
فن الإصلاح بين الناس🤝عبادة منسية
فن الإصلاح بين الناس:
عبادة منسية
مقدمة
في زمن كثرت فيه الخلافات وتفرّقت فيه القلوب، أصبح الساعي في الإصلاح بين الناس كالغريب وسط عالم يعج بالخصومات. مع أن الإسلام جعل الإصلاح عبادة عظيمة، بل قدّمها أحيانًا على بعض النوافل، لما فيها من نشر للمحبة وبثّ للسلام.
2. معنى الإصلاح في الإسلام
الإصلاح بين الناس هو بذل الجهد لردّ القلوب المتنافرة إلى المودة، وإزالة أسباب الخصومة. وقد قال الله تعالى:
"لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ" [النساء: 114]
3. مكانة الإصلاح في القرآن والسنة
الإصلاح ليس مجرّد خلق جميل، بل هو أمر ربّاني. قال تعالى:
"وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ" [الأنفال: 1]
وفي الحديث الشريف: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟" قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "إصلاح ذات البين" [رواه أبو داود].
4. أثر الإصلاح في المجتمع
عندما ينتشر الإصلاح، تختفي العداوات ويحلّ محلها التسامح، فيصبح المجتمع أكثر تماسكًا. فالمصلح ليس فقط من يطفئ نار الشجار، بل من يزرع في النفوس بذور المحبة التي تمنع عودة الخلاف.
5. شروط المصلح الناجح
✓ الإخلاص لله في العمل
✓ الحياد وعدم الانحياز لطرف
✓ اختيار الكلمات اللينة
✓ الصبر على النتائج
✓ الحفاظ على أسرار الأطراف المتخاصمة
6. الإصلاح عبادة مستمرة
قد يظن البعض أن الإصلاح أمر موسمي أو وقتي، لكنه في الإسلام عبادة يمكن أن تمارسها في كل وقت. فقد تُصلح بين إخوة، أو أصدقاء، أو حتى بين زملاء عمل. والأجر ثابت ما دام النية خالصة لله.
7. الصعوبات التي قد تواجه المصلح
المصلح قد يقابل بالرفض أو سوء الفهم، وقد يجد نفسه طرفًا في النزاع رغم حياده. لكن أجره عند الله أعظم، والصبر مفتاح نجاحه.
8. أمثلة مضيئة من السلف
كان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على الإصلاح بين الناس، حتى إنهم كانوا يتركون بعض حقوقهم الخاصة من أجل بقاء الألفة. فقد روى أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما تنازل عن أرض له لأخيه في الله، بعدما كاد النزاع يفسد المودة بينهما، فصار ذلك سببًا في دوام المحبة.
خاتمة
إن الإصلاح بين الناس فنّ وعبادة، يحتاج إلى قلب نقي ولسان صادق، وصبر لا يعرف اليأس. في زمن يزداد فيه التباعد، كن أنت ذلك الجسر الذي يعيد القلوب إلى برّ الأمان. لعلّ كلمة منك تُصلح ما أفسدته سنوات من الجفاء.