الغش: جريمة خفية تفسد القلوب و المجتمعات

الغش:

 جريمة خفية تفسد القلوب والمجتمعات

 مقدمة

الغش آفة خطيرة تنخر جسد المجتمع، وهو ليس مجرد خطأ أخلاقي، بل كبيرة من الكبائر التي حذّر منها الإسلام. فهو يمحو الثقة بين الناس، ويزرع الكراهية، ويهدم أساس المعاملات.

1. تعريف الغش

الغش هو إظهار الشيء على غير حقيقته بقصد خداع الآخرين، سواء كان ذلك في البيع أو الشراء، أو في العمل، أو في الشهادة، أو في أي مجال من مجالات الحياة.

2. تحريم الغش في القرآن

قال الله تعالى في ذمّ المطففين:

"وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ" [المطففين: 1-3]

فهذه الآيات توعدت الغشاشين بالويل، وهو وعيد شديد يدل على خطورة هذا الفعل.

3. تحريم الغش في السنة

قال النبي ﷺ:

"من غش فليس منا" [رواه مسلم].

هذه الكلمات الموجزة تحمل تحذيرًا بالغًا، إذ جعل الغش منافيًا لخلق المسلم الصادق الأمين.

4. صور الغش في حياتنا

الغش في البيع والشراء بزيادة الثمن أو إخفاء العيوب.

الغش في الامتحانات بنقل الإجابات.

الغش في العمل بعدم إتمام المهام بإتقان.

الغش في النصح بإعطاء معلومات مضللة.

5. آثار الغش على الفرد والمجتمع

الغش يحرم البركة من الرزق، ويجعل صاحبه مذمومًا بين الناس، ويؤدي إلى فقدان الثقة، مما يضر بالاقتصاد والعلاقات الإنسانية.

6. كيف نحارب الغش؟

تربية النفس على مراقبة الله في السر والعلن.

غرس القيم الصادقة في الأطفال.

تطبيق القوانين الرادعة في المعاملات.

نشر الوعي بأضرار الغش في المجتمع.

7. الغش في المعاملات الحديثة

مع تطور التكنولوجيا، ظهرت أشكال جديدة من الغش، مثل التلاعب بالمواصفات في التجارة الإلكترونية، أو نشر الإعلانات المضللة، أو استخدام المعلومات الزائفة لخداع الناس. وهذه الصور الحديثة لا تختلف في الحكم عن الغش التقليدي، فهي محرمة لما فيها من خداع وإضرار بالآخرين.

8. الغش في الدين

الغش لا يقتصر على الأمور المادية فقط، بل قد يكون في الدين، مثل تحريف النصوص، أو تزييف الحقائق الشرعية لخدمة مصالح شخصية. وهذا النوع أشد خطرًا، لأنه يضلل الناس في عقيدتهم وعبادتهم.

خاتمة

الغش طريق قصير للمكسب لكنه طويل في الحساب والعقاب. فلنتذكر دائمًا أن القليل الحلال خير من الكثير الحرام، وأن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه. ولنرفع شعارنا قول النبي ﷺ: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك".