العين والحسَد ومفهومهما

العين والحسَد ومفهومهما

0 المراجعات

العينُ والحسَد :
العينُ والحَسد من المسائل المتداولة بين النّاس ، ثابتةٌ بالكتاب والسُّنة والإجماع ،  وانقسم النّاس في قبولها إلى ٣ أقسام ؛ القسم الأول : مفرطون في تعليق كلّ ما يحدث معهم بالعين والحسد بل وقد يلجؤون في العلاج إلى الدجالين والكهنة ، والقسم الثاني : منكرون لوجوده من الأساس ولا يؤمنون بالعلاج حتى عن طريق الرقية الشرعية ، وأما القسم الثالث : فيؤمن بوجود العين والحسد ويؤمن بتأثيرهم على الإنسان وفي ذات الوقت يتبع الطرق الشرعية لعلاجهما بعيدا عن الدجالين والكهنة وهذا هو المنهج الحق منهجُ أهل السنة والجماعة .

تعريف العين والحسد :

الحسدُ : شعور عاطفي بتمني زوال قوة أو إنجاز أو مُلك أو ميزة من شخص آخر والحصول عليها أو يكتفي الحاسد بالرغبة في زوالها من الآخرين . 
العين : عرَّفها ابن القيم بأنها : " سهامٌ تخرج من نفس الحاسد و العائن نحو المحسود والمعيون تصيبه تارةً وتخطئهُ تارةً أُخرى ، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه .

علاماتُ العين والحسد :
 
١_ البكاء والاختناق بدون سبب 
٢_ اعتزال الأهل والأصحاب بشكل مبالغ فيه 
٣_ عدم الاستقرار في أحوال حياته 
٤_ حدوث غضب مستمر ويكون شديد الانفعال 
٥_ أوجاع في البدن وتزداد عند قراءة سورة البقرة 
٦_ الإحساس بأن الجسم تحت تأثير التخدير 
٧_ صداع شديد 
٨_ ألم شديد في البطن 
٩_ الاحساس بالاكتئاب وانعدام الرغبة في الحياة 
١٠_ الكسل والخمول بشكل مستمر على غير العادة

 إثبات الإصابة بالعين في القرآن الكريم و السنة : 

 إن العين حق وهي تصيب الأشياء فتتلفها، و لا تفسدها إلا بإذن الله تعالى، و قد أكد القرآن الكريم على صدق حدوثها في قوله عز و جل ﴿ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذكر و يقولون إنه لمجنون ، و ما هو إلا ذكر للعالمين ﴾ (القلم : 51-52)، لقد أجمع معظم علمائنا الأجلاء المتقدمين منهم و المتأخرين الذين فسروا هذه الآية على إثبات إصابة الإنسان بالعين الحاسدة ، و خلاصة تفاسيرهم تشير إلى أن الله تعالى كشف لنبيه محمد صلّى الله عليه و سلّم، عن خبث نفوس الكافرين فقال ﴿ و إن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم ﴾، أي أنهم يُصَوِّبون نظراتهم المحتقنة  بالحقد و الحسد تجاهك، كما يصوِّب الرماة سهامهم المبللة بالسم إلى أعدائهم، و قصدهم من وراء هذا العمل المَقيت هو أن يُهلكوا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم، و يُزِّلوا قدمه الشريفة حتى تتعثر و يسقط على الأرض صريعاً،  ليتمتعوا برؤيته و هو في حالة مُهانة.
 إن السر في كون نظرات الكفار ملتهبة بالكراهية و الشر، هو استحسانهم لما أنعم الله على رسوله من بهاء النبوة، و إعجابهم بالبلاغة القرآنية و بفصاحة السنة النبوية ﴿ و إن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذكر ﴾، و هي مستويات راقية من الحسن اللغوي، لم يَروها في رجل من قبله إطلاقا ، فلما عجزوا عن بلوغ هذه المراتب العالية و المقامات الربانية،  خصوصاً و أنَّ حسن الكلام  كان من أعظم ما يفتخر به العرب في عهد البعثة ، حيث يتنافسُ الشعراء داخل أروقة مكة المكرمة على التفنن في صياغة أجمل الأساليب و العبارات الشعرية . لقد بلغ القرآن الكريم الذي أنزل على نبي الإسلام من حلاوة الكلام حدّاً لم يتوقف معه عند حد إبهار الإنس، بل جعل حتى  الجن يعشقونه حين سمعوا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم و هو يقرأه، قال الله عز وجل ﴿ قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرءاناً عجباً ﴾ (الجن : 1) ، أي أن الجن أَخبروا قومهم لما رجعوا إليهم ، بأنهم تعجبوا لفصاحة النبي صلّى الله عليه و سلّم حين سمعوه و هو يقرأ القرآن ، و أُعجِبوا بغزارة معانيه ، فلما تعرّفوا على عظمة ما أوتي نبيُنا من إعجاز لغوي، بدئوا يتزاحمون حوله ليتمتعوا بالاستماع إليه و هو يتلوا القرآن ،  قال الله جل علاه ﴿ و أنه لما قام عبدُ الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً ﴾ (الجن : 19). 
 لكن كفار قريش حين فشلوا في النيل من هذا النبي الكريم بنظراتهم الشريرة، لأن الله تعالى عصمه من أذى عيونهم المشحونة بالحقد و الحسد، لم يجدوا في النهاية حيلة سوى نَعتِه بالجنون ﴿ و يقولون إنه لمجنون ﴾ ، و وصفه بهذه الصفة دليل على أنهم أُصيبوا بالحيرة من أمره ، فحاولوا أن يُنفِّروا الناس من حسن كلامه الذي يدهش العقول و يبهر القلوب ، فاتهموه بالحُمق مع أنهم يعلمون علم اليقين ، بأنه أرجحهُم عقلاً و أقواهُم حجة و أقومَهم خُلقاً و أوفرهُم حكمة، و لا يقدِر على تحمل عظمة رسالة الإسلام إلا من توفرت فيه هذه الفتوحات الربانية و الكمالات البشرية .
 إن السنة النبوية تتضافر مع القرآن الكريم في إثبات وجود مرض الإصابة بالعين، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : « العين حق»، و عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه و سلّم قال : "العين حق و لو كان شيء سابق القدر سبقته العين و إذا استغلتم فاغسلوا " رواه مسلم، و قد فصَّلت الأحاديث النبوية أنواع الأضرار الناتجة عن الإصابة بالعين، و نذكر من بينها :
1_ العين تقتل بإذن الله سبحانه، فعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم « أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله و قضائه بالأنفس [يعني بالعين]» 
2_ العين تصيب الإنسان بالمرض، و الدليل قصة الصحابي سهل بن حنيف رضي الله عنه، الذي أُصيب بعين عامر بن ربيعة رضي الله عنه حين رآه هذا الأخير و هو يغتسل، فأُعجب ببياض جسمه و جمال جلده، فمرض سهل من جراء هذه النظرة، فلما بلغ ذلك النبي صلّى الله عليه و سلّم، استدعى عامر بن ربيعة، فخاطبه و هو متغيظ عليه قائلاً :  « عَلاَمَ يقتل أحدكم أخاه ؟! هَلّا إذا رأيت ما يعجبك بَرَّكت ؟!» ثم قال له : «اغتسل له»، فغسل وجهه و يديه و مرفقته و ركبته و أطراف رجليه و داخل إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه ، فراح سهل مع الناس ليس به بأس،  رواه أحمد و النسائي و ابن ماجة.
3_ العين تسقط الإنسان على الأرض، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : « إن العين لتولع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقاً [الجبل] فيتردى منه » رواه أحمد.
 أما أهل العلم فقد زادوا في التأكيد على ما ورد في القرآن و السنة، ففي تعريف دقيق لابن حجر العسقلاني، أن أصل الإصابة بالعين هو نظرة باستحسان ممزوجة بحسد، تصدر من الإنسان الخبيث الطبع، يحصل للمنظور من خلالها ضرر بإذن الله تعالى.
إن كل هذه الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية و أقوال علماء الشريعة، تشترك   في ثلاثة أمور أساسية و هي، أولا أنها تثبت وجود الإصابة بالعين بشكل قاطع لا شك فيه، و أكبر شاهد على ذلك هو تعرض النبي صلّى الله عليه و سلّم، للنظرات الحاسدة للكفار و حفظ الله تعالى له من شرها. ثانياً أن التأثير السلبي للناظر لا يقع على المنظور إلا بإذن الله عز و جل. أما النقطة الثالثة فتتجلى في كون النصوص القرآنية و النبوية تقدم لنا أجوبة شافية و حاسمة عن العين الحاسدة، و هي تغنينا عن المعارف الظنية و المرتبكة في علم النفس الغربي، الذي اكتفى بستر عجزه و النقص الحاصل لديه في العلم بهذا المرض الروحي، بأن صنفه ضمن علم النفس الخوارق ليرتاح علماء الغرب نسبياً، من الحرج الذي قد يخلِّفه إنكارهم لوجود هذه الظاهرة الروحية الفطرية في النفس البشرية.

أدعية تحصين النَّفس :

_اللهم عافِني في بدني، اللهمّ عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري.

_وكذلك بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم (تُردد ثلاث مرات).
_ وأيضاً لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير (تُردد مائة مرة).
_ بجانب أعوذ بكلمات الله التامّات من شرِّ ما خلق (تُردد ثلاث مرات).
_وكذلك اللهم إني أسألك العفوَ والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. 
_ سورة الفاتحة والفلق والناس والإخلاص وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة .
مع تمنياتي لكم السلامةَ والشفاءَ من كل داءٍ سواءَ كان روحيّ أم جسدي ، استودعتكم الله الذي لا تضيع عندهُ الودائع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ♥️ .

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

5

followers

3

followings

19

مقالات مشابة