نزول الوحي على سيد الخلق

نزول الوحي على سيد الخلق

0 المراجعات

كيف كان العالم قبل بعثة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم:

كان العالم قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعيش في ظلامٍ دامس؛ الجهل منتشر، والظلم يسود، والعقائد مشوشة بين عبادة أصنامٍ لا تضر ولا تنفع. وفي هذا الجو المظلم، كان قلب النبي محمد ﷺ يتوق إلى النور والحق، فكان يعتزل الناس في غار حراء بمكة، يتأمل في خلق الله، ويبتعد عن ضجيج الباطل وصخب الحياة.
نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم:

وفي إحدى الليالي المباركة، وبينما كان النبي ﷺ يتعبد في الغار، جاءه جبريل عليه السلام فجأةً، فضمَّه ضمًّا شديدًا وقال: "اقرأ". فارتبك النبي الكريم وأجاب: "ما أنا بقارئ". فتكرر الأمر ثلاث مرات، حتى قال له جبريل: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم". كانت هذه الآيات الخمس أول ما نزل من القرآن الكريم، إيذانًا ببداية عهدٍ جديد في تاريخ البشرية.

ارتجف قلب النبي ﷺ من عظمة الموقف، وعاد مسرعًا إلى بيته، حيث قال لزوجته خديجة رضي الله عنها: "زملوني، زملوني"، وهو يرتجف من رهبة اللقاء. فطمأنته خديجة، وأخذته إلى ورقة بن نوفل، وكان عالماً بالكتب السابقة، فأكد له أن الذي جاءه هو الوحي، كما جاء من قبل إلى موسى وعيسى عليهم السلام.

منذ تلك اللحظة، بدأت رحلة الوحي التي استمرت ثلاثة وعشرين عامًا، نزل فيها القرآن الكريم مفرّقًا حسب الأحداث والمواقف، هدايةً للناس، وتشريعًا ينظم حياتهم، ونورًا يبدد ظلمات الجهل.

نزول الوحي لم يكن مجرد حدث عابر، بل هو أعظم نقطة تحول في التاريخ الإنساني. فقد نقل البشرية من عبادة المخلوقات إلى عبادة الخالق الواحد، ومن فوضى القوانين الجائرة إلى عدل الشريعة الربانية. كما أن أسلوب نزوله المتدرج علَّم الصحابة الكرام، وربّى الأمة على الصبر والحكمة، حتى أصبحت الأمة الإسلامية قادرة على حمل رسالة السماء.

إن لحظة نزول الوحي في غار حراء لم تكن فقط بداية رسالة محمد ﷺ، بل كانت بداية عهد جديد للإنسانية كلها، عهدٍ يقوم على الرحمة، والعدل، والعلم، والهداية. ولذلك، يبقى مشهد الغار لحظةً خالدة، تستحق أن نتوقف عندها ونتأملها، لنستشعر عظمة الرسالة التي أخرجت الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم، وسارت بالعالم إلى فجرٍ جديد من الإيمان والإنسانية.
نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرد بداية لسيرة رجل عظيم، بل كان بداية لنهضة إنسانية غيرت مجرى التاريخ. فمن غار صغير في مكة، انطلقت أعظم رسالة عرفتها البشرية، رسالة تحمل النور لكل قلب يبحث عن الهداية. لقد شكّل الوحي صلة مباشرة بين السماء والأرض، وأثبت أن الله لم يترك عباده في ظلمات الجهل والتيه، بل بعث لهم خاتم الأنبياء ليكون رحمة للعالمين.

إن التأمل في هذه اللحظة العظيمة يجعلنا ندرك قيمة القرآن الذي بين أيدينا اليوم، فهو ليس كتابًا عاديًا، بل هو كلام الله الذي نزل أول ما نزل في ليلة مباركة على قلب النبي الأمين. لذلك، من واجبنا أن نحفظ هذه القصة في قلوبنا، ونستحضرها كلما قرأنا آيات القرآن، لنعرف أن كل كلمة فيه هي وحي من السماء، حمله إلينا رسول صادق أمين.

وهكذا، تبقى لحظة نزول الوحي حدثًا خالدًا، يذكرنا دائمًا بأن الحق يسطع مهما طال ليل الباطل، وأن النور يبدأ أحيانًا من غار صغير ليضيء العالم بأسره.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة