النظام المالي ومفهومه في الإسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله الملك القدوس السلام……الذي أعطى كل شيء خلقه على الكمال وعلى التمام……رفع السماء بلا عمد والأرض وضعها للأنام……فيها جنات معروشات وغير معروشات والنخل ذات الأكمام……وجبال وظلال ولباس وشراب وطعام……وخيل وبغال وحمير وأنعام…….
أبدأ اليوم مقالتي وحديثي معكم بإذن الله تعالى عن موضوع المال ومفهومه في الإسلام.
أولًا: ما هو المال؟:-
1-معنى المال في اللغة: هو كل ما يُملك سواءًا أكان منفعة أم عينًا ويُعدُّ كل ما يستولي عليه الشخص من نبات أو حيوان أو ذهب مالًا ومن الأمور التي لا تعد من المال ولا يحق للإنسان تملكه هو مثل الطير في الهواء والمعدن في الأرض والسمك الموجود في الماء.
2-معنى المال اصطلاحًا: فقد اختلف العلماء في مفهومه على رأيين:-
الرأي الأول: وهو قول الجمهور أنَّ كل شيء له قيمة يُلزم الشخص الذي أتلفه ضمانه ويدخل في هذا التعريف كلٌّ من الحقوق والأموال العينية والمنافع التي يمكن تملُّكها وحيازتها بحيازة أصل هذا الشيء.
الرأي الثاني: هو التعريف الذي ذكره الحنفية بأن المال هو كل شيء يمكن الإنتفاع به وإحرازه وحيازته فكل ما لا يمكن أن ينتفع به الشخص مثل لحم الميتة وما لا يستطيع الإنسان أن يحترزه من المنافع والحقوق مثل العلم فلا يعتبرونه مالًا لأنهم اقتصروا في تعريفهم للمال على الشيء المحسوس كالأشياء المادية.
ثانيًا: أهمية المال في الإسلام:-
يعد المال ركنًا من أركان الدنيا والدين فبالنسبة للدنيا فهو قوام للحياة وأما في الدين فقد يدخل المال في أركان عدة منها الصلاة فهي بحاجة للمال من أجل بناء المساجد وخدمتها وأيضًا الحج فهو يحتاج إلى المال وغيرها من الصدقات وأعمال الخير والتعليم وأنواعٌ من الجهاد قد تحتاج للمال ويكون المال في الدنيا سببًا لعيش صاحبه بعفةٍ وكرامةٍ يُنفق على غيره ولا يطلب من أحد وكذلك يدخل المال في الزكاة التي تعدُّ من أساس النظام المالي في الإسلام ولا تعد الزكاة من الملكية العامة وتكون مسؤولية أشخاص يأخذون المال من الأغنياء لإيصالها لمستحقيها وفق ما حُدِّد من مصارف الزكاة.
ثالثًا: خصائص النظام المالي في الإسلام:-
النظام المالي في الإسلام امتاز بخصائص عدة منها:-
1-تلبية مهمة الإنسان في الإستخلاف في الأرض وفق ما جاء به الشرع.
2-توفير الرزق وتحقيق التعاون والتكافل الإجتماعي بين جميع أفراد الأمة.
3-تحقيق مصالح الجماعة والفرد.
4-الطابع الأخلاقي للنشاط الإقتصادي.
5-النظام المالي ذو طابع تعبدي ويظهر ذلك من خلال الحرص على الكسب الحلال وإنفاقه في وجوه الخير دون أن يكون فيه إسراف أو بخل لأن المسلم يهدف بذلك للثواب والأجر والحسنات من الله تعالى.
رابعًا: المال فتنة واختبار:-
فالمال فتنة وإنفاق المال في وجوهه المشروعة نجاح في الإختبار إذ إن المال المودع لدى المالك فتنة حيث قال الله تعالى:"واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة…." أي اختبار وامتحان من الله تعالى لعباده وسوف يُحاسب الناس عن المال من أين وكيف اكتسبوه؟ وفيم أنفقوه؟ حيث قال الله تعالى: "ثم لتُسألن يومئِذ عن النعيم" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه) <رواه البزار بإسناد صحيح واللفظ له وروى الترمذي قريبًا منه بإسناد حسن صحيح>.
خامسًا: هل للمال أضرار؟:-
وللمال أضرار بالطبع فهو سلاح ذو حدين يمكن أن يسخر للخير والبناء ويمكن أن يكون عكس ذلك تمامًا وكم نرى ونسمع عن هاذين الحدين وما ينتج عنهما من صور على أرض الواقع تعكس إما واقعًا جميلًا أو واقعًا مخيفًا فيه من الأضرار ما يعجز الحال عن وصفه في قصص للحصول على من خلال الحروب والقتال والسطو والإبتزاز والنصب والإحتيال والتزوير وجرائم تعدد أبطالها وتعددت طرقها بشكل مستمر خصوصًا وفي زماننا هذا الذي يعج بالفتن فالمال نعمة قد تتحول إلى نقمة إذا لم يحسن الإنسان التصرف بها فكم من أسرة تفتت بسبب قلة المال وكم من أسرة تفتت بسبب كثرة المال أيضًا وكم من إخوة تفرقوا بسبب المال وكم من أبناء حجروا وهجروا آباءهم بسبب المال وكم من أناس قتلوا بسبب المال وكم أناس شردوا بسبب المال وكم وكم وكله بسبب حطام الدنيا وفتاتها بسبب المال وقد نهى الإسلام عن الإسراف وتبذير المال إلى حد يجعله فقيرًا ويترك ورثته عالةً يتكففون الناس فقد قال الله تعالى: "ولا تبذر تبذيرا * إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورًا".
وختامًا أحسن أخي المسلم استخدام أموالك في وجود الخير والإنفاق في سبيل الله تعالى ولا تستعملها في وجوه الشر جعلني الله وإياكم من المحسنين استعمال أموالهم في وجوه الخير والصلاح.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.