قصة حكيم دوس وسفير النور إلى قومه
يُعَدّ الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه من الصحابة الكرام الذين كان لهم أثر بارز في نشر الإسلام في الجزيرة العربية كان رجلًا حكيمًا شاعرًا فصيحًا وسيدًا في قومه قبل الإسلام ثم أصبح من كبار الدعاة بعد إسلامه تُخلّد سيرته في صفحات التاريخ كنموذجٍ في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
نسبه ونشأته:
هو الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس من قبيلة دوس اليمنية المشهورة، وهي من بطون الأزد نشأ الطفيل في الجاهلية في بيئةٍ يسودها الشعر والفصاحة وكان من شعراء العرب وخطباءهم البارزين.
كان سيدًا في قومه مطاع الكلمة مهاب الجانب حتى أن قريشًا كانت تحترمه وتهابه عندما يزور مكة.
إسلام الطفيل بن عمرو:
جاءت قصة إسلامه علامةً فارقة في سيرته فعندما قدم إلى مكة حذّره كفار قريش من الاستماع إلى النبي محمد ﷺ وقالوا له:

"إنه رجل ساحر يفرق بين المرء وأهله فلا تسمع له ولا تكلمه."
لكن الله تعالى قدّر له الهداية يقول الطفيل رضي الله عنه في روايته المشهورة:
ما زالوا بي حتى وضعت القطن في أذنيّ لئلا أسمع كلامه ثم قلت في نفسي أنا رجل عاقل شاعر لا يخفى عليّ الحسن من القبيح فلماذا لا أسمع منه فما إن سمع آيات من القرآن حتى خشع قلبه وأسلم لله تعالى وبايع النبي ﷺ على الإسلام وقال له النبي:"ارجع إلى قومك وادعهم إلى الله وكن فيهم داعية الخير."
دعوته في قومه:
عاد الطفيل بن عمرو إلى قومه دوس داعيًا إلى الإسلام فبدأ بأهل بيته فأسلمت زوجته وأبوه لكنه واجه صعوبة مع قومه الذين تمسكوا بعبادات الجاهلية فعاد إلى النبي ﷺ في مكة وقال:
“يا رسول الله إن دوسًا قد غلب عليهم الشرك والعصيان فادعُ الله عليهم.”لكن النبي ﷺ رفع يديه وقال:"اللهم اهد دوسًا وأتِ بهم."
تأثر الطفيل بهذا الموقف الرحيم فعاد مرةً أخرى إلى قومه يدعوهم بالحكمة والصبر حتى أسلموا جميعًا ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه الذي أصبح من أكثر الصحابة روايةً للحديث.
مشاركته في الجهاد:
بعد هجرة النبي ﷺ إلى المدينة لحق الطفيل به ومعه عدد من المسلمين من قومه شارك في غزوات النبي ﷺ وكان من المجاهدين الصادقين وبعد وفاة الرسول واصل جهاده في سبيل الله فشارك في حروب الردة تحت راية خالد بن الوليد واستشهد في معركة اليمامة سنة 11 هـ، بعد أن قاتل قتال الأبطال.
صفاته وأثره في الإسلام:
تميّز الطفيل رضي الله عنه بعدة صفات جعلته من أعمدة الدعوة الإسلامية في الجنوب العربي:
- الحكمة والفصاحة في الدعوة إلى الله.
- الصبر والثبات في وجه المعارضة والفتنة.
- الصدق والإخلاص في نصرة الإسلام.
- الشجاعة في الجهاد حتى نال الشهادة.
كان مثالًا للمسلم الداعية الذي لا ييأس من هداية الناس مهما واجه من صعوبات وظل اسمه خالدًا في التاريخ كـ أول من أسلم من قبيلة دوس.
الخاتمة:
لقد كان الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه داعيةًمجاهدًا وصاحب مبدأ جمع بين البلاغة والشجاعة والإيمان العميق فاستحق أن يكون من السابقين إلى الإسلام ومن الذين حملوا راية الدعوة بإخلاص.
وسيرته اليوم تُلهِم كل داعية إلى الله أن يكون صبورًاحكيمًا رفيقًا في دعوته كما كان الطفيل بن عمرو قدوةً في حياته وبعد مماته.