
بين العبادة و التوكل: معنى قوله تعالى ( إياك نعبد و إياك نستعين ) .
و إياك نستعين .

سورة الفاتحة هى أعظم سورة فى القرآن لذلك سُميت بأم القرآن ، و كما قال الله تعالى : ﴿ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ﴾[الحجر:87].
قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5]، آية عظيمة جمعت خلاصة الدين كله، فهي إعلان للعبودية الخالصة لله تعالى، واعتراف بأن الاستعانة والقوة والمدد لا يكون إلا منه سبحانه. ففيها يتوجه القلب إلى الله وحده بالعبادة دون شريك، ويطلب منه العون في كل أمر من أمور الدنيا والآخرة. وهذه الآية تربي المسلم على التوازن بين العبادة والعمل، وبين الطاعة والسعي، مع اليقين أن التوفيق والنجاح بيد الله وحده.
عناصر المقال .
1. المقدمة .
2. المعنى اللغوي والشرعي لعبارة "إياك نستعين".
3. علاقة "إياك نستعين" بالتوحيد.
4. الاستعانة بالله في القرآن والسنة.
5. تفسير العلماء (ابن باز نموذجاً).
6. حكم الاستعانة بالمخلوق.
7. آيات قرآنية عن الاستعانة بالله.
8. الخاتمة .
المقدمة.
"إياك نستعين" عبارة قصيرة وردت في سورة الفاتحة، لكنها تحمل معاني عظيمة تختصر العقيدة كلها في كلمات محدودة. فالإنسان ضعيف بطبعه، محاط بالمصاعب والتحديات، ولا يجد عوناً حقيقياً إلا بالله عز وجل. ولهذا جاءت هذه الآية لتُعلّم المسلم أن يوجّه اعتماده وتوكله على الله وحده، لا على قوة ولا مال ولا بشر. إنها مفتاح الطمأنينة في القلوب، وباب الفلاح في الدنيا والآخرة، ودليل واضح أن النجاح والرزق والنصر كله بيد الله.
المعنى اللغوي والشرعي
كلمة "إياك" تفيد الاختصاص والحصر، أي لا نستعين إلا بك يا الله، أما "نستعين" فهي طلب المساعدة والتأييد. والعبارة بمجملها تؤكد أن العبد لا يعتمد إلا على خالقه، حتى وإن أخذ بالأسباب المادية، فإنه يوقن أن التوفيق بيد الله وحده.
علاقة "إياك نستعين" بالتوحيد
هذه العبارة تمثل قمة توحيد الألوهية، فهي إعلان عملي أن الاستعانة لا تكون إلا بالله، وأنه سبحانه وحده المالك للقدرة والقوة. فكما أن العبادة حق لله وحده، فإن طلب العون والاعتماد لا يصح إلا عليه.
الاستعانة بالله في القرآن والسنة
وردت آيات كثيرة تؤكد هذا المعنى، مثل قوله تعالى: "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ" [البقرة: 45]. وفي السنة قال النبي ﷺ لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" (رواه الترمذي).
تفسير (ابن الباز) فى كتاب[ مرجع التفسير ]
حيث يجمع الله تعالى بين العبادة و الإستعانة أو التوكل ،لأنه لا قيام بالعبادة على أكمل وجه إلا بمعونة الله عز و جل .
و قد سأل البعض عن كيف يقال إخلاص الإستعانة لله و قد جاء فى قوله “ وَ تعاونوا على البر و التقوى ”، و جاء فى قول النبى ﷺ:تُعين الرجل فى دابته ، فتحمله عليها ، أو ترفع له عليها متاعه صدقه .
و خلاصة القول هنا أن لإستعانة هنا نوعان :
إستعانة التفويض ، و هى أن تفوض أمرك كله لله و هذا يكون فى العبادة أو فى الحياة عامةً ، و النوع الآخر هو إستعانة المشاركة و هو أن تُعين أو تطلب العون عند المقدرة على ذلك من الطرفين ( الشخص المُعين أو المطلوب منه العون ).
فإن قال قائل : هل يجوز أن يستعين المخلوق فيما يجوز إستعانته به ؟
فالجواب: الاولى ألا يستعين بأحد إلا عند الحاجة ن أو إذا علم أن صاحبه يُسر بذلك ، فيستعين به من أجل إدخال السرور عليه ، و ينبغى لمن طلب منه الإعانة على غير الإثم و العدوان أن يستجيب لذلك .
آيات عن الاستعانة بالله.
قال تعالى:
﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة: 45].
قال تعالى:
﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 153].
قال تعالى:
﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: 128].
الخاتمة.
و فى الختام يجب علينا و على كلى مسلمٍ و مؤمنٍ باله عز و جل أن يُخلص الإستعانة بالله عز و جل و علينا أن نعلم بأن الله يعلم ما نُسر و ما نُعلن و الله يعلم ما فى أنفسكم ، فيجب علينا ألا نستسلم للإبتلاءات و صعاب و فتن هذه الدنيا الفانية لأنا نعلم و نؤمن بأن لهذا الكون ملكٌ إذا أراد شيئاً قال له كُن فيكون ، و أسأل الله تعالى أن يهديني و إياك الصراط المستقيم و أن يجعلنا من الذين أنعم اله عليهم كما قال تعالى : (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) .
و أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة مع النبين و الصديقين و الشهداء ، و أدعو الله عز و جل أن يقربنا إليه من عملٍ أو من قول ، و أن يرزقنى و إياكم حسن الخاتمة،و أسأل الله تعالى أن يجعل آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .