القرب من الله ليس حاجزاً بين الشاب طموحاته
طريق النور
طريقُ النُّور… كيف يقتربُ الشابُّ من الله ويصنع مستقبله ؟
١- مقدّمة تمهيدية
يمرّ الشباب في هذه المرحلة الحسّاسة من العمر بالكثير من التحوّلات الفكرية والنفسية؛ فهم يبحثون عن الذات، ويُحدِّدون مسارهم، ويُحاولون فهم الحياة من حولهم. وفي خضمّ هذا الزحام، يبقى القرب من الله هو البوصلة التي تحفظ القلب من التشتّت، وتمنح الروح طمأنينة، والعقل اتزانًا، والطريق وضوحًا لا يتبدّل. فالشابُّ الذي يجعل علاقته بربّه في مقدمة أولوياته، يكون أقدر على مواجهة التحديات، وأقوى في اتخاذ قراراته، وأكثر وعيًا بمعنى وجوده ودوره في الحياة.
والقرب من الله ليس فكرة نظرية أو مجرد التزام شكلي، بل هو تجربة روحية تُغيّر حياة الإنسان من جذورها؛ تُبعد عنه الضياع، وتكشف له جمال الطاعة، وتفتح أمامه أبوابًا من الخير لم يكن يتوقعها. لذلك، فإنّ بناء علاقة ثابتة مع الله هو أعظم استثمار يمكن أن يضعه الشابّ في حياته.
لماذا يحتاج الشباب إلى القرب من الله؟
الشباب أكثر الفئات تعرّضًا للضغوط؛ ضغوط الدراسة، والأسرة، والعمل، والمجتمع، والطموحات الكبيرة. وكل هذه التحديات تجعل الشابّ في حاجة ماسّة إلى سند روحي يخفف عنه صعوبة الحياة، ويمنحه الثبات عندما تشتدّ الرياح.
وحين يبتعد الشاب عن الله، تتراكم على قلبه الهموم، ويصعب عليه التمييز بين الصواب والخطأ، ويصبح أكثر عرضة للوقوع في الفتن والأوهام. أما إذا اقترب من الله، فإنه يكتشف قوة جديدة في داخله، ويشعر بالأمان الذي لا يمنحه أحد من البشر. فالقرب من الله يزرع في القلب نورًا، وفي النفس صدقًا، وفي الفكر نقاءً، وفي المستقبل بركة.
وليس القرب من الله حاجزًا بين الشاب وطموحاته كما يظنّ البعض، بل هو دافع قوي للنجاح؛ لأنه يعلمه الانضباط، ويجعله أكثر استقامة في أهدافه، وأشدّ حرصًا على وقته وعمره.
التقرب من الله لا يأتي دفعة واحدة، ولا يحتاج إلى تغييرات ضخمة بين يوم وليلة. بل يكفي أن يبدأ الشاب بخطوات صغيرة، لكنها صادقة وثابتة:
1. الصلاة في وقتها: فهي عمود الدين، وهي التي تنظم اليوم وتربي النفس على الالتزام.
2. قراءة القرآن يوميًّا: ولو صفحة واحدة، فالقرآن يطهّر القلب ويهدي الفكر.
3. الإكثار من الذكر والاستغفار: فاللسان الذي يذكر الله يظلّ قلب صاحبه حيًّا مطمئنًا.
4. اختيار صحبة صالحة: فالصديق يؤثر على الطريق، والصحبة الصالحة باب خير لا ينتهي.
5. الابتعاد عن مصادر الغفلة: كضياع الوقت في ما لا ينفع، أو التعلق بما يُضعف القلب.
6-.لدعاء: فهو سرّ القرب من الله، وسلاح المؤمن في كل حال.
هذه الخطوات إذا استمرّ عليها الشاب، تغيّرت حياته شيئًا فشيئًا، ووجد أثرها في هدوء قلبه ووضوح طريقه.
أثر القرب من الله على نجاح الشاب
القرب من الله ليس عبادة فقط، بل هو قوة عملية تُثمر نجاحًا في الدنيا قبل الآخرة. فالشابّ الذي يعيش مع الله يُصبح أكثر ثقة بنفسه، وأقدر على التركيز، وأحكم في اتخاذ قراراته. وقد قال تعالى:
وَمَن يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾
وهذا وعدٌ واضح بأنّ التقوى سبب في الفرج والرزق والتوفيق.
كما أنّ القرب من الله يُنقذ الشابّ من القلق والفراغ الداخلي الذي يعاني منه الكثيرون اليوم؛ فهو يمنحه طمأنينةً حتى في أصعب الظروف، ويُعلّمه أن النجاح ليس مجرد مال أو شهرة، بل راحة نفس، ورؤية واضحة، وقلبٌ مطمئنٌّ بالله.
“اللهمَّ خُذ بيدي، واهدِ قلبي، واجعل طريق حياتي ممتلئًا بنورك… فأنا لا أملك قوة إلا بك.”

يا أيّها الشاب… لا تجعل الحياة تُلهيك عن الأصل. كل شيء يمكن أن يتأخر، كل هدف يمكن أن يُؤجل، إلا علاقتك بالله… فهي حياتك الحقيقية. إذا أردت مستقبلاً مشرقًا، فابدأ بصلاح قلبك. وإذا رغبت في نجاح ثابت، فابدأ بتقوى الله. وإذا أردت الطمأنينة، فاجعل الله أوّل ما تذكره وآخر ما يغادر قلبك.
ابدأ بخطوة صغيرة اليوم، وسترى أثرها قريبًا… فطريق النور ينتظر من يسير فيه.