كيف خلق الله الكون من العدم  ج(1)

كيف خلق الله الكون من العدم ج(1)

0 المراجعات

1 - الله خالق كل شئ:

قال الله تعالى في كتابه العزيز : ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) [ الزمر : ٦٢ ] .فكل ما سواه تعالى مخلوق له ، مزبوب مدبر مكون بعد أن لم يكن ، محدث بعد عدمه فالعرش الذي هو سقف المخلوقات إلى ما تحت الثرى ، وما بين ذلك من جماد وناطق الجميع خَلْقَهُ ، وملكه وعبيده ، وتحت قهره وقدرته ، وتحت تصريفه ومشيئته  ( خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) [ الفرقان : ٥٩ ) ، ( يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كنتم ) [ الحديد : ٤ ] .فقد أجمع علماء الإسلام قاطبة ، لا يشك في ذلك مسلم ، أنَّ الله تعالى خَلَقَ السماوات والأرض ، وما بينهما في ستة أيام ، كما دلّ عليه القرآن العظيم  واختلفوا في هذه الأيام : أهي كأيامنا هذه ؟ أو كل يوم كألف سنة مما تعدون  ؟ على قولين ،وسنتعرض لإيراده في موضعه

2 - أول شئ خلقه الله تعالى:

 . واختلفوا : هل كان قبل  السموات والأرض شيء مخلوق قبلهما؟ فذهب طوائف من المتكلمين إلى أنه لم يكن قبلهما شيء وأنهما خلقتا  من العدم المحض وقال آخرون : بل كان قبل السموات والأرض مخلوقات أُخر ، لقوله تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) [ هود : ٧ ] الآية .وفي حديث عمران بن حُصَيْن - كما سيأتي - : ( كان اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ على الماء ، وكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وقال الإمام أحمد : حدثنا بهز ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا يَعْلى بن عَطَاء ، عن وكيع بن حدس ، عن عمه أبي رزين لقيط بن عامر العقيلي ، أنه قال : يا رَسُولَ اللهِ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُق السموات والأرض ؟ قال : ( في عماء ما فوْقَهُ هواء ، ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى المَاءِ ورواه عن يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، ولفظه : ( أيْنَ كَانَ رَبُّنا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ ؟، وباقيه سواء .وأخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع ، وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن الصباح ، ثلاثتهم عن يزيد بن هارون ، وقال الترمذي : حسن واختلف هؤلاء في أيها خُلق أولاً ؟ فقال قائلون : خلق القلم قبل هذه الأشياء كلها ، وهذا هو اختيار ابن جرير ، وابن الجوزي ، وغيرهما . قال ابن جرير : وبعد القلم السحاب الرقيق ، وبعده وبعدها العرش.واحتجوا بالحديث الذي رواه [ الإمام  أحمد ، وأبو داود والترمذي ، عن عبادة بن الصامت ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ﷺ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمُ . ثُمَّ قَالَ لَهُ اكْتُبْ ، فجرى في تلك الساعة بما هو كائنٌ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ » لفظ أحمد .وقال الترمذي : حسن صحيح غريب والذي عليه الجمهور ، فيما نقله الحافظ أبو العلاء الهمذاني وغيره : أنَّ العرش مخلوق قبل ذلك ، وهذا هو الذي رواه ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس ، كما دلّ على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في ( صحيحه ) حيث قال : حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن الشرح ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني أبو هانىء الخولاني ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : ( كَتَبَ اللهُ مَفَادِيْرَ الخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنةٍ ، قَالَ : وعَرْشُهُ على المَاءِ ، قالوا : فهذا التقدير هو كتابته بالقلم المقادير .وقد دل هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش ، فثبت تقدم العرش على القلم الذي كتبت به المقادير كما ذهب إلى ذلك الجماهير . ويُحمل حديث القلم على أنَّه أول المخلوقات من هذا العالم ويؤيد هذا ما رواه البخاري  ، عن عمران بن حصين : قال : قال أهل اليمن الرسول الله ﷺ : جِئْنَاكَ لتَتَفَقَّهُ فِي الدِّينِ وَلَنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ الأمْرِ ، فَقَالَ : ( كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ - وفي رواية : معه ، وفي رواية : غيره - وكان عَرْشُهُ عَلَى الماء ، وكَتَبَ في الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ، وخَلَقَ السَّمواتِ والأرْضَ ) ، وفي لفظ : ( ثُمَّ خَلَقَ السَّموات والأرض . فسألوه عن ابتداء خلق السموات والأرض ، ولهذا قالوا : جئناك نسألك عن أول هذا الأمر ، فأجابهم عما سألوا فقط . ولهذا لم يخبرهم بخلق العرش كما أخبر به في حديث أبي رزين المتقدم  .قال ابن جرير: وقال آخرون : بل خلق اللهُ - عَزَّ وجلَّ - الماءَ قَبْلَ العَرْشِ . رواه السدي عن أبي مالك ، وعن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ قالوا: إن الله كان عرشه على الماء ، و لم يخلق شيئاً غير ما خلق قبل الماء جريرعن محمد بن إسحاق أنه قال : ( أول ما خلق الله - عز وجل - النور والظلمة ، ثم وحكى ابن جرير ميز بينهما ، فجعل الظلمة ليلاً أسود مظلماً ، وجعل النور نهاراً مضيئاً مبصراً . قال ابن جرير : وقد قيل : ( إنَّ الذي خلق ربنا بعد القلم الكرسي ، ثم خلق بعد الكرسي العرش ثم بعد ذلك خلق الهواء والظلمة . ثم خلق الماء [ فوضع عرشه على الماء ]. وروى الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ترجمة علي بن الحسن  بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني الصيداوي  ، من طريق الحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي، عن أبيه ، عن جده أحمد بن جميع؛ حدثنا محمد بن المعافى الصدوق، حدثنا محمد بن خلف ، حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي أراكة قال : سأل رجل عبد الله بن عمرو : ممَّ خُلق الخلق ؟ قال : من النور والظلمة والماء والثرى ، وقال : إيت ابن عباس واسأله ؛ فأتاه وسأله ، فقال له مثل ذلك . فقال ارجع إليه فسله مم مم . خلق ذلك كله ؟ فرجع إليه ، فسأله ، فتلا قوله تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ﴾ [الجاثية : ١٣ ] . قال : قال ابن معين : لم يرو الفريابي حديثا أغرب من هذا قلت : غالب هذه المذكورات من الإسرائيليات الذي لا يصدق ولا يكذب ، إلا ما قام دليل على صدق بعضها أو كذبه . والله أعلم ]

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة