شرح الأحاديث النبوية (الجزء السادس)
نستكمل في هذا المقال بإذن الله شرح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم (الجزء السادس)
أحاديث اليوم: (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت)، (عجبا لأمر المؤمن).
الحديث الأول: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت، لأدركه رزقه كما يدركه الموت).
يقول النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قد كتب لكل إنسان رزقه فهو آتيه أينما كان، تماما كما كتب عليه أجله فهو آتيه كذلك.
ولأن مسألة الرزق تعد من أكثر من يؤرق الإنسان في حياته، فمنهم من يسرق أو يأكل مال اليتيم بدعوى أنه لا يجد رزقا. هنا يوضح النبي صلى الله هليه وسلم أن لكل امرأ رزق مكتوب لا يخطئه. وجميعا يعلم أنه مهما هرب ابن آدم من الموت فإن أجل الله لا يؤخر وهو آتيه لا محالة (أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)، فلو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت، لأتاه رزقه كما يأتيه الموت، وقد قيل: لو أن امرأ ركب الريح هربا من رزقه، لركب الرزق البرق ليدركه. وهذا تقرير من النبي صلى الله عليه وسلم أن على المسلم أن لا يخشى فوات رزقه، وأن الله لا ينسى عباده، وأنه قسم الأرزاق وكتبها عليهم منذ ولادتهم.
العبر المأخوذة من الحديث:
(1) اليقين بالله تعالى.
(2) وجوب الإيمان بأنه لا أحد يسرق رزق أحد.
(3) طمأنة من النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين.
الحديث الثاني: عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمه كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
إن سنة الله في أرضه أن تنقلب أحوال الناس وتتداول الأيام فيما بينهم سرورا بعد حزن، وحزنا بعد سرور. وهنا يقول النبي صلى الله عليه وسلم أن أمر المؤمن عجيب، لأن كل أحواله خير له مهما كانت، وهذه ميزة فضل الله بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم على بقية الأمم، فما مم أحد فرحه وحزنه خير له إلا المؤمن.
إن أنعم الله عليه ورزقه من فضله فرح وشكر الله تعالى وحمده فيكون له به أجر، يقول تعالى: (فاشكروني أشكركم)، (كذلك نجزي من شكر). وإن ابتلاه الله تعالى في بدنه أو ماله أو أهله، رضي بقضاء الله تعالى وصبر فله كذلك أجر الصبر، (إنما يوف الصابرون أجرهم بغير حساب).
فعلى المسلم أن يعي هذه الحقيقة جيدا ويعلم أن النعم إنما وسيلة لشكر الله، وأن الابتلاء طريق لتكفير الذنوب وتطهير القلوب.