صيام الست من شوال : حكمها و فضلها

صيام الست من شوال : حكمها و فضلها

0 المراجعات

 

 

صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستحبّة وليست بواجب يشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال ، و في ذلك فضل عظيم ، وأجر كبير ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام الدهر كما صح ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر"

موضوع هذه المقالة كما سبق ذكره هو صيام الست من شوال. و سوف نحاول أن نوضح حكم هذا الصيام و كذلك فضله من خلال تقسيم المقال إلى مبحثين على أن نتطرق في الخاتمة لبعض الأحكام الفقهية المتعلقة به.

المبحث الأول : حُكم صيام ستّة أيّامٍ من شوّال

 شُرِعت عدّة عباداتٍ بعد صيام شهر رمضان، ومنها صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال، وقد اختلف العلماء في حُكم ذلك، وذهبوا فيه إلى قولَين، بيانهما آتياً:

 القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الشافعيّة، والحنابلة، والبعض من المالكيّة، والحنفيّة بأنّ صيام الستّ من شوّال مُستحَبٌّ، واستدلّوا على ذلك بحديث أبي أيوب الأنصاريّ سابق الذِكر، بالإضافة إلى ما رُوي عن ثوبان مولى الرسول، عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (صيامُ شهرِ رمضانَ بعشرةِ أشهرٍ، وصيامُ ستةِ أيامٍ بعدَهُ بشهرينِ، فذلكَ صيامُ السنةِ)، ممّا يُؤكّد فضيلة صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال، واستدلّوا أيضاً بقول الله -تعالى-: (مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثالِها وَمَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجزى إِلّا مِثلَها وَهُم لا يُظلَمونَ)؛ فالآية عامّةٌ تدلّ على أنّ أجر كلّ العبادات مُضاعَفٌ إلى عشرة أمثالٍ، إلّا الصيام الذي استُثنِي بقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- عن الله -عزّ وجلّ-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).

 القول الثاني: وردت عن بعض فقهاء المذهب الحنفيّ، والمالكيّ كراهة صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال؛ فقد ورد عن الإمام يحيى بن يحيى؛ وهو فقيهٌ في المذهب المالكيّ، عدم ورود أيّ نصٍّ عن أهل العلم والفقه والسَّلَف يشير إلى أنهّم كانوا يصومون ستّة أيّام من شوّال بعد رمضان؛ خوفاً من وقوع الناس في البِدعة؛ بظنّهم وجوب الصيام.

المبحث الثاني : فضل صيام ستّة أيّامٍ من شوّال

 يتفرّع الصيام من دون صيام شهر رمضان إلى نوعَين؛ الأوّل: صيام الكفّارات والنُّذور، وهو صيامٌ واجبٌ، والثاني: صيام التطوُّع، ومنه صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال،

 وقد شُرِع صيامها؛ تحقيقاً للعديد من الحِكَم التي قد يغفل عنها العبد، بيان البعض منها آتياً: نَيل الأجر العظيم من الله -سبحانه-، كما رُوي في الصحيح من قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)، وبيان المقصود من الحديث السابق فُسِّر بما رُوي عن ثوبان عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (جعل اللهُ الحسنةَ بعشر أمثالِها، الشهرُ بعشرةِ أشهرٍ، وصيامُ ستةِ أيامٍ بعد الشهرِ تمامُ السَّنةِ)، فأجر صيام ستّة أيّامٍ بعد شهر رمضان، في شهر شوّال، يُعادل أجر صيام سنةٍ كاملةٍ، ويُفسَّر ذلك بأنّ الحسنة بعَشْر أمثالها، وصيام شهر رمضان يعادل ثلاثين حسنةً، وكلّ حسنة بعَشْر؛ أي ثلاثمئة حسنةٍ، وصيام ستّة أيّامٍ يعادل ستّين حسنةً، وبذلك يصبح مجموع أجر صيام رمضان وستّة أيّام بعده ثلاثمئة وستّين حَسَنةً تُقابل عدد أيّام السنة.

 جَبْر النقص الذي قد يطرأ على الفريضة وإتمامه، ويُستدَلّ على ذلك بِما رُوي عن تميم الداريّ -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أوَّلُ ما يحاسَبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ صلاتُهُ فإن أكملَها كُتِبَت لَه نافلةً فإن لم يَكن أكمَلَها قالَ اللَّهُ سبحانَهُ لملائكتِهِ انظُروا هل تجِدونَ لعبدي مِن تطَوُّعٍ فأكمِلوا بِها ما ضَيَّعَ مِن فريضتِهِ ثمَّ تؤخَذُ الأعمالُ علَى حَسْبِ ذلِكَ).

 زيادة قُرْب العبد من ربّه، وكَسْب رضاه ومَحبّته، قال النبيّ -عليه السلام- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (ما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها).

 تيسير أداء الفرائض وتسهيلها، وعدم الانقطاع عنها، والمداومة على أدائها في جميع الأحوال والظروف؛ إذ إنّ المداومة على أداء النوافل من العوامل التي تُحفّز العبد على أداء الفرائض، وعدم التهاوُن فيها. تحقيق صِلة العبد بربّه في كلّ الأزمان، فلا يحصل أيّ انقطاعٍ، أو غفلةٍ.

الخاتمة

 بيّن العلماء العديد من المسائل والأحكام المُتعلّقة بصيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال، بيان البعض منها فيما يأتي:
الفَصْل في النيّة: يجب الفَصْل بين نيّة قضاء شهر رمضان، ونيّة صيام ستّة أيّام من شهر شوّال، ولا يجوز الجمع بينهما؛ إذ إنّ نيّة الواجب، وهو القضاء لا بدّ من تبييتها ليلاً، أمّا صيام النَّفل، فتصحّ فيه النيّة من يوم الصيام 

والبدء بصيام ست من شوال قبل قضاء رمضان لمن أفطر بعذر، جائز بلا كراهة، وهو قول أبي حنيفة، وأحمد في رواية، قال المرداوي في الإنصاف: "وهو الصواب"، وذهب الشافعية والمالكية إلى أن التطوع بالصوم قبل القضاء، جائز مع الكراهة، والراجح: أنه جائز بلا كراهة؛ لأن القضاء موسع، يجوز فيه التراخي، وصيام الست قد يفُوت فيفُوت فضلُه.

 التتابُع والتفريق: اختلف العلماء في بيان حُكم صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال؛ مُتتابِعةً أم مُتفرِّقةً، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، بيانها آتياً:

 الشافعيّة: ذهبوا إلى تفضيل واستحباب صيامها مُتتابعةً بعد العيد؛ مسارعةً للأعمال الصالحة.

 الحنفيّة: ذهبوا إلى استحباب صيامها مُتفرّقةً؛ بصيام يومَين في كلّ أسبوعٍ. 

المالكيّة: ذهبوا إلى كراهة صيامها مُتتابعةً ومُتّصِلةً بشهر رمضان. 

الحنابلة: ذهبوا إلى عدم التفريق في الأفضليّة بين التتابُع، والتفريق.


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

7

followers

1

followings

1

مقالات مشابة