تفسير قصة نوح في سورة هود (الجزء الثاني)
استكمالا لتفسير قصة سيدنا نوح عليه السلام في سورة هود وهي الآيات (-)
تتحدث الآيات عن خروج الطوفان وهلاك المشركين، ومحاولة سيدنا نوح عليه السلام إنقاذ ابنه وطلبه منه أن يؤمن ويركب معهم.
(حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلۡنَا ٱحۡمِلۡ فِيهَا مِن كُلّٖ زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيۡهِ ٱلۡقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٞ)
لما أتى أمر الله تعالى، وانفجر الماء من التنور الذي كانوا يستخدمونه للخبز، أخبر الله تعالى نبيه نوحاً أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين، أي من كل نوع من الحيوان ذكراً وأنثى، واحمل أهلك في السفينة، إلا الذي لم يؤمنوا وسبق عليهم قول الله بالعذاب، واحمل كذلك الذين آمنوا من قومك، وهم في الأصل عدد قليل.
(وَقَالَ ٱرۡكَبُواْ فِيهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡر۪ىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ)
قال نبي الله نوح عليه السلام لمن معه: اركبوا في السفينة، فهذا أمر الله القادر على إحداث جريان للماء وحمل السفينة، إن الله يغفر ذنوب التائبين، ويرحم المؤمنين وينجيهم من الهلاك.
(وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ)
بدأ الكوفان، وامتلأت الأرض بالماء وأصبح الموج عاليا مثل الجبال.
(وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ)
وهنا نادى نوح ابنه وكان كافرا بدين أبيه، قال: يا بني، اترك عنادك وفجورك وآمن بالله الواحد الأحد لتركب معنا وتنجو من الغرق، لا تهلك مع الكافرين.
(قَالَ سَـَٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَلٖ يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ)
اعرض ابن نوح عليه السلام عنه وأصر على عناده وقال: سأهرب إلى أعلى الجبل فسوف يعصمني ويحميني ولن يصلني الماء.
(قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ)
قال نوح لابنه: هذا أمر الله، ولا فرار منه، ولا عاصم من عذابه، تمسك برحمة الله وتعال معنا.
(وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ)
لم يستجب ابن نوح لكلام أبيه، وارتفع الموج حتى حجب الابن عن نوح عليه السلام وغرق مع الكافرين.
(وَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي وَغِيضَ ٱلۡمَآءُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّۖ وَقِيلَ بُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ)
انتهى الطوفان وأهلك الله الظالمين ونجى المؤمنين، فأمر الله تعالى الأرض أن تبتلع الماء مرة أخرى، وأمر السماء أن تتوقف عن الإنزال، واختفى الماء لترسى سفينة نوح على اليابسة مرة أخرى بأمر الله، وقيل هلاكاً وبعداً للظالمين.