، آدابه و سننه

عيد الفطر: مشروعيته، أحكامه، آدابه و سننه

0 المراجعات

عيد الفطر : مشروعيته، أحكامه، آدابه و سننه

 

على المسلم بمناسبة إتمام صيام رمضان الحرص على إخراج زكاة الفطر التي جعلها الله عز وجل طهرة للصائم من اللغو والرفث قبل صلاة العيد. و على أدائها من طعام قوت أهل البلد تلبيةً لتوجيه نبينا حيث فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ. ويقول أبو سعيد الخدري كما في صحيح البخاري: "كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ

 وسوف نقسم هذه  المقالة إلى مبحثين. نستعرض في المبحث الأول مشروعية عيد الفطرو أحكامه ونتطرق في المبحث الثاني : لآداب عيد الفطر و سننه.

المبحث الأول : مشروعية عيد الفطر و أحكامه 

الفرع الأول : مشروعية عيد الفطر

مشروعية عيد الفِطر يُعرَف عيد الفِطر بأنّه اليوم الأوّل من شهر شوّال، وقد جاءت الكثير من الأدلّة التي تدُلّ على مشروعيّة هذا العيد، ومنها ما صحّ عن الصحابيّ أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، أنّه قال: (قدِمْتُ المدينَةَ ولأهلِ المدينةِ يومانِ يلعبونَ فيهما في الجاهليَّةِ، وأنَّ اللهَ تعالى قدْ أبدَلَكم بهما خيرًا منهما يومَ الفطرِ ويومَ النحرِ

 ويأتي العيد هِبةً من الله لِعباده الصائمين بعد الانتهاء من صيام شهر رمضان؛ ليتمتّعوا بالطيِّبات، ويستقبلوا العيد بالتكبير، والتهليل، ولبس الجميل من الثياب، ويُؤدّوا صلاة العيد؛ شُكراً لله -تعالى- على توفيقه إيّاهم لأداء عبادات شهر رمضان، ويُهنِّئ المسلمون بعضهم بعضاً يوم العيد بصيغة صالحة، كقول: "أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة"، وقد ورد عن بعض الصحابة قول: "تقبّل الله منّا ومنكم" إذا التقوا يوم العيد.

الفرع الثاني : أحكام عيد الفطر

حكم صيام عيد الفِطر اتّفق الفُقهاء جميعهم على حُرمة صيام يوم العيد؛ سواءً أكان عيد فِطر، أو عيد أضحى، كما اتّفقوا على جواز صيام الأيام التي تلي يوم عيد الفطر؛ لأنّ عيد الفِطر في الشرع هو يوم واحد، فيجوز في اليومَين الثاني والثالث من شوال، صيام قضاء رمضان، أو صيام التطوُّع، أمّا ما اشتُهِر من أنّ عيد الفِطر أكثر من يوم، فهو ليس أمراً شرعيّاً تترتّب عليه الأحكام.

 مشروعيّة صلاة عيد الفِطر شرع الله للمُسلمين عيدَي الفِطر والأضحى، وأبدلهم خيراً من الأعياد التي كان العرب يحتفلون بها في الجاهليّة، وشرع لهم صلاة العيد، وجاءت الكثير من الأدلّة التي تدُلّ على مشروعيّة هذه الصلاة، ومنها قوله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، دالّاً على مشروعيّة صلاة عيد الأضحى، وقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، والصحابة الكرام يُداومون على أدائها، وصلاة العيد ليست خاصّة بالرجال، بل يُسَنّ للنساء حضورها بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية عند الخروج من المنزل؛ سواءً في اللباس، أو الزينة، أو غيرهما من الضوابط؛ فقد جاء عن الصحابيّة أُم عطية -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نَخْرُجَ يَومَ العِيدِ حتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِن خِدْرِهَا، حتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فيُكَبِّرْنَ بتَكْبِيرِهِمْ، ويَدْعُونَ بدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذلكَ اليَومِ وطُهْرَتَهُ). 

ويُسَنّ بعد صلاة العيد أن يخطب الإمام بالناس بما يُناسب حالهم؛ فيخطُب في عيد الفِطر عن صدقة الفِطر، وفَضلها، وغير ذلك من الأحكام، أمّا في عيد الأضحى، فيخطُب عن الأضحية، وأحكامها، وشروطها، وما إلى ذلك،

 وإذا لم يعلم الناس بالعيد إلّا بعد وقت الزوال، فإنّهم يصلّونها في اليوم الذي يَليه؛ فقد ورد عن بعض الصحابة أنّهم شهدوا عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّهم رأَوا الهلال بعد الزوال؛ (فأمرَهم أن يفطروا وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلَّاهم).

 وقد وردت مجموعة من السُّنَن عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- التي كان يفعلها يوم عيد الفِطر، ومنها ما يأتي:

 تناوُل شيء من الطعام قبل الخروج إلى صلاة العيد؛ لأنّ المسلم يكون مُنهِياً لعبادة الصيام، وأوّل ما يفعله بعدها الفِطْر؛ طاعةً لأمر الله -تعالى-.

 الذهاب إلى صلاة العيد من طريق، والرجوع من طريقٍ آخر.

 ذهاب المسلم مع أبنائه وزوجته؛ لأداء صلاة العيد، امّا إذا كانت المرأة حائضاً، فإنّها لا تُصلّي، بل تشهد خُطبة العيد فقط.

 تأدية صلاة العيد في مكانٍ خارج المسجد.

 سلام المسلم على إخوانه المُسلمين وتهنئتهم بيوم العيد، والدُّعاء لهم بتَقَبُّلِ الطاعات من الله -تعالى. الاغتسال، والتطيُّب، ولبس الجديد من الثياب.

 الخروج إلى صلاة العيد مشياً على الأقدام

إذا وافق يوم العيد يومَ الجمعة إذا وافق يومُ العيد يومَ الجمعة، فللفقهاء في وجوب الجمعة على من شَهد صلاة العيد أقوال، هي: جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية: قالوا إنّ صلاة العيد لا تُجزئ عن الجمعة، أو العكس، إلّا أنّ الشافعية رخّصوا لأهل القُرى الذين شهدوا صلاة العيد في ألّا يشهدوا صلاة الجمعة، وحينئذٍ تُصلّى ظهراً. الحنابلة: قالوا إنّ صلاة الجمعة تسقط عمّن شَهد صلاة العيد باستثناء الإمام؛ إذ تجب عليه إقامتها؛ ليجتمع فيها من شاء أن يُصلّي إذا حضر العدد الذي تصحّ به الصلاة؛ وإلّا فإنّها تُصّلى ظهراً، 

مشروعيّة التكبير في عيد الفِطْر يُشرع للمُسلم الجهر بالتكبير في عيد الفِطْر، وهو قول الجُمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفيّة، ومن الأدلّة على مشروعيّة التكبير قوله -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)؛ فقد أمر الله -تعالى- بالتكبير بعد الانتهاء من عدّة رمضان؛ أي في عيد الفِطْر، وينتهي التكبير في يوم الفِطْر بعد الانتهاء من صلاة العيد، ويكون التكبير في عيد الفِطْر مُطلَقاً وليس مُقيَّداً بوقت؛ فلا يُسَنّ التكبير بعد الصلوات فيه بإجماع المذاهب الأربعة؛ بدليل أنّه لم يَرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فِعلُ ذلك، ويمتدّ وقت التكبير في عيد الفِطْر منذ ليلة العيد إلى حين انتهاء صلاة العيد،[١٥] ولم تثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- صيغة مُعيَّنة في التكبير، وقد ورد عن الصحابة الكرام قول: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد" وكذلك قول: "الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً

 مشروعية زكاة الفطر تُعرَف زكاة الفِطْر، أو ما تُسمّى بصدقة الفِطْر بأنّها: الزكاة التي تكون بسبب الفِطْر من رمضان، وهي تُقدَّم لمُستحقّيها؛ ابتغاء الأجر والثواب من الله -تعالى-، قال ابن عبّاس -رضي الله عنه-: (فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ زكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطُعمَةً للمساكينِ)، وقد فُرِضت زكاة الفِطْر في السنة الثانية من الهجرة، ويبدأ وقت إخراجها بعد غُروب شمس آخر يوم من أيّام شهر رمضان، ويمتدّ وقتها إلى صلاة العيد؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أمر بإخراجها قبل صلاة العيد فيما ورد عن ابن عبّاس، إذ قال: (من أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فهيَ زكَاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فهيَ صدَقةٌ منَ الصَّدقاتِ)، ويجوز للمُسلم إخراجها قبل العيد بيوم أو يومَين؛ لِفعل الصحابة ذلك. 

حُكم إهداء النقود يوم العيد يُعَدّ إهداء النُّقود في يوم العيد في ما يُسمّى ب(العيديّة) أمراً جائزاً، وهي إحدى العادات الحَسَنة التي تُعَدّ من مكارم الأخلاق، وعلى المسلم التنبُّه إلى مراعاة العدل فيها بين أبنائه، وعدم تفضيل بعضهم على بعض؛ لِما قد يُسببّه ذلك من الحسد بينهم، ولا يلزم في العيديّة أن تُوزَّع بالتساوي بين الأبناء، ويُراعي الأبُ في ذلك أعمارهم؛ فيعطي الكبير أكثر من الصغير مثلاً، والمُتزوّج أكثر من غير المُتزوّج، وله أن يُوجّه أبنائه في طريقة إنفاقهم لها في مجال مشروع، وخاصّة الصغار منهم.

 مُخالفات قد تقع يوم العيد تقع الكثير من المُخالَفات في يوم العيد وليلته، ومنها ما يأتي:

 الاختلاط بين الرجال والنساء في العيد: حرّم الإسلام المخالطة غير المنضبطة بين الرجال والنساء؛ لِما في ذلك من إثارة للفِتَن، فيلتزم المُسلم والمسلمة يوم العيد وسائر الأيام بالابتعاد عن المُخالطة من غير مسوّغ شرعي

 الاجتماع على المُحرَّمات لإظهار الفرح والسرور: يُسَنّ للمُسلم في يوم العيد أن يُظهر الفرح والسُرور بما هو مُباح، ويحرُم عليه إظهار الفرح بفِعل ما يُغضب الله -تعالى.

 قيام ليلة العيد: يُعَدّ قيام الليل من أفضل العبادات التي يتقرّب بها المُسلم إلى ربّه، وقد جاءت الكثير من الأدلّة التي تحُثّ عليه، أمّا تخصيص ليلة العيد بالقيام دون غيرها من الليالي فهي من الأعمال التي لم ترد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولم يرد في فضلها شيء من الأحاديث الصحيحة، أمّا إن كان المُسلم يعتاد قيام الليل، وصادف ذلك ليلة العيد فلا بأس في ذلك.

 مشروعية عيد الفِطر يُعرَف عيد الفِطر بأنّه اليوم الأوّل من شهر شوّال، وقد جاءت الكثير من الأدلّة التي تدُلّ على مشروعيّة هذا العيد، ومنها ما صحّ عن الصحابيّ أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، أنّه قال: (قدِمْتُ المدينَةَ ولأهلِ المدينةِ يومانِ يلعبونَ فيهما في الجاهليَّةِ، وأنَّ اللهَ تعالى قدْ أبدَلَكم بهما خيرًا منهما يومَ الفطرِ ويومَ النحرِ

ويأتي العيد هِبةً من الله لِعباده الصائمين بعد الانتهاء من صيام شهر رمضان؛ ليتمتّعوا بالطيِّبات، ويستقبلوا العيد بالتكبير، والتهليل، ولبس الجميل من الثياب، ويُؤدّوا صلاة العيد؛ شُكراً لله -تعالى- على توفيقه إيّاهم لأداء عبادات شهر رمضان، ويُهنِّئ المسلمون بعضهم بعضاً يوم العيد بصيغة صالحة، كقول: "أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة"، وقد ورد عن بعض الصحابة قول: "تقبّل الله منّا ومنكم" إذا التقوا يوم العيد. 

المبحث

image about عيد الفطر: مشروعيته، أحكامه، آدابه و سننه

 الثاني : آداب عيد الفطر و سننه

الفرع الأول : آداب عيد الفطر

الغتسال و التطيب : فقد صحّ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه كان يغتسل يوم العيد، وكذلك فعل السَّلف الصَّالح من بعده، فكان هذا الغسل من الأُمور المستحبَّة، ويصحُّ أن يكون قبل فجر العيد، فيكون وقت الاغتسال قريباً من وقت الصَّلاة، ثمَّ يلبس أحسن ثيابه ويتطيَّب، ولا يقتصر ذلك على مريد الصَّلاة، بل يفعله كلُّ النَّاس؛ لأنَّ العيد يوم فرحٍ وسرورٍ وزينةٍ.

 الإكثار من التكبير يجهر المسلمون بالتَّكبير في العيدين، ويسنُّ ذلك، ويكون التَّكبير بكلِّ الأزمنة والأمكنة، ويكبِّر كلُّ مسلمٍ لوحدهِ، وتحرص النِّساء على عدم التَّكبير بوجود الرِّجال، ويبدأ وقت التَّكبير في عيد الفطر من أوَّل ليلتهِ حتى أداء صلاته، وفي عيد الأضحى من الأوَّل من ذي الحجَّة إلى اليوم الثَّالث عشر من ذات الشَّهر، فالتَّكبير فيه تعظيمٌ لله -تعالى-، وثناءٌ عليه، وامتثالٌ لأوامره، واجتنابٌ لنواهيه، والذاهب إلى صلاته يُكبِّر في مشيه للصَّلاة وفي جلوسه للعيد، ويكون ذلك في العيدين، ويعدُّ التَّكبير في العيدين من العبادات التي شرع الإسلام النُّطق بها، ولا يغني سماعها أو نطق شخصٍ آخر بها عن نطقها من قِبَل الشَّخص ذاته.

 الحرص على عبادات يوم العيد شُرِعت صلاة العيد في السَّنة الأُولى من الهجرة، وثبت بالتواتر أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يُصلّيها، وثبتت مشروعيّتها في القرآن الكريم والسّنّة الشريفة والإجماع، ومن الأدلّة عليها قوله -تعالى-: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وقوله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، 

الفرع الثاني : سنن عيد الفطر

 ومن السّنن أن يذهب المسلم يوم العيد إلى المصلَّى من طريقٍ، ويعود لمنزله من طريقٍ آخر، كما أنَّ أداء الصَّلاة في المصلَّى تعدُّ سنَّةً، ولا يمنع ذلك من أدائها في المسجد، ويخرج إلى الصَّلاة جميع المسلمين من الرِّجال والنِّساء والأطفال، حتى الحائض من النِّساء، ويسنُّ الاستماع إلى خطبة العيد بعد أداء الصلاة.

 ويجب على المسلم إخراج زكاة الفطر قبل الصَّلاة، فإن أخرجها بعدها بغير عذرٍ أثِم، وإنْ كان تأخيره لإخراجها بعذرٍ لم يأثم ولكن عليه قضاؤها، وتكون بعد صلاة العيد صدقةً من الصدقات العاديَّة، وقد شرعها الله -تعالى- طهرة للصَّائم، وطُعمةً للفقراء والمساكين، ويخرجها المسلمون جميعهم عن أنفسهم وعمَّن تجب عليهم نفقتهم، ويستحبُّ إخراجها عن الجنين في بطن أمِّه أيضاً، ويبدأ وقت إخراجها بغروب شمس ليلة العيد إلى ما قبل صلاة العيد، ويجوز إخراجها قبل العيد بيومٍ أو يومين، ومقدارها صاعٌ، وهو ما يُعادل 2.40 كيلو جراماً من طعام أهل البلد؛ كالقمح، أو الأرز، أو الشَّعير، وغيره.

 التزاور بين الناس والتهنئة بالعيد يتزاور النَّاس في العيد، ويتبادلون التَّهنئة والفرح والسُّرور، وقد اعتاد النَّاس على ذلك في كلِّ عيدٍ حتى قبل مجيء الإسلام، لكنَّهم كانوا يقومون بذلك بناءً على عادات الجاهليَّة والوثنيَّة، فجاء الإسلام وشرع العيدين وربطهما بعباداتٍ يقومون بها، وقد روت عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعِندِي جارِيَتانِ تُغَنِّيانِ بغِناءِ بُعاثَ، فاضْطَجَعَ علَى الفِراشِ، وحَوَّلَ وجْهَهُ، ودَخَلَ أبو بَكْرٍ، فانْتَهَرَنِي وقالَ: مِزْمارَةُ الشَّيْطانِ عِنْدَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأقْبَلَ عليه رَسولُ اللَّهِ عليه السَّلامُ فقالَ: دَعْهُما، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُما فَخَرَجَتا، وكانَ يَومَ عِيدٍ)، والشَّاهد من الحديث أنَّ أبا بكر -رضي الله عنه- لمَّا دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان زائراً له، ويدخل في ذلك صلة الرَّحم، والإحسان إلى الفقراء والمساكين،

 والتَّهنئة بالعيد جائزةٌ باتِّفاق المذاهب، وذلك بقول المسلم لأخيه المسلم: "تقبَّل الله منَّا ومنك".

 تناول الطعام قبل صلاة العيد يُسنُّ في عيد الفطر الأكل قبل الخروج إلى الصَّلاة، وهو ما جاء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد روى بريدة: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَغْدو يَومَ الفِطْرِ حتى يَأكُلَ، ولا يَأكُلُ يَومَ الأضْحى حتى يَرجِعَ، فيَأكُلَ مِن أُضحِيَّتِه)، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحرص أن يأكل بضع تمراتٍ بعددٍ فرديٍّ، والحكمة من الأكل قبل الصَّلاة؛ كي لا يعتقد المسلمون وجوب الصِّيام إلى ما بعد صلاة العيد، وقيل إنَّ العيد جاء مكافأةً من الله -تعالى- لعباده على عبادة الصوم، فاستُحِبّ التَّعجيل في الفطر.

 إظهار البشاشة والفرح بالعيد يسنُّ للمسلم أن يُظهر الفرح والسَّعادة لقدوم العيد؛ ومن ذلك ارتداء الجديد من الثِّياب، حيث يسنُّ في ملابس العيد أن تكون جديدة ما أمكن، وإلَّا فيحرص المسلم على أن يختار الأحسن من ثيابه ويلبسها، وذلك ليُظهر الفرح والسُّرور بقدوم العيد، وإظهاراً لنعمة الله -تعالى- عليه، فقد روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- فقال: (أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِن إسْتَبْرَقٍ تُباعُ في السُّوقِ، فأخَذَها، فأتَى بها رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هذِه تَجَمَّلْ بها لِلْعِيدِ والوُفُودِ)، وقد رفضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستبدلها بأخرى مصنوعةً من الديباج؛ لأنَّ الحرير محرمٌ في اللِّباس على الرِّجال،

ومن المستحبّ أن يَظهر الفرح والسُّرور طيلة أيَّام العيد، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا أبَا بَكْرٍ، إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وهذا عِيدُنَا)، ويعدُّ هذا شعيرةً من شعائر الدِّين الإسلامي وعلى هذا كان يسير الصَّحابة -رضوان الله عليهم.

 

                                 تقبل الله منا ومنكم خالص الطاعات

و عيدكم مبارك سعيد

والسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

7

followers

1

followings

1

مقالات مشابة