الصلاة عماد الدين

الصلاة عماد الدين

تقييم 5 من 5.
4 المراجعات

الصَّلاةُ: مِعْرَاجُ الأَرْوَاحِ وَنَبْضُ الْقُلُوبِ

​الصَّلاةُ.. ما هيَ إلا نِدَاءٌ مِنْ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُنَادِي بِهِ الْعَبِيدَ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، لِيَتَطَهَّرُوا مِنْ دَنَسِ الدُّنْيَا وَشَوَّاشِهَا. هِيَ الْحَبْلُ الْمَمْدُودُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، وَالْبَابُ الْمَفْتُوحُ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَلْتَجِئَ إِلَى حِمَاهُ وَيَسْتَعِينَ بِهِ فِي شُؤُونِهِ. كَيْفَ لَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة: 45]. فَالصَّلَاةُ لَيْسَتْ حَرَكَاتٍ جَسَدِيَّةً صَامِتَةً، بَلْ هِيَ رِحْلَةٌ لِلرُّوحِ، تُحَلِّقُ بِهَا فِي عَالَمٍ آخَرَ، عَالَمٍ مِنْ السَّكِينَةِ وَالْأُنْسِ وَالْخُشُوعِ.

خُشُوعُ الْقَلْبِ وَنُورُ الْبَصِيرَةِ

​إِنَّ الْخُشُوعَ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ أَمْرًا يَسِيرًا، بَلْ هُوَ ثَمَرَةٌ لِإِدْرَاكِ عَظَمَةِ الْمَوْقِفِ وَهَيْبَةِ الْمُتَوَجَّهِ إِلَيْهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ" (رواه مسلم). فِي السُّجُودِ، يَتَجَرَّدُ الْعَبْدُ مِنْ كُلِّ كِبْرٍ وَعُجْبٍ، وَيُعَانِقُ التَّوَاضُعَ بِوَضْعِ أَشْرَفِ أَعْضَائِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَنْفَتِحُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَتَتَنَزَّلُ الْبَرَكَاتُ. فَالصَّلَاةُ حِينَئِذٍ تَغْدُو دِرْعًا وَاقِيًا مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَسِتْرًا حَاجِزًا بَيْنَ الْعَبْدِ وَمَا يُؤْذِيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت: 45].

الصَّلَاةُ: سَبِيلُ النَّجَاةِ وَعِمَادُ الدِّينِ

​لَيْسَتْ الصَّلَاةُ مُجَرَّدَ فَرِيضَةٍ تُؤَدَّى، بَلْ هِيَ جَذْرٌ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ، فَهِيَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ صَلَحَتْ صَلَحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ" (رواه الطبراني). فَهَذَا الْعَمَلُ الْعَظِيمُ لَهُ مِنْ الْأَثَرِ فِي الْحَيَاةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ، فَهُوَ يُنَظِّمُ حَيَاةَ الْمُسْلِمِ، وَيُجْعَلُهَا مُرْتَبِطَةً بِأَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ، فَتُزْرَعُ فِي قَلْبِهِ الضَّبْطُ وَالِالْتِزَامُ. وَكَمَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: "الصَّلَاةُ تَسْتَجْلِبُ الرِّزْقَ، وَتَدْفَعُ الْمَحْذُورَ، وَتُعْجِبُ الْأَعْدَاءَ، وَتُسْتَدَرُّ الْبَرَكَاتُ".

الصَّلَاةُ: جِسْرُ الْمَحَبَّةِ وَدَرْبُ الْقُرْبِ

​تَخَيَّلْ أَنَّكَ تَقِفُ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ الْمُلُوكِ، تُنَاجِيهِ بِلِسَانِ الْحَالِ وَالْمَقَالِ، تُطْلِقُ أَسْرَارَكَ وَهُمُومَكَ، وَتَبْثُّ إِلَيْهِ مَا يُثْقِلُ صَدْرَكَ. هَذِهِ هِيَ الصَّلَاةُ، حَدِيثٌ خَاصٌّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ. وَقَدْ وَصَفَ النَّبِيُّ ﷺ رَاحَتَهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ" (رواه النسائي). فَهِيَ لَيْسَتْ عِبْئًا، بَلْ هِيَ رَاحَةٌ، وَهِيَ لَيْسَتْ فَرِيضَةً تُثْقِلُ الْأَكْتَافَ، بَلْ هِيَ هَدِيَّةٌ إِلَهِيَّةٌ لِتُطَهِّرَ الْقُلُوبَ وَتُشْرِقَ الْوُجُوهَ. لِذَلِكَ، فَلْنَحْرِصْ عَلَيْهَا، وَلْنَجْعَلْهَا أَوَّلَ مَا يُشْغَلُ بَالَنَا وَآخِرَ مَا يَنْسَاهُ فِكْرُنَا، لِنَحْظَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
نور محمد تقييم 5 من 5.
المقالات

3

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.