ماذا سيكتب على قبرك؟؟
ماذا سيكتب على قبرك؟؟
الناس صنفان : صنف فقه معنى وجوده في الحياة و أدرك أنه خليفة الله في أرضه و أنّه خُلق لأداء رسالة نبيلة فشمّر على ساعد الجدّ و انبرى يزاحم الصالحين في الأعمال الجليلة مستغلا كل لحظة من عمره في طاعة ربّه. كيف ذلك؟ لسانه ذاكر و قلبه شاكر ، و يده ممدودة بالخير و الإحسان و لما مات كُتب على قبره : هنا يرقد فلان المتصدق أو فلان المحسن أو فلان البار بوالديه و غيرها من عبارات التبجيل التي يستحقها العظماء من أهل الصلاح و صنف لم يرض أن يكون الإنسان الخليفة و آثر أن يعيش حياة الأنعام لا همّ له سوى تنفيذ أوامر نفسه الأمارة بالسوء و تلبية وساوس إبليس اللعين ، و لما مات لم يجدوا له ما يستحقه من تلك العبارات لكتابتها على قبره و يا لها من مصيبة!! و الآن، ماذا قرّرت أنت؟؟ ماذا قرّرت بعد قراءة هذه الكلمات؟؟ فكّر مليا و قل: - “ يا نفس ، ماذا سيُكتب على قبري؟؟ ماذا لو جاءت سكرة الموت بالحق غفلة، هل لي من العمل ما يؤنس وحدتي؟ هل ستُكتب على قبري عبارات التعظيم التي سيذكرني بها الأحياء؟؟أم أنّ قبري سيبقى مجهول الهوية كغيره من القبور المنسية؟". إذن: فكّر مليا و جدّد السفينة فإنّ البحر عميق، و أكثر الزاد فإنّ السفر بعيد ، و احذر أن تعيش عاديا و أن تموت عاديا و اعلم أنّ عبار ات التبجيل المكتوبة على قبور أهل الصلاح و الفلاح ثمنها:" و قل اعملوا" و لا راحة في الدنيا للموتى الخالدين ، و إن كان الأمر لا يهمك فإليك هذه القصة عن واحد ممن استحقت قبورهم أن تكتب عليها عبارات التبجيل ، كيف كان ردّه على سائله و هو على فراش الاحتضار: “دخل المزني على الشافعي رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه فقال: - ” كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟" فقال: -" أصبحت عن الدنيا راحلا، و للإخوان مفارقا و لسوء عملي ملاقيا ، و لكأس المنية شاربا و على ربي سبحانه و تعالى واردا و لا أدري روحي صائرة إلى الجنة فأهنيها أو إلى النار فأعزيها؟!! ثم أنشد: و لما قسا قلبي و ضاقت مذاهبي جعلت الرجا لعفوك سلّما تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود و تعفو منة و تكرّما فلولاك لم يغوى بإبليس عابد فكيف و قد أغوى صفيّك آدما فيا ليت شعري هل أصير لجنة فأهنأ و إمّا لسعير فأندما إذا كان هذا هو حال عالم فقيه ، فكيف هو حالي و حالك؟؟ نحن الذين سوّدنا صحائفنا بالكثير من السيئات؟ ألا يجدر بنا أن ننفض غبار النوم عنا لنلحق بركب العظماء الذين زيّنوا قبورهم بعبارات شاهدات على أعمالهم الجليلة؟؟ وفقني الله و إياك إلى ما فيه صلاحنا في المعاش و المعاد…
