معنى انشراح الصدر وأسبابه وكيف للإنسان أن يجعل صدره فسيحا

معنى انشراح الصدر وأسبابه وكيف للإنسان أن يجعل صدره فسيحا

0 المراجعات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبدأ اليوم حديثي معكم عن موضوع قد لا يفعله في زماننا هذا إلا القليل ولا يتحمله إلا الصابرون وهو أمر له أجر عظيم ومنزلة كبيرة.

أحدثكم اليوم إخواني المسلمين عن انشراح الصدر عن كيف تصبر على البلاء والمحن.

أولاً: المقصود بإنشراح الصدر:-

يقصد بإنشراح الصدر أن يشعر العبد بالسكينة والطمأنينة والراحة واللاضا والسعة وعكس ذلك يكون الضيق والقلق والإضطراب وقد قال الله تعالى ممتنًا على رسوله صلى الله عليه وسلم: "ألم نشرح لك صدرك" أي جعل فيه نورًا وجعله فسيحًا رحيبًا واسعًا وقد طلب موسى من ربه تعالى ان يشرح له صدره فقال: "رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري" ومن أعظم نعم الله تعالى على عبده أن يشرح صدره للإسلام والإيمان 

حيث يقول الله تعالى: "فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا حرجًا كأنما يصعد في السماء" ويقول الله تعالى: "أفمن شرح الله صدره للإلاسم فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولآئك في ضلال مبين" فأهل الهدى والإيمان لهم شرحُ الصدر واتساعه وانفساحه وأهل الضلال لهم الضيق والحرج جعلنا الله من أهل الهدى والإيمان وألا يجعلنا من أهل الضلال اللهم آمين يارب العالمين.

ثانيًا: أساب انشراح الصدر:-

وأما أسباب انشراح الصدر فقد ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد فقال :-

  1. التوحيد: فأعظم أسباب شرح الصدر التوحيد وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه والشرك والضلال من أعظم أسباب ضيق الصدر.
  2. العلم: فإنه يشرح الصدر ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا وما فيها فكلما اتسع علم العبد انشرح صدره واتسع وليس هذا لكل علم بل للعلم الموروث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
  3. محبة الله: أي الإنابة إلى الله تعالى ومحبته بكل القلب والإقبال عليه والتعلم بعبادته فلا شيء أشرح لصدر العبد من ذلك وكلما كانت المحبة أقوى وأشد كان الصدر أفسح وأشرح.
  4. ذكر الله تعالى: دوام ذكر الله تعالى على كل حال وفي كل موطن ففلذكر تأثير عجيب في انشراح الصدر ونعيم القلب وللغفلة كذلك تأثير عجيب في ضيقه وحبسه وعذابه.
  5. الإحسان: الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه والنفع بالبدن وأنواع الإحسان فإن الكيرم المحسن أشرح الناس صدرًا وأطيبهم نفسًا وأنعمهم قلبًا.
  6. الشجاعة: فإن الشجاع منشرح الصدر واسع البطان متسع القلب والجبان أضيق الناس صدرًا وأحصرهم قلبًا.
  7. ترك فضول الأشياء: أي ترك فضول النظر والكلام والإستماع والمخالطة والأكل والنوم فإن هذه الفضول تستحيل آلامًا وغمومًا وهمومًا في القلب تحصره وتحبسه وتضيقه ويتعذب بها.
  8. إخراج دغل القلب: فدغل القلب من الصفات المذمومة التي توجب ضيق الصدر وعذابه وتحول بينه وبين حصول البرء فإن الإنسان إذا أتى بالأسباب التي تشرح صدره ولم يخرج الصفات المذمومة من قلبه لم يحظ من انشراح صدره بطائل.
  9. نور الإيمان: النور الذي يقذفه الله تعالى في قلب العبد وهو نور الإيمان فإنه يشرح الصدر ويوسعه ويفرح القلب فإذا فقد هذا النور من قلب العبد ضاق وحرج فصار في أضيق سجن وأصعبه فنصيب العبد من انشراح صدره بحسب نصيبه من هذا النور، قال تعالى: “أومن كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون”.

ثالثًا: لا تجعل صدرك يضيق للبلاء:-

إنَّ من عقيدة المؤمن: الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره وأنَّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وأنَّ كل ما يجري في الكون إنما هو بقضاء وقدر من الله عز وجل والإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان يدل عليه سؤال جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم قال: فأخبرني عن الإيمان: قال: ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره فمن آمن بالقضاء والقدر انشرح صدره وارتاحت نفسه لأنه يعلم أن الله سبحانه وتعالى له الحكمة في كل الأحوال وقدره محكم لا باطل فيه

 فقد قال الله تعالى: "وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلًا" وإن المؤمن الحق عندما يأتيه ما يسره من نعمةٍ ورخاءٍ يشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه ويستعين بها على ما يرضي ربه من صالح الأقوال والأعمال وإن أصابه ضررٌ من مصيبة حلت به أو وباء هاجمه أو مرض أصابه علم أن كل ما يجري هو ابتلاءٌ وامتحان فقد قال الله جل جلاله: " أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنَّا وهم لا يفتنون" والإبتلاء يكون تمحيصًا وحطًا للخطايا 

فقد قال الله تعالى: “وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم" وقد يكون عقوبة على واجب تركه أو أمرٍ خالف فيه شرع الله تعالى فقد قال الله تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" ثم إن أهل الإيمان ليتأملون هذه المحن فيأخذون منها عظة وعبرة وتكون السبب في إيقاظ نفوسهم وتذكيرهم بربهم ليعودوا إليه سبحانه وتعالى وهذا هو شأن المؤمن الصادق الذي يأخذ من كل حدثٍ عبرةً فيزداد إيمانه ويقوى يقينه ويلجأ إلى ربه في تفريج كربته ودفع ضره وزوال همه وغمه الذي أصابه جراء بلاءٍ أو وباءٍ حلَّ به فساءه في نفسه وضاق به صدره فيدفعه لتذكر قول ربه عز وجل: "وإن يمسسك الله بضرٍّ فلا كاشف له إلا هو" فيستيقن أنه المنجي من كل كرب والمغيث لكل ملهوف والكاشف لكل ضر فيتوجه إليه بالدعاء متضرعًا ومخلصًا وخاشعًا ومخبتًا وراجيًا أن يفرج الله كربه ويكشف غمه وهمه وهكذا أهل الإيمان أمام الأحداث والبلايا يكثر التجاؤهم إلى ربهم رب الأرض والسماء قاضي الحاجات ومجيب الدعوات.

وختامًا اصبر أخي المسلم على البلاء وإياك أن تجزع فما الدنيا إلا دار ابتلاء وامتحان واختبار لعباده المؤمنين ولم تكن يومًا دار مقر واستقرار.

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

5

متابعين

34

متابعهم

22

مقالات مشابة