
قصة توبة الفضيل بن عياض
قصة توبة الفضيل بن عياض
كان الفضيل بن عياض في شبابه شابًا قوي البنية، مهيب الهيئة، لكنه سلك طريقًا مظلمًا، فقد كان من قُطّاع الطرق، يقطع على الناس أسفارهم ويسلب أموالهم، واشتهر بذلك في نواحي خراسان ومكة. ولم يكن يخشى الله ولا يستحي من الناس وكان يعيش حياة اللهو والظلم دون رادع من ضمير
وذات يوم، كان الفضيل يتسلّق جدارًا ليصل إلى بيت امرأة عشقها، وفي تلك اللحظة، سمع صوتًا يقرأ من القرآن
“ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق” [الحديد: 16].
توقف الفضيل فجأة، وتجمّد في مكانه، كأن الآية نزلت عليه مباشرة، فشعر برهبة لم يعهدها من قبل، وتردد الصوت في قلبه: ألم يأن؟… ألم يأن
قال في نفسه:بلى يا رب، قد آن… قد آن!
ترك المكان، وذهب إلى خرابة في طريقه، فإذا فيها جماعة من الناس يتحدثون، فقال أحدهم: “نواصل سفرنا غدًا، فإن الطريق فيه الفضيل بن عياض، وهو يقطع على الناس.
شعر الفضيل بالعار، وأدرك أنه صار مضرب مثل في الإثم، وقال في نفسه: “يا فضيل! يسهر الناس خوفًا منك، وأنت تعصي الله؟
فبكى وخرّ ساجدًا لله، وعزم على التوبة
ومنذ ذلك اليوم تغيّرت حياة الفضيل. أصبح زاهدًا عابدًا، واشتهر بعلمه وورعه، حتى صار من كبار الصالحين في عصره. كان الناس يأتون إليه من كل مكان لطلب العلم وسماع الموعظة. وما من أحد جلس بين يديه إلا وخرج وقلبه مليء بخشية الله
ومن كلماته الخالدة:
“من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد.”
وكان يقول: “إنما خوفك من الله دليل على حبك له، فكلما زاد خوفك زاد قربك
ومات الفضيل بن عياض وهو ساجد في محرابه، بعد أن صار منارات التائبين، ودليلًا على أن الله يهدي من يشاء، مهما بلغت ذنوبه، إذا صدق في توبته ورجع بقلب خاشع
جعل الفضيل توبته مجاورة للبيت الحرام، وأصبح من كبار الزهاد والعلماء، وعُرف بـ "عابد الحرمين.
مولد الفضيل بن عياض ونشأته
الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر، أبو علي التميمي الطالقاني الفُنْدِيْني، الزاهد المشهور
وُلِدَ في سمرقند (في أوزبكستان) سنة (107هـ)،وقدم إلى الكوفة وهو كبير، وارتحل في طلب العلم، ثم انقطع مجاورًا للحرمين المكي والمدني
اخلاق الفضيل بن عياض
- قال عنه الخليفة “هارون الرشيد”: (ما رأيت في العلماء أهيب من (مالك) ولا أورع من “الفضيل”
- وللعلم فإن مجلس الخليفة “هارون الرشيد” كان مجلس علماء وفقهاء، وليس كما يصوّر لنا اليوم، أنه مجلس خمور ومُجون وغناء
- يقول “أبو بكر المقارضي”: سمعت “بشر بن الحارث”(( يقول الإمام (احمد بن حنبل) عن بشر: من بيته خرج الورع)) يقول
(عشرة لا يدخلون بطونهم إلا حلالاً، ولو استَفُّواالتراب والرماد، وعدّد منهم: “سفيان”، “وإبراهيم بن أدهم” و”الفضيل بن عياض”، و”ابن الفضيل بن عياض” و.. وذكر بقية العشرة)، لم يكتف الفضيل بالورع وإنما ورّث ابنه هذه الخصلة الحميدة.