الإيمان بين الزيادة و النُقصان
•°الإيمان بينَ الزِيادة و النُقصان°•
الإيمان قوة ساحرة إذا تمكنت من شِعاب القلب، وتغلغلت في أعماقه تكاد تجعل المستحيل ممكنا ، لذا سنتحدث فيما هو آت عن الإيمان وقيمته لنعرف عنه أكثر .
•مفهوم الإيمان
معنى الإيمان في الشرع : هو قول باللسان ، واعتقاد بالقلب ، وعمل بالجوارح والأركان ، يزيد بطاعة الرحمن ، وينقص بطاعة الشيطان ، قال تعالى : { وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ } سورة المُدثر مُقتطع من الآية [٣١] ،.. قال الإمام الحسن البصري : "ليس الإيمان بالتمنِّي ولا بالتحلي، ولكنه ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال.
•هل الإيمان اعتقاد قلبي ام عمل و عبادة
اجتمع علماء الأمة على ان الإيمان يتمحور في :
{ اعتقاد و عمل و عبادة } العمل الصالح ياتي بعد تحقيق درجة الإيمان يقول الله تعالى في أكثر من آية : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } اذا فا العمل الصالح ياتي بعد الإيمان و اذا نقص العمل الصالح أو زاد العمل الطالح فا اعلم جيدا انه اختل و ضعف ايمانك المُطلق ، يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، إذا عملت الخير زاد، وإذا ضيعت نقص.
•الفرق بين الإسلام و الإيمان و الإحسان
عن عمر بن الخطاب رضي الله قال أتى جبريل إلى النبي ﷺ في يوم من الأيام وهو جالس بين أصحابه في صورة إنسان غير معروف، وسأله عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، فقال له النبي ﷺ: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، قال: أخبرني عن الإيمان، قال: الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسوله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، قال: أخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ». [ مُقتطع من الحديث " رواه مُسلم ]
، فالمقصود أنه أخبره عن الإسلام بالأعمال الظاهرة، وعن الإيمان بالأعمال القلبية، وعن الإحسان بشيء خاص من أعمال القلب وهو أن تعبد الله كأنك تراه و هذه أعلى المراتب في الإسلام ، و اوضح الله تعالى الفرق بين الإسلام و الإيمان قال -تعالى-: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُم} سورة الحجرات مُقتطع من الآية [١٤] تبيّن الآية أن الأعراب ادَّعوا الإيمان، فوضحت أنهم دخلوا في دائرة الإسلام بفعل الأعمال الظاهرة، ولكنهم لم يصلوا إلى مرتبة الإيمان ، فا الإيمان ليس سهل الوصول إلية ، يقول المُفكر سيد قطب : إن الإيمان ليس كلمة تقال إنما هو حقيقة ذات تكاليف ؛ وأمانة ذات أعباء ؛ وجهاد يحتاج إلى صبر ، وجهد يحتاج إلى احتمال . فليس كل من نطق الشهادة يُقال عليه مؤمن و إنما الإيمان طاعة و مجاهدة و اجتهادُ دائم
•ضعف الإيمان مرض خطير فكيف نتخلص منه ؟
فضعف الإيمان مرض يعتري القلوب المؤمنة ، وهو من أخطر أمراضها ، لما ينشأ عنه من الوقوع في المعاصي ، والتهاون في الواجبات ، وقسوة القلب ، وضيق الصدر ، وتغير المزاج ، وعدم التأثر بقراءة القرآن ، والغفلة عن ذكر الله عز وجل .. إلى غير ذلك. ولا طريق للتخلص من هذا المرض إلا بالسعي في ما يقوي الإيمان بطاعه الله عز وجل و الإخلاص في عبادته والدعاء بأن يجدد الله إيمانك ، فقد روى الحاكم في مستدركه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الإيمان يخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم".....وعلى الجانب الآخر كلما ضعف الإيمان في القلب أثمر ذلك انحرافا في السلوك والخلق، ويكفي للدلالة على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشرَ من آمن بلسانِه ولم يؤمِنْ بقلبِه لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتَّبعوا عوراتِهم ،
فتربية الإيمان في القلوب تمثل دافعا قويا لفعل وممارسة أخلاق الإسلام بمحبة وتلذذ .
•تأملات قرآنية عن الإيمان
{ يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ } سورة مريم [١٢]
ليس قوة يد و بدن، و إنما قوة إيمان و عقيدة، و أنت أيضا خُذ الكتاب بقوة! كُن راسخاً في إيمانك ثابتاً في عقيدتك. لو مالَ الناس كلهم، فاثبُت! و لو انتكس الناس كلهم، فلا تترك صلاحك! وحدك الذي ستخسر إن مضتْ القافلة و لم تكن فيها!
يا الله: أنا إيماني لا يساوي شِبراً امام إيمان الأنبياء، فانا لا آخذ ديني بقوة كيحيى ولا أصوم كما كان يفعلُ داود، ولا أصبر إذا مرضتُ كما صبر أيوب، ولا أسبّح بحمدك تسبيح يونس في بطن الحوت، ولا أغضٌ بصري كما غضَّ يوسف كل جوارحه، و لستُ متسامحاً لحد القول: اذهبوا فأنتم الطلقاء، ولكني مثلهم يا الله أحبك! وسأظل اقتدي بهم في إيمانهم و ثباتهم
{ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } سورة الأنعام [٩٠]